تعليق مؤقت للرحلات الجوية في موسكو وأنحاء روسيا بسبب هجمات أوكرانية
الدولة اللبنانيّة ترمي اللاجئين السّوريين في فم الأسد: النازحون السوريون احتلال سياسي بعد الديمغرافي ...سجل يا تاريخ!
على غرار منهج الدول المارقة في دسّ الخدع التحريضية المبتذلة، لتصويب المساءلة العامة بعيدًا عنها، تسعى السّلطات اللبنانيّة اليوم وبكل أجهزتها لدسّ فتنة اللاجئين السّوريين مجددًا، لتشويش الرأي العام اللبنانيّ ودرأ الشبهات عنها، عبر إلقاء كافة الأزمات على عاتق اللاجئ، ومن ثم اعتقاله ورميه على الحدود كبادرة "حُسن نيّة" لاستعادة الثقة الشعبية المتململة، ولاحقًا خلق التوليفة المناسبة لابتزاز المجتمع الدوليّ والحقوقي، لشحذ المزيد من مال المساعدات. لعلّه هذا باختصار ما ترمي إليه السّلطة في استعراضاتها الأخيرة، المتمثلة بحملات أمنيّة زجريّة على امتداد الأراضي اللبنانيّة لاعتقال وترحيل كل لاجئ دخل خلسةً إلى أراضيها والحال أن هذه الحملات الأخيرة، والممتدة منذ الأسبوعين ونيف، قد أفضت في محصلتها إلى مأزق إنساني وأخلاقي وحقوقي بحت. فاللاجئون الذين لفظتهم الدولة اللبنانية على الحدود، تلقفهم فمّ الأسد على النحو الذي يقتضيه السّيناريو المتوقع.
حملة ترحيل جماعية
فبعد سوقهم من مكان سكنهم في محلة قرنايل (قضاء بعبدا – محافظة جبل لبنان)، وتركهم عند نقطة المصنع الحدودية، ضمن حملة الترحيل الجماعيّة القسريّة بقيادة مخابرات الجيش اللبناني، راجت أخبار مفادها اعتقال قوات نظام الأسد لكل من اللاجئين السّوريين إيهاب نادر (35 سنة) ونادر نادر (31 سنة) ومن ثم نقلهما إلى معتقل تابع لأحد الفروع الأمنية في العاصمة السّورية دمشق ، أمس الإثنين 24 من نيسان الجاري. والمعتقلان بحجة تخلفهم عن الخدمة العسكرية هما شابان من منطقة السويداء جنوبيّ سوريا، دخلوا خلسةً قبل سنوات إلى الأراضي اللبنانية برفقة مجموعة من اللاجئين الآخرين. ولا تزال المفاوضات بين النظام السّوري وعائلة الشابين قائمة، فيما توعدّت الأخيرة بتصعيدٍ محتمل في حال لم يُطلق سراحهما.
والشابان ومثلهما العشرات ممن رحّلوا في غضون الأيام الأخيرة، تمّ اعتقالهم مباشرةً، وبات مصيرهم مجهولاً. إذ علمت "المدن" من خلال مصادر أمنيّة ومصادر مقربة من ذويّ اللاجئين المُرّحلين، أن عشرات اللاجئين تمّ توقيفهم منذ يومين لم يُسمع خبرٌ عنهم للآن. وفي هذا السّياق يُشير أحد المقربين من اللاجئ السّوري ن. ر. (31 سنة) والذي اعتُقل وأسرته نهار الأربعاء الفائت 19 نيسان الجاري، من منزلهم في برج حمود لترحيلهم، تمّ اعتقاله على يدّ المخابرات السّورية مجدّدًا بصحبة عدد يتراوح بين العشرين والثلاثين لاجئاً، فور فتح الحدود، فيما اختلفت مسوغات الاعتقال بين المطلوبين لدى النظام بجرائم جنائية أو بحكم قضائي وبين المتخلفين عن الخدمة العسكرية والمنشقين عن جيش النظام. فيما نُقلت أسرهم إلى الداخل السّوري.
التخوف من الترحيل
ويعبّر المصدر عن تخوفه على حياة قريبه من "التعذيب في سجون مخابرات الأسد أو سوقه الإجباري للخدمة في صفوف الميليشيات أو النظام"، مشيراً إلى أن الشبان الموقوفين "ينحدر معظمهم من مختلف المناطق السّورية وتحديدًا من إدلب وحمص". هذا التخوف يعيشه اليوم عشرات آلاف السّوريين في لبنان سواء أكانوا دخلوا خلسةً أو حتّى بصورة قانونيّة. خصوصاً أن حوالى 78 بالمئة من السوريين في لبنان لا يحملون أوراق إقامة (حسب تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية العام الماضي) ويُضيف المصدر: "لم يكن أمام قريبي أي خيار، وكذلك نحن، هربنا من نظام الأسد عبر المعابر غير الشرعيّة، واليوم نعيش الفاقة الاقتصادية ورداءة الظروف المعيشية، فيما لم نستطع إنجاز أوراق الإقامة بسبب صعوبتها وتكلفتها العالية بين الأمن العام والسماسرة".
ولما كانت السّلطات اللبنانيّة قد أطلقت هذه الحملة بُعيد تفاقم خطاب العنصريّة والكراهية إعلامياً وسياسياً رسمياً وشعبياً، وتحميل اللاجئين مسؤولية الانهيار المستفحل، متسلحةً بذريعة إثارة اللاجئين للقلاقل الأمنيّة، ومصرّةً على مناهضة القوانين الدوليّة والإنسانية لمصلحة الأسد حليف معظم مكونات السلطة بلبنان، على حساب اللاجئين وحياتهم وحقوقهم في العودة الآمنة والطوعية. هذا وناهيك بالخطر المحدق بعملية تسليم المطلوبين لدى النظام، من انتهاكات شنيعة تصلّ حدّ القتل والتعذيب والاحتجاز التعسفيّ الذي وثقته الجمعيات المعنيّة والمتابعة لهذا الشأن، فيما تُحمّل منظمات وشبكات إنسانية سورية ودولية الحكومة اللبنانية مسؤولية ما سيتعرض إليه المجبرون على العودة إلى سوريا من انتهاكات "شنيعة" من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
مسوغات الترحيل
في هذا السياق، أشار مصدر أمنيّ لـ"المدن" أن الاعتقالات التّي تنفذها مخابرات الجيش مبنية على إخباريات من البلديات التّي تستوعب اللاجئين ضمن أراضيها. وأضاف المصدر أن "غالبية اللاجئين الداخلين خلسةً إلى الأراضي اللبنانية، قام بتسهيل دخولهم مهربون من التابعية اللبنانية والسّورية على حدٍّ سواء، والجيش يعمل على الإطباق على كل هؤلاء المتورطين أسوةً بالترحيلات التّي يقيمها".
ومنذ استعادة قوات الأسد السّيطرة على مختلف المناطق على امتداد البلاد، تمارس دول عدّة من بينها الأردن وتركيا وعدد من الدول الأوروبية ولبنان، ضغوطاً لترحيل اللاجئين من أراضيها بحجة استتباب الوضع الأمنّي وانحسار المعارك في سوريا، هذا فضلاً عن واقع تقليص المساعدات الإنسانية بُعيد الحرب الروسيّة على أوكرانيا. فيما عبّرت المنظمات الدوليّة مرارًا، ومن مجملتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بأن عودة اللاجئين قسرًا ليست آمنة، خصوصاً بما يتعلق بالظروف الاقتصادية الصعبة والملاحقات والاعتقالات التعسفية. ومع ذلك يستأنف لبنان خطته لإعادة اللاجئين "طوعًا". هذه الخطة التّي جاءت بإيعاز من الحكومة اللبنانية موكلةً الأجهزة الأمنيّة بمواكبة العودة التّي تجري وفق تنسيق الأمن العام واللاجئين المتقدمين بطلبات. والمفارقة أن حصيلة هذه العودة كانت 22 ألف لاجئ سوري فقط، فيما عددهم في لبنان يناهز المليونين (حوالى 800 ألف مسجلين لدى المفوضية). وهذا مؤشر جليّ على خوف اللاجئين من العودة إلى حضن الأسد، الذي قتلهم ونكّل بهم أمنيًّا واقتصاديًا وسياسيًا.
العيش مع الخوف الدائم
وبالرغم أن لبنان لم يوقع على "اتفاقية اللاجئين لعام 1951"، فهو ملزم بمبدأ عدم الإعادة القسرية الوارد في القانون الدولي العرفي، وعدم إعادة أي شخص إلى مكان يمكن أن يتعرّض فيه للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة، أو تكون فيه حياته مهددة، بموجب قانون حقوق الإنسان. وفيما تتذرع السّلطات اللبنانيّة بأن اللاجئين المرحّلين هم من المتورطين بدخولهم الأراضي اللبنانية خلسةً، أو التجول من دون أوراق قانونية، أو انتهاء إقامتهم (من دون أن تراعي فيهم المُهل القانونيّة مرعية الإجراء كمهلة الشهر أو دفع الغرامات)، موجهةً لبعضهم تُهماً جنائية كالسرقة، وتجارة السلاح، والمخدرات، والقتل. من دون الالتفات لظروفهم السّياسيّة في الداخل السوريّ.
"عايشين على أعصابنا ومتخبيين دائمًا". هذا باختصار ما أجمعت عليه معظم الأسر التّي تواصلت معها "المدن"، للتعبير عن خوفها المزمن من وصول الحملات الأمنية التعسفية إليها.. وفيما تمعن السّلطة اللبنانية اليوم بتنصلها من جريرتها في وضع اللاجئين المزري، بل وتعمد إلى مفاقمة الأعباء عليهم وطردهم بظروف أقلّ ما يُقال عنها باللاإنسانيّة، يغيب دور المنظمات الدوليّة وعلى رأسها المفوضية التّي لجأ إليها شطر لا يُستهان به من اللاجئين المتوجسين، فقابلتهم بالجواب المُكرر "لا نزال نفاوض الحكومة ولا يمكننا مساعدتكم إلا إذا اعتقلتم"، حسب ما أشاروا.
"المدن"
على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي نقرأ عشية الذكرى 18 لخروج جيش الإحتلال السوري من لبنان رسائل تهديد ووعيد وشتائم بحق الجيش اللبناني الذي كان ولا يزال يؤمن الحماية الأمنية لكل النازحين في المخيمات، وتسجيل صوتي ظهر فيه المعارض السوري كمال اللبواني وهو يتهدد ويتوعد لبنان دولة وشعبا بصورة فاقدة لكل قواعد اللياقات والأخلاق والعرفان بالجميل للبنانيين الذين استقبلوا النازحين السوريين هربا من جحيم نار نظامهم.
حصل ذلك على خلفية حملة المداهمات التي قام بها الجيش اللبناني الأسبوع المنصرم على المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك برج حمود في بيروت، وعمل على ترحيل عشرات اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية إلى سوريا.
الخطوة جاءت وفقا للقرار الصادر عن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان عام 2019 كونه يمثل الهيئة المسؤولة عن تنفيذ استراتيجية الدفاع الوطني اللبنانية، وتضمن تعليمات للأجهزة الأمنية بترحيل السوريين الذين يدخلون لبنان عبر المعابر الحدودية غير الشرعية. لكن يبدو أنها حركت خلايا النازحين السوريين الذين لا يملكون بغالبيتهم أوراقا ثبوتية ولا حتى بطاقات موقعة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مما يؤكد أنهم لا يحملون صفة نازحين وهم يدخلون البلاد عبر الحدود غير الشرعية ويخرجون منها أيضا بطريقة غير شرعية.
وبعد إطلاق الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الإحتلال الديمغرافي التي أعلن منسقها العام النقيب مارون الخولي أن ثمة مؤامرة دولية لإبقاء النازحين السوريين في لبنان وعليه يجب تحصين البيت الداخلي قبل التوجه إلى المحافل الدولية وما عداه يكون مضيعة للوقت. أيضا ومع انطلاق خطة تنظيم تحرك ووجود النازحين في المناطق بقرار من المحافظين بدأت ردود الفعل على الأرض، تظهرت في الأيام الأخيرة على شكل توترات أمنية وافتعال أحداث أمنية فردية سواء داخل أحد الملاهي الليلية في منطقة الكسليك وسرقات متعددة في عدد من مناطق المتن عدا عن الإعتداءات المتكررة على الكنائس ودور العبادة وسرقة أجراس الكنائس. وقد تمكن الجيش اللبناني بالتعاون مع القوى الأمنية من توقيف الفاعلين.
