هل تعكس مشاركة الأسد في القمة العربية الوضع الطبيعي الجديد في الشرق الأوسط؟
رحبت المملكة العربية السعودية والدول المشاركة في القمة العربية في جدة، نهار الجمعة، بعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الحضن العربي.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "قبل عقد من الزمن، حاول المسؤولون في دول الخليج ايجاد طرق للإطاحة بالأسد، فضخّت هذه الدول الموارد والأسلحة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ودعمت مجموعة متنوعة من المتمردين المناهضين للرئيس السوري. ومن ثم قامت هذه الدول بتعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية وذلك رداً على عمليات القمع التي قام بها الأسد تجاه شعبه. بعد مرور أكثر من 11 عاماً على اندلاع الحرب الأهلية السورية، لا يزال الأسد يسيطر بحكم الأمر الواقع على غالبية بلاده، في حين أن المتمردين السوريين وأنصارهم في حالة تشتت".
وتابعت الصحيفة، "إن القوى الإقليمية التي استثمرت ذات مرة في الإطاحة بالأسد ها هي اليوم قد حولت اهتمامها وأولوياتها إلى مكان آخر. وقالت الناشطة البريطانية السورية رزان صفور لزملاء في الصحيفة، في معرض تعليقها على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، "لقد خذلنا المجتمع الدولي تمامًا". واستغل الأسد ظهوره في جدة ليصّور نفسه مرة أخرى على أنه دعامة للاستقرار في منطقة مضطربة. وقال في اجتماع القمة: "من المهم ترك الشؤون الداخلية لأبناء البلاد لأنهم هم الأقدر على إدارتها". وساهم الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وأجزاء من شمال سوريا في شباط، بمنح الأسد فرصة جديدة لتسريع التقارب مع الجيران المتعاطفين".
ad
وأضافت الصحيفة، "في الأشهر التي سبقت وصول الأسد إلى المملكة العربية السعودية، قدمت حكومته مبادرات ناجحة لبلدان مثل تونس ومصر. أما بالنسبة إلى السعودية المضيفة، إن عودة الأسد إلى الحضن العربي جزء من محاولة أوسع لتخفيف الاحتكاكات في الشرق الأوسط، بعد سنوات من الاستقطاب الجيوسياسي والحروب المدمرة والاضطرابات الاجتماعية. وعبر ولي العهد عن أمله الجمعة في أن تؤدي عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية "إلى إنهاء أزمتها".
وبحسب الصحيفة، "ومع ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا، والاضطرابات الواسعة النطاق للأسواق التي أثارتها، قد جعلت دول الشرق الأوسط تصب تركيزها على الحاجة إلى مزيد من الاستقرار في عصر من عدم اليقين. وتعمل المملكة العربية السعودية على إصلاح العلاقات مع خصمها القديم إيران وتبحث عن مخرج من الحرب في اليمن، حيث تعطي الأولوية لخططها الطموحة للتنمية في الداخل. وغرد هيشام هيليير، زميل في مركز الأبحاث RUSI في بريطانيا، قائلاً: "الرياض لم تبدأ حملة التطبيع مع الأسد، لكنها سارت معه، وبصعوبة"، في إشارة إلى مبادرات قدمتها دول مثل الإمارات العربية المتحدة إلى سوريا في وقت سابق. وأضاف: "وهذا كله جزء من حسابات الرياض بأن أجندتها المحلية تتطلب خفض التصعيد داخل المنطقة في أي ملف آخر، بحيث يتم تركيز الاهتمام الكامل داخلها".
وتابعت الصحيفة، "قدم هيليير تحذيرًا صارخًا: "لكن إعادة دمج الأسد قد تعود لتطارد الرياض. لم يتغير الأسد، ولا يزال نظامه غير مستقر، حتى بدعم روسي وإيراني". ونظر المسؤولون الأميركيون والدبلوماسيون الغربيون بقلق إلى إعادة التأهيل السياسي للنظام السوري. ومع دعوة دول مثل الأردن والجزائر والإمارات العربية المتحدة إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، يكثف المشرعون الأميركيون جهودهم لتمرير جولة جديدة من التشريعات التي تعاقب حكومة الأسد وتتجنب المزيد من التطبيع. وقال مصدر خليجي مقرب من الدوائر الحكومية لرويترز "الأميركيون فزعون". وأضاف: "نحن (دول الخليج) أناس يعيشون في هذه المنطقة، نحاول حل مشاكلنا بقدر ما نستطيع بالأدوات المتاحة بين أيدينا".
وأضافت الصحيفة، "قد يعكس هذا التحول أيضًا شهية الولايات المتحدة المتضائلة للانخراط في المنطقة، حيث تضع واشنطن أعينها على تحديات الشرق أكثر وتتخذ مقعدًا خلفيًا في الشؤون العربية. وقالت منى يعقوبيان، نائبة رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الأميركي للسلام، لقناة الجزيرة، "ربما تكون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد قامت بحساباتها، ورأت أنه " حسنًا، المنطقة تمضي قدمًا في التطبيع"." وأضافت: "ربما تكون المشكلة إذن هي الحصول على شيء مقابل ذلك، والحصول على تنازلات". إلا أنه من غير الواضح مدى أهمية هذه التنازلات. ويشير الخبراء إلى انتشار تجارة الكبتاغون غير المشروعة، والذي قد يكون تأثيره الخطير على المنطقة مصدر ضغط لدمشق".
وبحسب الصحيفة، "قال تشارلز ليستر، زميل أقدم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، لكاتب المقال: "من أجل جذب انتباه المنطقة، من الممكن تمامًا أن يمنح النظام بعض التنازلات الدنيا في الأشهر المقبلة: معلومات استخبارية عن حركات الكبتاغون؛ إبقاء وصول المساعدات عبر الحدود مفتوحًا؛ وربما منح عفو عن السجناء". لكن في الوقت الحالي، فإن التطبيع في سوريا يسير بخطى سريعة. وقال ويليام ف. ويشسلر، المسؤول السابق في البنتاغون الذي يرأس برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إن الدول العربية "تحكم بدقة على موقف الولايات المتحدة من التطبيع، فالولايات المتحدة لا تريد أن يكون لها بصماتها، ولا تريد أن تدعمه، لكن الولايات المتحدة لن تفعل أي شيء لمنع حدوث ذلك"."
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|