أقساط المدارس الخاصة للعام المقبل: هاتوا دولاراتكم كلها
كان من المنتظر ان ترفع المدارس الخاصة أرقام أقساطها المحددة بالدولار الأميركي، لا بل كان من الأكيد ان هذه المدارس ستقوم بدولرة اقساطها بشكل كليّ تماشيا مع حاجة ومتطلبات التعليم والأساتذة.
لكن ما لم يكن متوقعا هو ان تقوم بعض المدارس برفع اقساطها من دون اي مقاربة واقعية للوضع الاقتصادي العام الذي تمر به العائلات في لبنان.
في هذا المجال، علم لبنان 24" ان الاهالي في بعض المدارس الخاصة تبلغوا بطريقة غير رسمية ان اقساط اولادهم في الصفوف ما قبل الابتدائية ستبلغ ما لا يقل عن 2000 دولار أميركي في السنة الدراسية المقبلة، وهذا الرقم لا يشمل كلفة التسجيل والقرطاسية والملابس وغيرها.
أمام هذا الواقع، عبّر الأهالي عن صدمتهم، كما عبّرت بعض لجان الاهالي عن عدم تقبلها للواقع الجديد وعدم تسليمها بظاهرة نزوح التلاميذ من المدارس الخاصة، التي من المتوقع ان يشهدها لبنان مع انطلاقة العام الدراسي المقبل.
كما افادت المعلومات ان لجان الاهالي سيكون لها أكثر من تحرك باتجاه وزارة التربية والمسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن المدارس من مرجعيات روحية وسياسية، وذلك بهدف لجم نسبة الزيادات غير المنطقية والتوصل الى أقساط مدرسية منصفة للاهالي والمدارس في الوقت نفسه.
من ناحية أخرى، أكدّ الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر أنّ "المدارس الخاصة استطاعت انجاز عام دراسي طبيعي واستكمال البرنامج التعليمي وذلك من خلال تضحية الأساتذة وتعاون الأهالي".
وعن الوضع المالي في المدارس الكاثوليكية، قال نصر في حديثٍ لـ "صوت لبنان": "المؤسسات التربوية ضحّت بما فيه الكفاية خلال السنوات الأخيرة التي تخلّلتها أزمات صحية واقتصادية، اضافة الى تضحية الأساتذة واستمرارهم في التعليم بشكل شبه مجاني لإتمام رسالتهم التعليمية والوقوف الى جانب الأهالي".
وتابع، "نحن في صدد التوجّه الى رفع تدريجي للأقساط المدرسية آخذين بعين الإعتبار وضع الأهالي".
من ناحية أخرى، حطّمت المدارس الخاصة القانون 515، الذي يحدد آلية وضع الأقساط والموازنات المدرسية، نهائياً وبات بخبر كان، كما بدا من خلال تبليغ الأهالي بالأقساط الجديدة، التي باتت تعلن تباعاً الأسبوع الحالي.
سبق وضربت المدارس القانون عرض الحائط العام المنصرم. لكن وصل الأمر إلى الدوس عليه واعتباره غير موجود للعام الدراسي المقبل. فقد تمادت المدارس إلى حد تسعير أقساطها بالدولار حصراً، متجاهلة وجود وزارة تربية وقانون ينظّم علاقتها مع الأهل. وباتت تتصرف كمؤسسات تجارية من دون أي رادع قانوني، هذا فيما هي مؤسسات لا تبغي الربح ومعفاة من الضرائب. وفيما ما زالت العديد من المدارس تراعي شكلياً الحدود الدنيا للقانون 515 لناحية تحديد الأقساط بالليرة اللبنانية، اختصرت عشرات المدارس الطريق وسعرت القسط المدرسي ومساهمة الأهل بالدولار النقدي لا غير. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
أقساط بالدولار حصراً
مئات المدارس أبلغت الأهل بالأقساط الجديدة خلال الأيام الماضية، فيما بعض المدارس الكبرى ما زالت تتريث. وتبين أن العديد من المدارس ألغت القسط المدرسي بالليرة اللبنانية، ولجأت إلى تسعيره بالدولار ويدفع بالليرة اللبنانية على سعر صرف السوق السوداء. أما المساهمة المفروض على الأهل من خارج القسط المدرسي فتفوق قيمتها القسط المدرسي بأربعة وخمسة أضعاف. وبالتفصيل، يتراوح القسط المدرسي بين مئتي دولار وألفي دولار، أما مساهمة الأهل فتتراوح بين 550 دولاراً وصولاً إلى أكثر من 3500 دولار.
وفيما لجأت مدارس إلى تحديد القسط كله بالدولار (يدفع نحو 65 بالمئة منه بالدولار النقدي والباقي بالليرة على سعر صرف السوق السوداء)، عملت مدارس أخرى على إبقاء القسط بالليرة اللبنانية (بعد رفعه عن العام الفائت) مع وجود مفارقة صارخة مع قيمة المساهمة المفروضة على الأهل. إذ تتراوح الأقساط بين ستة ملايين ليرة وصولاً إلى 80 مليوناً، فيما مساهمة الأهل بالدولار تتراوح بين 500 دولار و5 آلاف دولار.
بشكل عام يتراوح معدل الأقساط في المدارس الكاثوليكية بين 800 دولار و2500 دولار، وفي الإنجيليات معدل القسط نحو ألفي دولار، وفي مدارس المقاصد يتراوح القسط بين 500 وألفي دولار، وفي البعثات الفرنسية بين 1500 و2200 دولار، وفي المدارس الألمانية خمسة آلاف دولار، وفي سلسة مدارس شويفات الدولية أربعة آلاف دولار. أما في المدارس الصغيرة ومدارس الأطراف، والمدارس التي تسمى "دكاكين"، فيصل القسط المدرسي إلى نحو ألف دولار.
النزوح والمنح المدرسية
ويتزامن تحديد المدارس الخاصة أقساطها مع شلل التعليم الرسمي وتعطله شبه الكامل في السنوات الثلاث المنصرمة. الأمر الذي دفع أهالي الطلاب إلى النزوح المعاكس من التعليم الرسمي إلى الخاص، ولا تقديرات رسمية حوله بسبب تمنع المركز التربوي عن نشر الإحصاءات الرسمية للسنة الثانية على التوالي.
لكن مفارقة العام الدراسي المقبل أن رواتب الموظفين والمنح المدرسية لا تغطي حتى القسط المدرسي في أرخص المدارس، وذلك من دون احتساب المساهمات التي تفرضها المدارس على الأهالي بالدولار، لأن المدارس ترفض إدخالها ضمن القسط المدرسي. فتعاونية موظفي الدولة رفعت قيمة المنح لتغطية 75 بالمئة من القسط المدرسي الفعلي فقط لا غير، أي من دون احتساب مساهمات الأهل. وتصل قيمة المنحة إلى نحو 170 دولاراً كحد أقصى. علماً أن القسط الفعلي، الذي يسجل في الموازنة المدرسية، لا تصل قيمته إلى ربع الأقساط المفروضة على الأهل.
أقساط عشوائية مخالفة للقانون
في حديث لـ"المدن" دانت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل إقدام المدارس على تحديد الأقساط قبل اكتمال تسجيل الطلاب. فالقانون يحدد آليات وضع الأقساط على أساس عدد الطلاب مقسوم على الكلفة التشغيلية والرواتب والأجور. وبالتالي وضعت المدارس الأقساط قبل تسجيل الطلاب وبطريقة عشوائية، ومن دون أي دراسة علمية، وبخرق فاضح للقانون.
ولفتت إلى الدراسة التي أجرها "الاتحاد" والتي تثبت أن المدرسة، أي مدرسة، تستطيع تسديد المصاريف التشغيلية والرواتب والأجور من أول 15 تلميذاً في الصف، في حال فرضت قسطاً بخمسمئة دولار. أما باقي التلامذة في الصف فبمثابة أرباح للمدرسة. والدراسة تؤكد أن المدارس تستطيع دفع راتب لا يقل عن خمسمئة دولار للأستاذ. وما تقوم به المدارس، بحجة دعم الهيئات التعليمية، مجرد ذرائع لتكديس الأرباح، خصوصاً أنه سبق وفرضت المدارس أقساطاً بالدولار ولم تقم بتعديل أجور المعلمين.
تقصير وزارة التربية
وأكدت الطويل أن تمادي إدارات المدارس ما كان ليحصل لو أن وزارة التربية قامت بدورها منذ بداية العام الدراسي الحالي. فقد توصلت الوزارة، بعد اجتماعات مع مكونات الأسرة التربوية، إلى إصدار التعميم رقم 33، الذي يلزم المدارس بإدخال مساهمات الأهل الدولارية بالموازنة المدرسية. لكن المدارس لم تلتزم به ولم تتابع الوزارة الموضوع، ولم يعقد أي اجتماع بعدها منذ بداية العام الحالي. الأمر الذي فهمه الأهالي بأن وزارة التربية، وتحديداً مصلحة التعليم الخاص، سمحت للمدارس القيام بتلك الممارسات، خصوصاً أن "المصلحة" صادقت على الموازنات، حتى تلك غير الموقعة من لجان الأهل. وقد تواصلت "المدن" مع مدير "المصلحة" والمدير العام لوزارة التربية بالتكليف عماد الأشقر، من دون أن تلقى أي جواب، كالمعتاد.
وشرحت الطويل أن لجان الأهل سيشاركون غداً الأربعاء في لجنة التربية النيابية لرفع الصوت، لإعلان حال طوارئ تربوية، ووضع ضوابط ووقف تمادي المدارس الحاصل حالياً. فوزارة التربية لم تقم بدورها، ما يستوجب من المجلس النيابي عقد جلسة تشريعية لتنظيم وضعية المدارس الخاصة. فعلى المسؤولين وضع إدارات المدارس أمام مسؤوليتها، إما لناحية التحول إلى مؤسسات تجارية أو لناحية البقاء كمؤسسات لا تبغي الربح. والفرق بين الأمرين شاسع لأنه لا يجوز أن تبقى المدارس بلا ضوابط ولا تحترم القانون ولا تدفع الضرائب في الوقت عينه. أي عليها اختيار الوضعية القانونية التي تراها مناسبة لها، ويكون أهالي الطلاب على بينة من أمرهم. وحينها يستفيد المجتمع اللبناني وخزينة الدولة من التعليم الخاص، الذي يريد تكديس الأرباح من دون دفع الضرائب.
المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|