سجن سريّ تحت فندق... العثور على ملفات لمعتقلين لبنانيين في سوريا
لماذا لم يبلّغ سلامة "لصقاً"؟
استبقت أمس الإذاعة الفرنسية Radio France Internationale قرار قاضية التحقيق الفرنسية أود بوريسي بالإشارة إلى عدم مثول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمامها وعلاقته بتحقيقات متعلّقة بالاختلاس وتبييض الأموال وأنّ هناك توجّهاً للادّعاء عليه. وبالفعل أصدرت القاضية الفرنسية في اليوم نفسه المحدّد لجلسة لم يحضرها "الحاكم" مذكرة توقيف دولية بحقه هي الأولى التي تطال حاكم مصرف مركزي في العالم.
خطوة بوريسي المتوقعة فتحت باب التساؤلات على مصراعيه: ما هي تداعيات "القنبلة" الفرنسية على وضع رياض سلامة داخلياً وخارجياً؟ كيف ستتعاطى حكومة نجيب ميقاتي مع حاكم المصرف المركزي الذي بات "مطلوباً" دولياً بجرائم جنائية؟ هل سيكون القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية معنية بتنفيذ مذكرة التوقيف التي ستصل نسخة منها إلى مكتب مدّعي عام التمييز غسان عويدات؟ ما هو مصير التعاميم أو القرارات التي تصدر بدءاً من 17 أيار عن حاكم المصرف المركزي؟
لم يتأخر ردّ سلامة إذ اعتبر أنّ قرار بوريسي "يشكّل خرقاً لأبسط القوانين، كون القاضية لم تراع المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي بالرغم من تبلّغها وتيقّنها من ذلك". وأكد سلامة "تجاهل القاضية الفرنسية الصارخ لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2003 والإجراءات المعترف بها دولياً التي تستند إليها هي بالذات في إطار المساعدة القضائية الدولية، وأنهّا استندت في قرارها إلى أفكار مسبقة"، متسائلاً "هل يُعقل أنّ قاضياً يطبّق الاتفاقيات الدولية باتجاه واحد؟"، ومعلناً نيّته "الطعن في القرار".
أزمة التبليغ
شهر ونحو 25 يوماً لم تكن مدّة كافية بالنسبة للسلطات القضائية في لبنان لتبليغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة موعد مثوله أمام رئيسة محكمة الاستئناف أود بوريسي في 16 أيار.
داخل إحدى قاعات tribunal de Paris اتّخذ القرار بحق "الحاكم" بعدما تعذّر تبليغه في لبنان بموعد الجلسة.
يقول مصدر قضائي بارز لـ "أساس": "بعدما لمس المحقّقون الأوروبيون نوعاً من المحاباة وعدم الحيادية في تعاطي القاضي شربل أبو سمرا مع سلامة أثناء استجوابه في بيروت اكتمل المشهد بتعذّر تبليغه".
يؤكّد المصدر أنّ "التبليغ جزائي ويحقّ لعناصر قوى الأمن بإشارة قضائية من قاضي التحقيق الدخول إلى مكتب رياض سلامة والتحقّق من وجوده هناك وليس الاكتفاء بالأعذار المقدّمة من حرّاسه الأمنيّين على مدى أربع مرّات متتالية"، لافتاً إلى أنّ "هذا التقصير الفاضح في التبليغ لن يمرّ مرور الكرام لدى القضاة الأوروبيين".
أتى القرار الفرنسي بالاستماع إلى "الحاكم" على الأراضي الفرنسية بعد جلستَي استماع إلى سلامة في قصر العدل في بيروت في 16 و17 آذار، تلتهما جولات من التحقيق مع شقيق الحاكم رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك ووزير المال يوسف خليل والوزير السابق مروان خير الدين ومصرفيّين كبار وموظّفين في مصرف لبنان وشركات تدقيق ماليّ.
هكذا اختتم المحقّقون الأوروبيون ثلاث زيارات للبنان بنتيجة سيكون لها تأثير مباشر على ملفّ "سلامة وشركائه": حاكم مصرف لبنان متوارٍ عن الأنظار و"مطلوب" أمام القضاء الفرنسي وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية يفترض بالانتربول أن يعمّمها وينفّذها.
يقول مصدر مواكب لملفّ ملاحقة سلامة و"أعوانه" في جرائم تبييض أموال واختلاس مال عامّ وإثراء غير مشروع وتزوير إنّ "الإفادات التي أدلى بها كلّ من تمّ الاستماع إليهم في بيروت في المدّة الفاصلة بين آذار وعودة الوفد الأوروبي القضائي في نيسان الفائت عزّزت ضرورة استجواب سلامة في باريس تمهيداً للادّعاء عليه، مع العلم أنّ طلب بوريسي بمثول سلامة مجدّداً أمامها يرتبط بالتدقيق بمصدر ممتلكات عائدة له ولشقيقه ومساعدته وصديقته الأوكرانية آنا كوزاكوفا".
في الوقائع، وجّهت القاضية الفرنسية استنابة قضائية بحسب الأصول إلى النيابة العامّة التمييزية، فجرى تحويل الطلب إلى قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا الذي أشار إلى الضابطة العدلية في قوى الأمن الداخلي بتنفيذ التبليغ، لكنّ قراراً سياسياً عرقل المهمّة المفترض أن تتمّ من دون عراقيل تُذكَر، خصوصاً أنّ عناوين "الحاكم" معروفة.
لم تعثر فصيلة قوى الأمن الداخلي على رياض سلامة في مكتبه في مصرف لبنان لتبليغه موعد الحضور أمام بوريسي، فعادت أوراق التبليغ إلى القاضي أبو سمرا، وتمنّع الأخير عن إصدار إشارته بتبليغ سلامة لصقاً بحضور جلسة 16 أيار.
الجدير ذكره أنّ الدورية استثنت منزل سلامة فلم تتوجّه إلى هناك في محاولة التبليغ، بل اقتصر الأمر على مقرّ مصرف لبنان الذي يَدخل إليه "الحاكِم" ويخرج بموكب مموّه وبمواقيت مختلفة، فيما قلّة قليلة جدّاً من موظّفي المصرف يعلمون بوجوده في مكتبه.
يُذكر أنّ مسار هذه الملاحقة منفصل عن جلسة الحكم المؤجّلة إلى 23 أيار الجاري المتعلّقة بإصدار القاضية بوريسي حكمها بتثبيت الحجز على أملاك سلامة وأمواله المصادرة في العاصمة الفرنسية أو رفع الحجز عنها وتبرئته في الدعوى المقدّمة من "تجمّع ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان" وجمعيّة "شيربا" ضدّالحاكم وكلّ من يثبت تورّطه معه بجرائم تبييض الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع. وبالتأكيد قرار رفع الحجز، وفق مطّلعين، سيعطي سلامة هامشاً من "أخذ النفس" وتنفيس كرة الاتّهامات الجنائية الموجّهة ضدّه.
سيتزامن قرار رفع الحجز أو تثبيته مع تقديم وكلاء الدفاع عن سلامة دفوعاً شكلية أمام القاضي أبو سمرا لوقف التعاون مع المحقّقين الأوروبيين. لكنّ المفاجأة أتت من سويسرا بعدما ردّت أمس المحكمة الجزائية الفدرالية السويسرية TPF اعتراض وكلاء سلامة وقرّرت تثبيت طلبات التعاون الجنائي الدولي في ملفّ الحاكم مع فرنسا ولبنان وألمانيا ولوكسمبورغ.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|