الصحافة

الأمل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب زياد شبيب في "النهار":

صحيح أن القرار الذي صدر عن ديوان المحاسبة اخيرا في موضوع عقد إنشاء مبنى جديد للمسافرين أو Terminal 2 في المطار، جاء بعد أن كان وزير الأشغال العامة قد تراجع عن إجراء العقد، وصحيح أنه رأي استشاري وفق المادة 87 من قانون تنظيمه. لكن هذا الرأي يرتدي أهمية خاصة بالنظر إلى مضمونه وتوقيته.

في التوقيت جاء القرار بعد مرحلة مديدة من فقدان الأمل بالمؤسسات بسبب الانهيار المالي الكبير وشبه انعدام الرقابة والمحاسبة واقتصار معظم الملاحقات من جانب القضاء وهيئات الرقابة على بعض الملفات السهلة أي غير المتمتعة بالغطاء السياسي الطائفي أو الرامية إلى تصفية الحسابات السياسية أو التي ترمي إلى تلميع صورة المؤسسات شبه العاجزة والإيحاء بالجدية.

أما في المضمون فإن الرأي يجمع الغنى والصواب في علم القانون الإداري والمالي. ولهذا سيكون له أثر توجيهي على ما سيأتي من مشاريع وعقود في المرحلة المقبلة التي يُفترض أن تشهد محاولة إصلاح للقطاع العام ونهوض بالمرافق العامة عن طريق الاستثمار فيها بعقود الشراكة أو الامتياز أو غيرها. ومما تضمنه أنه:

- كشَفَ النهج التشريعي القائم على تمرير نصوص في قوانين الموازنات تسمى "فرسان الموازنة" وهي مخالِفة للدستور، والهدف منها تحضير الأرضية القانونية لتمرير ما يصعب تمريره، كما حصل في هذا المشروع من خلال إدخال تعديلات تدريجية على قانون رسوم المطارات.
- شرَحَ الأحكام القانونية التي ترعى العقود العامة والقواعد التي لا يمكن تجاوزها مستقبلاً ولا سيما وجوب اعتماد مبادئ المساواة والمنافسة والعلنية والوضوح، فلا تُعقد نفقة دون اتباع أصول العقد، ولا تُطرح مشاريع دون الإعلان المسبق عنها، ولا يجري تلزيم لا تُتاح التنافسية فيه.
- فتَحَ الملفات والتلزيمات السابقة في المطار والتي تضمنت مخالفات مالية أحالها إلى الغرفة القضائية.

ديوان المحاسبة جزء من القضاء ويشبه هذا الأخير في كونه يضمّ أكثرية صالحة وكفوءة تتألم لما آلت إليه الأحوال العامة وتعاني من قبضة الجماعة الحاكمة التي تحول دون رقابة فعالة على عمل السلطة. وهو يتولى دورًا رقابيًا أساسيًا على إدارة وإنفاق المال العام وهو دور بالغ الأهمية في مرحلة الانهيار الحالية. تَشدّد القانون في سُبُل إنفاق المال العام ووضع قواعد هذا الإنفاق تحت رقابة مؤسسة قضائية تتولى ضبط حسابات الدولة والقطاع العام والتدقيق فيها بصورة لاحقة للإنفاق والرقابة المسبقة على عقود النفقة الخاضعة لهذا النوع من الرقابة ومحاكمة المسؤولين عن مخالفة قواعد الإنفاق العام.

قد يُحمّل البعض ديوان المحاسبة، أو غيره من أجهزة الرقابة، المسؤولية عن مصير الأموال العمومية لأن القانون أناط به صلاحية "السهر" على تلك الأموال، وذلك في المادة الأولى من قانون تنظيمه: "ديوان المحاسبة محكمة ادارية تتولى القضاء المالي، مهمتها السهر على الاموال العمومية والاموال المودعة في الخزينة".

ولكن هذه المادة وضعت صلاحيات محددة لممارسة الديوان مهمته وذلك:
- "بمراقبة استعمال هذه الاموال ومدى انطباق هذا الاستعمال على القوانين والانظمة المرعية الاجراء.
- بالفصل في صحة وقانونية معاملاتها وحساباتها.
- بمحاكمة المسؤولين عن مخالفة القوانين والانظمة المتعلقة بها."

بالتالي إن ديوان المحاسبة، وهو سلطة رقابية، لا يُسأل عن أفعال الجهات الإدارية الخاضعة لرقابته بمجرد إخلال هذه الجهات بواجباتها في إدارة الأموال العامة طالما أنه يقوم بواجباته الرقابية عبر الأطر المحددة في القانون، كما حصل بإصداره الرأي الأخير.
استقلال القاضي يصنع الأمل وهو يتحقق بأداء الواجب، دون خوف من القوي ودون استقواء على الضعيف، والقرارات الكبرى في التاريخ القضائي تثبت ذلك.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا