الصحافة

ملف الرئاسة "مكانك راوح"... ماذا وراء ترك الرئاسة للّبنانيّين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على رغم الأجواء المتقدمة والقناعة المتوافرة، لدى حزب الله، بأن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بات الرئيس الرابع عشر لجمهورية لبنان ما بعد الاستقلال وأن المسألة مسألة وقت، فالوقت كفيل بتليين المواقف الداخلية، خصوصا التيار الوطني الحر، بحسب تعبير المصادر العليمة ذات الصلة، إلا أن المواءمة المطلوبة بين التأثيرات الاقليمية البديهية والمجريات المحلية، لم تُنجز كلياً حتى الآن، خصوصاً أن المُخرجات الاقليمية لم تبلغ بعد نهاياتها، في مجمل الملفات، بمعنى أن مفاعيل الاتفاق السعودي- الايراني الموقع في بكين في ١٠ آذار الماضي، وإن كانت أرست تهدئة أكيدة، ودخولا ميمونا في مسار حل على مستوى ملف اليمن، إلا أنه على المستوى السوري، لا تزال الأمور متأرجحة في الميزان، بين الكفة العربية، والكفة الايرانية، وأن توازن هذا الملف السوري، يستلزم بعض الوقت والاتصالات، خصوصا بعد الذي ظهر من نتائج للقمة الايرانية السورية في دمشق مطلع هذا الاسبوع، من جهة، ومن جهة ثانية، في خضم الاتصالات السعودية- القطرية، والاتصالات العربية ككل القائمة عبر القاهرة والأمانة العامة لجمعة الدول العربية، وبالتالي فإن المواءمة في الملف الانتخابي الرئاسي اللبناني، ستنتظر بعض الوقت، الى ما بعد إرساء التوازن في الملف السوري على المستوى الاقليمي، حيث ستكون مسألة عودة سوريا الى جامعة الدول العربية او ما يسمى الحضن العربي، على طاولة اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد في القاهرة، وهو من الاجتماعات الممهدة للقمة العربية في جدة في المملكة العربية السعودية في التاسع عشر من هذا الشهر أيار...


في الغضون، على المستوى اللبناني المحلي، الاتصالات مستمرة في موازاة الاتصالات الاقليمية سواء كانت فرنسية سعودية، او قطرية فرنسية سعودية، او مصرية خليجية، والبارز في الحراكات اللبنانية الداخلية هو جولة نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب، المظللة أو المباركة بتأييد رئيس البرلمان نبيه بري، فبعد حارة حريك وبكركي و"التجدد" وميرنا الشالوحي(بديهيا)، ومعراب والصيفي، قصد بوصعب بنشعي أمس حيث "لمس من رئيس المردة سليمان فرنجية كل الانفتاح للتواصل والحوار والتفاهم مع جميع الأفرقاء المختلفين، للجلوس مع بعضهم البعض والتحاور حول القيم التي يمثلها كلّ منهم". وزاد بوصعب: "طالما لا شروط مسبقة من جميع الأفرقاء، وهذا ما لمسته خلال جولتي، فبالإمكان مدّ جسور التواصل". بوصعب كرر الاشارة الى ان اللقاء مع فرنجية كان إيجابيا وهو منفتح على الجميع ومن دون شروط مسبّقة.

ولفت بوصعب الى أنه سيعود للقاء فرنجية بعد انتهاء جولته، للتشاور حول كل الأمور...


وهنا نشير، الى أن الياس بوصعب، كان قد قال الجملة نفسها في معراب بعد لقائه الدكتور جعجع مساء الأربعاء، حيث صرح: سأعود للقاء رئيس القوات اللبنانية بعد سلسلة من لقاءات الجولة.

في أي حال، ومن دون أن نغفل مبادرة أخرى يتولاها النائب غسان سكاف، التي يحاول عبرها الوصول الى إسم مرشح تُجمع عليه المعارضة والتغييريون للنزول به الى البرلمان في مقابل فرنجية، فعلى ما يبدو، أن الحراك الداخلي، يأخد وقته، لا بل يعبئ الوقت، الى حين تبلور نتائج خارجية وأجواء اقليمية أكيدة من مفاعيل الاتفاق السعودي الايراني، وبعدها لكل نتيجة حديث مؤكد. لكن الأكيد محليا الآن، بحسب المشهدية الداخلية الحالية، فإن الدينامية لدى الجهة الداعمة لسليمان فرنجية، وبعد تفسير مواقف السفير السعودي وليد البخاري في لبنان في الأيام الخمسة الماضية بأن ليس للمملكة فيتو على أي مرشح وعلى اللبنانيين الاسراع بالانتخاب، فإن هذه الدينامية (الممانعة)، تسري إعلاميا ومنبريا وحتى سياسيا، وكأن نجاح خيارها حاصل.


في المقابل، الجهة الأخرى المناهضة لوصول فرنجية أو أي مرشح من جهة الممانعة، باقية على مواقفها واستنتاجاتها بأن وصول الممانعة الى رئاسة الجمهورية هذه المرة، غير وارد...
lebanon files - جلال عساف

هل صحيح أنّ اللبنانيين بات بعضهم وجهاً لوجه مع البعض الآخر، وأنّ المستجدّات في الموقف الخارجي أعادت كرة الرئاسة إلى الملعب الداخلي وباتوا أمام تجربة نادرة تقضي بأن يعملوا على إنهاء الفراغ الرئاسي في سياق اللعبة الداخلية، بعدما أثبتت الأشهر الستّة ونيّف أن لا جدوى من انتظار تسوية خارجية على الرئاسة؟

تستند القناعة التي سبق أن توقّعتها دوائر ضيّقة إلى أنّ لبنان سيكون هذه المرّة أمام تحدّي التوافق الداخلي على الرئيس الجديد، نظراً إلى عجز القوى الخارجية عن تطويع بعض الكتل النيابية لمصلحة هذا المرشّح أو ذاك، بفعل التشتّت الذي أنتجته الانتخابات النيابية قبل سنة في خريطة البرلمان.

خروج سعوديّ من المواجهة مع إيران؟
بعد ستّة أشهر من الفراغ على وقع التدهور المطّرد في الوضع المعيشي اليومي تتدافع أحداث الإقليم في خلق المستجدّات التي لا بدّ من أن تؤثّر على قرارات الخارج حيال الساحة اللبنانية. ومنها الآتي:
- الموقف السعودي الذي يعتبره فريق "الممانعة" مقدّمة لتوظيفه لصالح مرشّحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. فالسفير في بيروت وليد بخاري اعتمد لهجة تُخرج المملكة من صفة الفريق الذي يخوض مواجهة مع إيران في لبنان حول الرئاسة، بقوله لمن التقاهم إنّه لا مرشّح للرياض، ولا فيتو على أيّ مرشّح، لأنّ انتخاب الرئيس شأن لبناني سيادي داخلي. لجأ بخاري إلى اللازمة الدولية العربية القائلة بوجوب انتخاب الرئيس في أقصى سرعة وإنهاء الفراغ تمهيداً لإنقاذ البلد، من أجل تظهير موقفه.

واشنطن تلحّ على الانتخاب وباريس تتبرّأ

- الموقف الأميركي، الذي يعتمد باب الإلحاح نفسه على إنهاء الفراغ، وهو ما عبّرت عنه السفيرة دوروثي شيا في جولتها في الأيام الثلاثة الماضية، استناداً إلى بيان الخارجية الأميركية في 1 أيار الذي دعا إلى انتخاب رئيس يكافح الفساد ويوحّد البلد، وإلى الخروج من مستنقع الأشهر الستّة الماضية إلى مرحلة جديدة: انزلوا إلى البرلمان وانتخبوا الرئيس ولا تطلبوا منّا أن ننخرط بالأسماء فلن نفعل. وهو موقف بات يتقاطع مع ما أبلغه بخاري لمن التقاهم. لدى واشنطن خلف تلك الدعوة ما قالته مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف لبعض الوفد النيابي اللبناني قبل أسبوعين، من أنّ بلادها لا تؤيّد تعطيل نصاب الجلسات، حين طُرح هذا الاحتمال، إذا تمكّن مؤيّدو فرنجية من تأمين أكثرية الـ65 نائباً لإنجاحه، بل هي ذهبت إلى انتقاد غياب التوافق بين القوى المعارضة لفرنجية على البدائل، أسوة بالانتقاد الفرنسي لرافضي خيار فرنجية. وواشنطن تشجّع المبادرات الهادفة إلى توحيد موقف السياديين والمستقلّين والتغييريّين حول مرشّح، من باب إلحاحها على إنهاء الجمود الذي طلبته من برّي لاستئناف البرلمان جلسات الانتخاب.
- فرنسا تبرّأت من تهمة سعيها إلى فرض فرنجية، سواء في بيان الخارجية الذي أعلن أن لا مرشّح لباريس، بل خيار موجود على الطاولة تنصح بتسوية حوله تشمل رئاسة الحكومة، للخروج من المراوحة القاتلة التي تزيد الوضع خطورة ومأساوية. (واشنطن تضيف إليها اتفاقاً على شكل الحكومة). والتبرّؤ الفرنسي هو النسخة الصادرة عن الإليزيه لاستعجال الانتخاب، ولتبديد الانتقادات لها بأنّها تعاكس للمرّة الأولى الأكثرية المسيحية الرافضة لدعمها هذا الخيار، ووضع اللبنانيين أمام تحدّي اتّخاذ القرار. لكن في العمق، فإنّ مصدر موقف باريس قناعتها بأنّه لا يمكن تجاوز موقف "حزب الله" في اختيار الرئيس.

لا إيرانية لليونة..
- إنّ مقولة "الإفادة من أجواء التسوية الإقليمية" في لبنان هي دعوة إلى اعتماد الواقعية لأنّ الاتفاق السعودي الإيراني لا يلغي حقيقة أنّ لبنان ساحة نفوذ لطهران، مقابل القوى الخارجية الأخرى كلّها، بدليل زيارات كبار المسؤولين الإيرانيين المتتالية لبيروت، التي كان عنوانها التسليم بخيار "الحزب" الرئاسي، ولو كان ذلك تحت ستار إعلان وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أنّ بلاده لا تتدخّل في انتخابات الرئاسة لأنّه شأن داخلي على أمل انتخاب رئيس "من دون تدخّل خارجي". وفي المعلومات أن لا صحّة لكلّ التمنّيات التي أشاعت أنّ الوزير الإيراني دعا "الحزب" إلى الليونة في شأن الاستحقاق.

الميزان الإقليميّ لصالح نفوذ إيران؟
يستدلّ أكثر من فريق على خصومة مع "حزب الله" بتفسير مواقف السعودية وأميركا وفرنسا حيال لبنان لتكريس الاعتقاد بأنّ ما يجري في الإقليم يدلّ على أنّ الميزان "طابش" لمصلحة طهران، أي أنّ هؤلاء ليسوا بعيدين عن مقولة فريق الممانعة إنّ الاتفاق السعودي الإيراني "انتصار" لإيران، من زاوية أنّه يريحها في المواجهة مع أميركا وإسرائيل إقليمياً لأنّه يُخرج دول الخليج من دائرة العداء لها، وأنّ أولوية السعودية وقف حرب اليمن، فيما ستتعاطى مع سائر الساحات ببراغماتية تخدم أولويّتها القائمة على تصفير المشاكل في المنطقة لرفد خطّتها الإنمائية الطموحة 2030 بالاستقرار. دليل بعض مَن لديهم هذه القراءة، إضافة إلى حرص طهران على الحضور الدائم عبر كبار مسؤوليها في الأشهر الأخيرة، وعدم انسجام الرئيس السوري بشار الأسد، الواقع من منطلق القناعة والمصلحة تحت نفوذ طهران، مع المطالب العربية التي قابلت عودته إلى "الحضن العربي" الذي ينجح في جعله ثنائياً فقط.
زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لسوريا مع ما رافقها من اتفاقات شكّلت عراضة إقليمية تأكيد لدور طهران المحوري في بلاد الشام في المجالات كافّة.
بعض هؤلاء من حلفاء الرياض يرون، من باب الواقعية، أنّها تتموضع في وضعية المراقب لا المنخرط في لبنان، مع أنّ نفي وجود فيتو على أيّ مرشّح لا يعني تأييدها فرنجية ويخيّب آمال مريدي فرنجية بأن تنضمّ الرياض إلى باريس لمصلحته. وهي لذلك اختارت ترك الأمر للّبنانيين. يضيف هذا البعض أنّ القرار السعودي قد يكون حكيماً بترك الأمور للّبنانيين لأنّه لم يعد للرياض كما في السابق كتلة نيابية سياسية صلبة تستند إليها كما كانت الأمور أيام فريق 14 آذار حين كانت الكتلة السنّية الموالية لتيار "المستقبل" أساس الدور السعودي المباشر، فلماذا "تسوّد" وجهها بتوجّه لمصلحة هذا المرشّح أو ذاك؟ لكنّ هذا الاستنتاج يدفع بعض مريدي فرنجية إلى اعتبار أنّ "الحيادية" السعودية قد تعطي الحرّية لبعض النواب السنّة الذين يمكن أن يميلوا لفرنجية، من أجل أن يفعلوا ذلك...

وقائع "البراغماتيّة" الأميركيّة... والرئاسة  
وفق تفسير آخرين للموقف الأميركي، تجلّت براغماتية واشنطن في العلاقة مع طهران في المرحلة السابقة في لبنان بعقد الصفقات مع الأخيرة، ومع "حزب الله" على الساحة اللبنانية:
1- يعود أصحاب هذا الاعتقاد بالذاكرة إلى الإفراج عن المتّهم بالعمالة لإسرائيل الأميركي الجنسية عامر الفاخوري.
2- تسفير محمد زياد العوف الذي كان موقوفاً على ذمّة التحقيق معه بشأن انفجار مرفأ بيروت فور إخلاء سبيله على الرغم من قرار منع السفر.
3- تولّي الجانب الأميركي رعاية مسألة بقاء حاكم مصرف لبنان سابقاً مع غضّ نظر "الممانعة" والدور الأميركي في تعيين الحاكم المقبل، وأخيراً وليس آخراً ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. أصحاب هذا الاعتقاد يدعون إلى رصد ما إذا كان منطق الصفقات سينطبق على الرئاسة في زمن استمرار الاتصالات الإيرانية الأميركية في سلطنة عُمان، تحت عنوان الإفراج عن موقوفين أميركيين في طهران وفي دمشق مقابل أرصدة مالية مجمّدة لطهران في كوريا الجنوبية وغيرها، واستئناف المفاوضات النووية. يعرف من يتوقّعون ممارسة هذه البراغماتية الأميركية في الاستحقاق الرئاسي أنّه سيكون لها امتداد ممكن وغير مستبعد في شأن الرئاسة لأنّ واشنطن ستتعامل مع أيّ رئيس يُنتخب مثلما فعلت مع الرئيس السابق ميشال عون.

ما يعتبره السياديّون أوهاماً
للسياديّين قراءات مناقضة بالطبع:

1- السعودية تجنّبت عبر عنوان "لا مرشّح لنا ولا فيتو على أحد" تصاعد الاختلاف مع فرنسا، بعد أشهر من التمايز حيال اندفاعة باريس نحو فرنجية، من دون تغيير موقفها الفعلي الرافض لرئيس يعيّنه "محور الممانعة". فالتقارب مع الرئيس إيمانويل ماكرون حول المسائل الإقليمية أكبر من أن يحول دون تظهير الخلاف. واعتمادها لبننة الاستحقاق هو طريقتها للاتّكال على حلفائها في ظلّ استمرار الاستعصاء المسيحي حيال مرشّح "حزب الله".

2- الاستنتاج نفسه ينسحب على موقف واشنطن، التي لا يغيب عن بالها أنّ سعي "حزب الله" إلى إنجاح خياره تعثّر على مدى 6 أشهر، بل إنّ السياديين يردّدون أنّ الدبلوماسية الأميركية تفهّمت الحجج التي ساقها بعضهم لاعتماد أسلوب تطيير النصاب لمنع وصول فرنجية أو غيره لستّ سنوات تمدّد للعهد السابق. فهي سبق أن طالبت باريس بلجم اندفاعتها لمصلحة فرنجية، الذي بدوره دحض بعض الضمانات التي كانت التسريبات أفادت أنّه قدّمها، ولا سيما حين قال إنّ الجانب الفرنسي لم يحدّثه عن معادلة الرئاسة له ورئاسة الحكومة لنوّاف سلام.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا