لبنان يفوّت قطار التفاهمات والتسويات؟

تتحرّك المنطقة على وقع تغييرات جيوستراتيجية هائلة، كان آخرها التنافس الأميركي - الصيني الحادّ على إنشاء طرق مواصلات جديدة عقدتها الهند، من شأنها أن تغيّر جذريا حركة الملاحة ونقل البضائع والسلع في العالم وأن تقفل مضائق وأقنية وموانئ على حساب أخرى. وتأتي في هذا السياق زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى الرياض والذي كانت له نقاشات على مستوى بالغ من الأهمية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تناولت الجهود المبذولة في اليمن لانهاء الأزمة، الى جانب مواضيع أخرى. كما لفت الإجتماع الرباعي الذي ضمّ بن سلمان وسوليفان ونائب حاكم أبو ظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد ومستشار الأمن القومي الهندي آجيت دوفال.
وتأمل واشنطن ضمّ السعودية إلى مسعاها الجديد لدمج جنوب آسيا والشرق الأوسط. ومن ضمن الأفكار الأميركية مشروع مشترك ضخم لبناء خطوط السكك الحديدية والربط البحري والطرق، لربط شبه القارة الهندية في جنوب آسيا بالشرق الأوسط.
وتأتي زيارة سوليفان في سياق تفعيل مجموعة "I2U2"، التي تضم إسرائيل والامارات والهند والولايات المتحدة.
ويُنظر إلى آلية "I2U2" على أنها إطار لمواجهة نفوذ الصين في المنطقة، يشمل التعاون في مبادرات مشتركة في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي.
ويحلّ خلط الأوراق هذا فيما المسؤولون اللبنانيون قاصرون بغالبيتهم عن الدينامية الكبرى الحاصلة والتي تأخذ من الإقليم مرتكزا أساسيا لها.
ويُخشى أن يفوت لبنان قطار التحوّلات هذا فيتحوّل النقطة الأضعف ويدفع ثمنا باهظا نتيجة تأخره عن التقاط فرصة الإفادة من الإيجابيات المُتشكّلة نتيجة المصالحات والتفاهمات. وما يزيد هذه المخاوف استمرار الإستعصاء الرئاسي مع غياب المبادرات الجدية لانتخاب رئيس جديد نتيجة الإصطفاف الحادّ بين نهجين: واحد يختصره الثنائي ويدفع في اتجاه واحد لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وثان جديد قديم يتمثّل في المحاولة القطرية لتأمين الغالبية النيابية لقائد الجيش العماد جوزاف عون.

وتردّد في هذا السياق أنّ ثمّة مسعى لإرجاء انتخاب عون الى كانون المقبل أي عند بلوغه السن بحيث يتحرّر من شرط تعديل الفقرة الثالثة من المادة ٤٩ من الدستور بغالبية الـ٨٦ نائبا التي تقول بعدم جواز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد.