المدقق المالي يشلّه الرعب أمام الأوروبيين وسلامة لن يمثل
ساعات "مرعبة" قضاها المدقق المالي، سمعان غلام، مرتجفاً داخل قصرالعدل ببيروت، بعدما سيطر عليه الخوف أمام الوفود القضائية الأوروبية، التي حددت جلسة استجوابه في قضية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، اليوم الثلاثاء 2 نيسان.
200 ألف دولار
وسمعان غلام، هو صاحب شركة "سمعان غلام وشركاهم" للتدقيق المالي. والموكل إليها بالتدقيق في حسابات مصرف لبنان المركزي منذ عام 2000. وجميع المعطيات تشير إلى أن علاقة "متينة" بُنيت على الثقة جمعت حاكم مصرف لبنان بصاحب شركة غلام.
ففي تشرين الثاني عام 2021، أعدت هذه الشركة، بطلب من حاكم مصرف لبنان، التقرير الذي تضمن التدقيق في حساباته، والذي سلّم في 19 تشرين الثاني إلى نجيب ميقاتي، رئيس مجلس الوزراء، ليتبين بعدها أنه تقرير يهدف إلى "تلميع صورة سلامة" أمام الرأي العام.
وساعات الاستجواب الطويلة أظهرت قيمة المبالغ التي يقدمها سلامة لشركات التدقيق المالي مقابل الحصول على "خدماتهم". وتبين أن تكلفة "تلميع صورة سلامة" أمام الرأي العام قد بلغت مئات آلاف الدولارات. إذ صرّح غلام أنه تقاضى مبلغ 200 ألف دولار أميركي مقابل إعداد هذا التقرير عام 2021.
التنصل من المسؤولية
وحسب المعطيات، فإن جلسة الاستجواب تحولت إلى ساعات من الملل، بعدما حاول غلام التنصل من مسؤولياته في تدقيق حسابات مصرف لبنان ليكرر إجابة واحدة فقط: "لا أعلم، لا أذكر، لا أعرف".
في واقع الأمر، يمكن القول إن غلام قد يكون شريك سلامة الذي سهّل له وسائل التحايل على الحسابات، وطمس الأرقام الحقيقية، من أجل تسهيل عمليات تبييض الأموال. لذلك تمنع عن تقديم أي معلومة واضحة أمام الوفد الأوروبي. والمؤكد منه أنه يعلم الكثير عن التحويلات المالية التي جرت داخل مصرف لبنان. لذلك سيطرت عليه حالة من الرعب طوال هذا اليوم.
ففي تمام الحادية عشر صباحاً، جلس في الطابق الخامس، منتظراً انتهاء جلسة الاستماع لوليد نقفور،الذي يترأس فريق التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان عن شركة "إرنست أند يونغ"، وبدا مربكاً من الدخول إلى قاعة الاستجواب. فحاول السيطرة على ملامح وجهه، إلا أنه لم يتمكن من السيطرة على قدمه، التي بقيت تهتز بعصبية طوال فترة انتظاره خارج القاعة.
حالة الخوف والتوتر رافقته إلى داخل القاعة، فتلعثم مرات عديدة، وظهر صوته متقطعاً وخافتاً، واختلطت الأحرف بطرق غير مفهومة. ونجحت الوفود الأوروبية في "استغلال" خوفه، فهددته بإعادة استجوابه مرة أخرى في حال لم يظهر تعاوناً واضحاً معهم طوال المرحلة الثالثة من التحقيقات.
وحسب مصدر قضائي، فإن الوفود الأوروبية طرحت على غلام حوالى 50 سؤالاً، ولكنه كرر عبارة واحدة فقط "أنا لا أعرف". الأمر الذي "استفز" القاضية الفرنسية أود بوروسي، التي اعترضت على إجاباته أمام الوفود الأوروبية باللغة الفرنسية قائلة: "كيف لا تعلم؟ لا يمكن!".
ولكنها لم تكتف بإظهار امتعاضها منه، بل قالت له بصريح العبارة: "إن كنت تظن أن تكرارك لهذه العبارة ستنجيك من التحقيق فأنت مخطئ. لدينا جميع المستندات وستُقدّم لنا جميع المستندات والتقارير المفصلة".
الدهشة والاستياء
وحسب مصدر قضائي لـ"المدن": "الوفود الأوروبية باشرت في سؤاله عن علاقته برياض سلامة، فأجاب أنها علاقة عمل فقط منذ عام 2000، وأنه التقى المصرفي مروان خير الدين مرة واحدة لمدة ساعتين فقط".
وبناءً على طلب الوفود الأوروبية، شرح غلام طبيعة عمله مع المصرف المركزي. إذ صرح أنه مسؤول عن التدقيق في حسابات مصرف لبنان "بصلاحيات محدودة". ووفقاً لكلامه، "فلا صلاحية له بإبداء الرأي في هذه الحسابات أبداً. لذلك لا يملك أي معلومات عن حسابات شركة فوري".
وبالرغم من تعامله مع حاكم المصرف لعقود طويلة، إلا أنه تنصل من صلاحياته كمدقق في الحسابات قائلاً: "لا أعلم كيف حُولت الأموال من مصرف لبنان إلى الخارج، ولا أملك أي تفاصيل عن البلد الذي حولت إليه".
وهنا، حاولت الوفود الأوروبية أن تظهر بعض من المعطيات التي تملكها، فأبرزت أمامه تفاصيل 3 تحويلات مالية جرت عام 2021، يرجح بأن عملية تبييض الأموال جرت خلال هذه الفترة، وطلبت منه تقديم التفاصيل عنها. فأجاب "لا أعرف ولا أذكر"، كما أنه "لا يعرف إن كان المال الذي حول إلى الخارج هو مال عام أو مال خاص".
ومن الواضح أن غلام حاول التهرّب من جلسة الاستجواب، خصوصاً بعدما طلبت منه بوروسي تفاصيل دقيقة عن حسابات رياض سلامة في لبنان، بعدما تبين معها أنه يملك حساباً واحداً بالدولار، وحسابين باليورو. واللافت أنه لا يملك أي حساب بالليرة اللبنانية. وهنا طلب غلام أن يحصل على إذن من موكله القانوني لتقديم المعلومات، وبعد حوالى 10 دقائق رفض معتذراً عن تقديم هذه المعلومات، متذرعاً "بالسرية المصرفية، والأخلاق المهنية".
وطوال جلسة الاستجواب، بدت "الدهشة" و"الاستياء" على ملامح الوفود الأوروبية، الأمر الذي دفع ببوروسي أن تطلب منه "استجماع ذاكرته" حتى يوم الخميس المقبل، وأن يبرز التقارير المفصلة عن جميع الأسئلة التي صرح فيها أنه "لا يذكر تفاصيلها".
سلامة يحسم خياره..
ولا شك أن رياض سلامة يعلم جيداً مخاطر التوسع في التحقيقات، ويدرك أن موعد الادعاء عليه بات قريباً. فقد علمت "المدن" من مصادر مقربة منه أنه "حسم خياره وقرر عدم المثول أمام القضاء الفرنسي في الخامس عشر من أيار الجاري". وتابع المصدر، أن سلامة "متأكد من أن بوروسي ستمنعه من العودة إلى لبنان، تماماً كما فعلت مع خيرالدين، لذلك لن يمثل أمامها".
وهنا يجب أن نوضح أنه على عكس ما نشر في بعض وسائل الإعلام التي حاولت "تبرئة" خيرالدين، فإن إخلاء سبيل الأخير تضمن تعهده بالمثول أمام القضاء الفرنسي كل شهرٍ. وحسب مصدر قضائي لـ"المدن": "المصرفي خيرالدين تعهد بالمثول كل يومين أمام بوروسي في فرنسا خلال مرحلة توقيفه، وتعهد مرة أخرى بالمثول أمامها في فرنسا في بداية كل شهر، لذلك أخلي سبيله".
أخيراً، يوم غد الأربعاء، 3 نيسان حددت جلسة استجواب شقيق الحاكم، رجا سلامة. وبالرغم من تأكيده أمام القضاء اللبناني بحضور جلسته، إلا أن قرار تبليغه لم يعد إلى دائرة قاضي التحقيق شربل أبو سمرا، ما يعني أنه "قانونياً" لم يتبلغ بعد!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|