لكن يبدو أن قلوب مجموعات لا يستهان بعددها من النازحين "مليانة" حقداً وغضباً على القرارات التنظيمية التي اتخذتها قيادة الجيش والمحافظين فكان القرار المفاجئ عشية ذكرى خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان عبر صفحات مستحدثة لمجموعات من النازحين السوريين يدعون فيه السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية بالتحرك والنزول إلى التظاهرة المقررة عند العاشرة من صباح الأربعاء 26 نيسان أمام مفوضية اللاجئين في منطقة الجناح في بيروت إحتجاجا على الصمت المدقع من قبل القيمين على "ما يتعرض له النازح السوري من عمليات ترحيل". وطالب منظمو هذه الحملات من النازحين السوريين تلبية الدعوة والتوجه بواسطة الحافلات إلى مكان التجمع.
الأكيد أن لا مرجعية رسمية لهذه التسجيلات وحتى البيانات بحسب مصادر مطلعة، لكن ثمة معلومات أمنية تؤكد أن حتى ساعات بعد ظهر اليوم لا يزال التحرك قائما، على رغم الإتصالات المكثفة التي تقوم بها المراجع الأمنية العليا. وفي السياق، تسال عن عدم صدور أي توضيح من قبل وزارة الداخلية في هذا الشأن. "وإذا صح أن التحرك سيحصل صباح غد للضغط على الجيش اللبناني ومواجهة القوى الأمنية التي تقوم بمهامها وفق القوانين المرعية فهذا يعني أن هناك مخططا من قبل حلفاء النظام السوري للإمساك بالنفوذ السياسي من خلال النازحين السوريين ونزولهم إلى الشارع بعد الإحتلال الديمغرافي . وتلفت المصادر إلى أن أي تحرك للنازحين السوريين في الشارع يشكل خرقا لقانون النزوح واللجوء، إذ يمنع عليهم القيام بأية تظاهرة سياسية فكيف إذا كان الهدف منها ضرب الإستقرار الأمني والسياسي في البلاد؟
وردا على التحرك غير الشرعي للنازحين السوريين صدر بيان يحمل توقيع الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الإحتلال الديمغرافي يدعو فيه"اللبنانيين المقاومين إلى التظاهر في نفس المكان والزمان لتظاهرة النازحين بدءا من الساعة العاشرة صباحا لمواجهة غطرسة المحتل ...لبوا النداء".
والسؤال الذي يطرح هل يكون لبنان عشية الذكرى 18 على خروج الجيش السوري من لبنان أمام استحقاق أمني جديد أم تتلقف القوى الأمنية ووزارة الداخلية الأمر قبل أن تتغير مشهدية هذا اليوم في تاريخ لبنان؟
على مقلب الأخبار التي تكشف عما يتم التحضير له سرا في ملف النزوح السوري نقرأ التالي: " تقوم جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية(pard) وبتمويل من المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي تحت مظلة برنامجUN-HABITAT بإجراء مسح لما يعرف ب"حقوق السكن والأرض والملكية" للاجئين والنازحين في لبنان لتمكين اللاجئ والنازح داخل لبنان من الحصول على أداة "ملكية الحيازة الإجتماعية" التي تعطي الحق بالتملك على الشيء على رغم عدم امتلاكه حينما لا يكون هناك معوق قانوني (مشاع بلدي، سكن في أرض زراعية، ناطور) وهذا يعتبر نوعا من المصادرة. وطُلِبَ من المخاتير عدم التجاوب مع هذا المسح وتلك الإستمارة كذلك جرى تبليغ أصحاب الأراضي التي يتواجد فيها نازحون سوريون عدم التجاوب مع هذا الأمر". فهل من يتعظ؟ وهل سيكتب تاريخ 26 نيسان 2023 حكاية احتلال أو دحره من جديد؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|