ديبلوماسية عبد اللهيان: ماء وفير في خمر الحزب!

لا تزال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان تحظى باهتمام سياسي بالنظر إلى مجموعة الرسائل التي سُجّلت في صلبها وعلى هامشها، وهي جلّها رسائل ناعمة تعكس وجها إيرانيا جديدا على مستوى الإقليم ومناطق النفوذ، من اليمن فالعراق إلى سوريا ولبنان.
ونُقل عن عبد اللهيان قوله لسائليه عن الإتفاق السعودي - الإيراني ومفاعيله إقليميا ولبنانيا، أن طهران كانت واضحة في أنها لا تتدخّل في شؤون الدول، وأنها أعلمت الرياض بأن علاقتها مع صنعاء يجب أن تستوي بحوار ثنائي مباشر وحصريّ يضع أسس الحلّ المستدام وينهي النزاع.

وكان لافتا أنه سمّى الإتفاق بإتفاق إطار وأنه يعمل في سياق تدرّجي، وأن المنطقة كلها ستستفيد منه ومن مفاعيله، من دون إغفال عامل الوقت.

وفي الشأن اللبناني، تحدث عن أهمية التوافق بعيدا من التحدّي، وأنه السبيل الأنسب والأصح لانتخاب رئيس جديد. وهو ما عاد وكرّره علنا أمس بقوله إنّ "إيران سترحّب بأي شخصية لبنانية مرموقة تصل إلى سدة الرئاسة اللبنانية بالتوافق". ويكون عبد اللهيان بذلك قد خرج كليا عن سردية حزب الله الرئاسية، لا بل ناقضها وسكب الكثير من المياه في خمرها، الامر الذي أتى على نقيض كثر من قيادات الحزب.
وسبق لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين أن رفعا تهديدا واضحا للمسيحيين بأنّ عليهم الإنخراط في التسوية التي يسوّق لها الحزب مع الفرنسيين، وهي تسوية سليمان فرنجية، حتى لا يجدوا أنفسهم في ظروف مشابهة لبداية التسعينات. وهو ما كرّره أيضا فرنجية نفسه، قبل أن يعود قاسم ويستدرك، مفسّرا تهديده بأنه دعوة "إلى مقاربة إيجابية للاستحقاق الرئاسي، وهذا يعني أن يقدّم كل طرف مرشحاً لنكون أمام خيارات متعدّدة، ونناقش بعضنا بعضاً في حوار بنّاء، علّنا نتمكّن من ردم الهوّة وإيجاد قواسم مشتركة وإنجاز الاستحقاق سريعاً"، لافتا في الوقت عينه إلى ضرورة "الإقلاع عن المقاربة السلبية التي تكتفي برفض الاسم الذي نطرحه، من دون أن يقدّم الرافضون اسماً في المقابل. هذه المقاربة السلبية لا تحقّق الإنجاز المطلوب وتوتّر الأجواء السياسية وتبقى في دائرة المماحكة والشعبوية، فيما إنجاز الاستحقاق يتطلّب مقاربات إيجابية".