المجتمع

أزمة التربية في لبنان.. من الإنهيار الى التطرف الفكري!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تواجه التربية اليوم في كثير من المجتمعات – ولاسيما المجتمع اللبناني – العديد من التحديات والمتغيرات، لعل أخطرها ما يعرف بظاهرة الإضراب المفتوح ربطا بالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الأستاذ في لبنان، والتي تحمل في مضامينها تهديداً كبيراً لكل المسار التعليمي الرسمي وصولا الى التعليم العالي، فمع الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ العام 2017 والتي رافقها الاغلاق القسري للمدارس والجامعات الذي تسببت فيه جائحة كوفيد 19، وما صاحبها من تداعيات اقتصادية وثقافية واجتماعية وأيديولوجية لم يعد لبنان كما عهدناه فيما مضى؛ فالقطاع التعليمي في طريقه إلى الانهيار التام والتلاشي، ولهذا خطورته على كل من الدولة والأهل والطلاب من خلال التأثير في مقومات المواطنة والولاء عند الأفراد وفقدان الهوية التربوية والثقافية. 

‎وقد ظهر صدى هذه المتغيرات والتطورات والمشكلات على طلاب المدارس الرسمية في لبنان القابعين في الشوارع لأشهر طويلة بسبب الإضرابات المفتوحة والمشرّعة أبوابها على الإغلاق النهائي، الأمر الذي زاد من نسبة تعرضهم ومشاركتهم في العنف والتطرف والانحراف، والخروج عن النظام والقانون وتهديد الأمن في المجتمع، كما ظهرت سلوكيات أخرى تعبر عن السلبية، واللامبالاة، وضعف الشعور بالانتماء، والإحساس بالاغتراب والرغبة في الهجرة. 


‎من هنا، نرى أن تصاعد موجات التطرف الفكري كان يعود بالدرجة الأولى إلى القصور الذي تتحمله المؤسسة التعليمية في عدم قيامها بمسؤولياتها كما ينبغي، ولعل في مقدمة ذلك انخفاض الجودة العلمية والتعليمية داخل المدرسة أو الجامعة بسبب هجرة العناصر المتميزة، وعدم وجود تقارب فكري وإنساني بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وعدم مسايرة الجامعة لوظائف سوق العمل، إلى جانب ما يسود الجامعة من أنظمة إدارية ولوائح غامضة، ومقررات ومناهج غير جاذبة، أو طرائق تدريس وتقويم غير مواكبة لمتغيرات العصر، فضلاً عن التكدس الطالبي في المدارس والكليات مما لا يتيح عملية التواصل بين الطالب والأستاذ. 

‎إلا أن حالات التطرف اليوم، تعود الى اغلاق المدارس وعدم قيامها بدورها وتحمل مسؤولياتها، الأمر الذي دفع بالطلاب الى التشرّد في الشوارع والانزلاق الى الأعمال المخلة بالقانون، وصولا الى الانحراف والتطرف. 

‎بناء عليه، وعلى رغم أن الدولة اللبنانية ومؤسساتها ووزاراتها المختصة تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الوضع الكارثي الذي تعرضت له المدارس والجامعات وما سببته من مشاكل للطلاب وتسريع انخراطهم في الأعمال العنفية والجرمية، إلا أن مؤسسات التعليم تتحمل المسؤولية الأكبر، لأنها تحمل رسالة أخلاقية وإنسانية، كما أنها مؤتمنة على مستقبل الطلاب ومصيرهم، ليس فقط لأنها تقوم بدور رئيسي في تحصين الطلاب منذ الصغر ضد الفكر المتطرف، وإنما أيضاً لأنها تتعاون مع باقي مؤسسات المجتمع الأخرى، الأسرة والإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص، في مواجهة التطرف والإرهاب، وبالشكل الذي يعزز من الجهود الحكومية (في حال وجدت) في هذا الشأن. 


‎في النهاية لا بدّ من التأكيد على أهمية التعليم في تحقيق التنمية المستدامة في لبنان، والعودة الى التعليم الحضوري كضرورة قصوى لمحاربة التطرف والعنف وكل أنواع الانحراف. فمنظومة القيم الأخلاقية السائدة والأفكار التي تتضمنها منظومة التعليم في مجتمع ما، هي ما يحدد موقع هذا المجتمع في خريطة العالم، ولا يمكن الحديث عن تقدم قائم على أسس صلبة ومستدامة من دون تعليم عصري يجمع بين الجوانب المادية المتمثلة في العلوم والمعارف الحديثة، والجوانب القيمية المتمثلة في نوعية التعليم. 
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا