السورية أمينة الدالي..ضحية جديدة للعنف ضد المرأة في لبنان
يستمر عدّاد جرائم قتل النساء بشكل شبه أسبوعي، مقابل استمرار حملات الإعلام والمناصرة المتعلقة بقضايا النساء والفتيات في تقديم محتويات ورسائل وادانات متنوعة للأنظمة الذكورية القاتلة، ويكاد يكون هذا العدّاد الثابت الوحيد أمام الخطابات المكثفة التي تقدمها الجهات المدعومة فعلياً لإعلاء الصوت حول أهمية حماية النساء والفتيات من شتى أنواع العنف.
يوم الأربعاء، قتلت الشابة السورية أمينة الدالي (24 عاماً)، في بلدة البزالية في البقاع الشمالي، على يد شقيقها الذي ضربها بأداة حادة على رأسها. وفي الأسابيع التي سبقت هذه الحادثة، رُصد أكثر من 15 حالة قتل في بلدان عربية مجاورة، لكن ما الجديد في الخبر؟
في الواقع لا جديد سوى أن أمينة أصبحت بعد دفنها رقماً جديداً يُضاف إلى تقارير قوى الأمن الداخلي التي توثق حالات قتل النساء الشهرية والسنوية، والتي ترسلها الى مجموعات حقوقية ممولة برصيد محدد من أجل إعلاء الصوت وإدانة القوانين والسياسات التي لا تحمي النساء والفتيات، لتصبح لاحقاً رقماً مكتوباً ببنط عريض في مواقع التواصل الاجتماعي، يُضاف إلى منشور أو فيديو أو انفوغرافيك مصمم بجودة عالية وباحترافية موظف(ة) مبدع(ة) في العمل.
وعلى الرغم من أهمية المساعي التي تحاول ناشطات وصحافيات نسويات ومنصات بديلة تحقيقها وفرضها لجهة توثيق جرائم القتل ومعالجة أسبابها وطرح خطابات تعرّي السلطة الحاكمة بأمر العنف، إلا أنّه غالباً ما تصبح هذه الأرقام أساساً متيناً لبناء حملات إعلامية تتجدد مع تجدد أرقام ترتفع وتتضخم، لتترك لاحقاً في الأرشيف، وتتحول، عند البعض، إلى فرصةٍ تدرّ مزيداً من التمويل.
وفي كل مرة تُقتل امرأة أو فتاة، يستعيد الجميع السؤال نفسه، لماذا لا تزال النساء تقتل بالطرق والأساليب نفسها، بل تزداد أعداد المعنفات والضحايا، رغم عقودٍ من حملات المناصرة والتوعية والضغط؟
لعلّ الجواب هو غياب التجذّر الاجتماعيّ للحملات المناهضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، في مواجهة الموت المجاني الذي يحلّ في صفوف النساء.
ففي حين أن إيقاف الموت أو مواجهته، ليس مسؤولية الحملات، إلا أن سبباً من أسباب قصور معالجتها يعود غالباً إلى سعيها لمعاينة النتائج بدلاً من التركيز على مواجهة الأسباب البنيوية للعنف التي يعززها نسق متكامل تتقاطع فيه الفروق والتمايزات الطبقية والجندرية والمناطقية والعرقية.
يبدو أحياناً وكأنّ الحملات النسائية والنسوية والحقوقية تدور في فلك نفسها، مُغتربةً عن الواقع اليومي ذي التركيبات المعقّدة لنساء وفتيات يعانين من قمع مضاعف، ولا يلغي مفاعيله تعديل مادة هنا أو اتفاقية ذات مضمون حقوقيّ مع جهاز دولتي هناك.
فالنساء اللواتي يسكنّ في مناطق نائية كالبقاع وغيره من الأماكن البعيدة عن رفاهية الاعلام والوصول إلى المعلومات والانترنت، أي بمعنى آخر المهمّشات منهنّ، يعشن في عالم مختلف عن العالم الذي تتنافس فيه جودة الأفكار المبتكرة، وبعيدة كل البعد من شركات الإنتاج التي تتبع نمطاً إسقاطياً مبسّطاً لا يشبه قضايا المهمشات والمحرومات من الحقوق والحماية بشتى أنواعها. فكيف إذا كانت المقتولة من منطقة مهمّشة وطبقة مضطهدة وتحمل جنسية يُمارس، منهجياً، تمييز ضدها؟
بالعودة إلى جريمة القتل التي شهدها البقاع الشمالي، الأربعاء، وفي ظل موجة خطاب الكراهية الراهنة ضد اللاجئين واللاجئات، يبدو أنّ العبثية في آلية المواجهة ما زالت هي السائدة، إذ لا يمكن، وبغضّ النظر عن النوايا الحسنة للناشطات وجهودهنّ الحثيثة، الاتكّال على طرق المواجهة ذاتها مع العنف المنتشر، وربّما يقتضي الأمر تفكيراً من نمطٍ مختلف يعيد الاعتبار إلى تجذّر النضال النسوي والاجتماعيّ باستقلاليةٍ عن أجندات المموّل المبسّطة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|