"المطلة" الإسرائيلية تستعد لهجومٍ وشيك من لبنان...و الإسرائيليون يجمعون معلومات عن مواقع حزب الله: التنفيذ ممنوع
شهدت الحدود اللبنانية-الإسرائيلية منذ حرب تموز عام 2006 فترات من الهدوء تلبدّت فيها الأجواء بشكلٍ متقطع، بسبب المناوشات المتفرقة عبر الحدود وتبادل إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويبدو أن الحزب، حسب شبكة "ميديالاين" الأميركية، يستعد اليوم لعملية عسكرية مطولة أخرى ضد الدولة العبرية، ما استدعى من تل أبيب اتخاذ المزيد من الإجراءات الأمنية.
تعزيز الإجراءات الأمنية
تزامناً مع الاستعراض العسكري الضخم الذي نفذه حزب الله في جنوب لبنان يوم الأحد الماضي بحضورٍ إعلامي كبير، تكشف شبكة "ميديالاين" عن تعزيز بلدة المطلة الحدودية الإسرائيلية من إجراءاتها الأمنية الهادفة لحماية مواطنيها من تصاعدٍ محتمل للعنف من الشمال.
وبينما ينخرط الحزب في مناوراتٍ وتدريباتٍ، تصفها الشبكة الأميركية بأنها تحضيراتٌ لهجماتٍ متجددة على إسرائيل، يسود على المقلب الآخر جو من القلق في منطقة يشير إليها الإسرائيليون باسم "إصبع الجليل"، حيث يحد الأراضي الإسرائيلية من جانبين لبنان وجانب واحد من مرتفعات الجولان وسوريا.
غرف آمنة محصنة
تقع بلدة المطلة داخل هذا الإصبع، في أقصى شمال إسرائيل، وتمتد حدودها حتى الحدود اللبنانية. ويكاد من المستحيل التغاضي، وفق الشبكة الأميركية، عن التركيز العالي للمركبات العسكرية والمعدات المتطورة التي تراقب الحدود في المطلة بيقظةٍ على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، والتي تكثفت بعد عرض حزب الله العسكري الأخير.
وتلفت الشبكة الأميركية إلى موضوع في غاية الأهمية سيكون محورياً عند اندلاع أي حربٍ جديدة مع حزب الله، ألاّ وهو نص السلطات الإسرائيلية منذ عام 1995 لقانون يفرض أن تكون جميع المساكن المشيدة تضم غرفاً آمنة، مصممة خصيصاً لحماية العائلات من القصف. وبذلك لا يمكن للمقاولين الحصول على الموافقة على مخططات البناء، ولا ربط المنازل الجديدة بالمرافق مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي من دون هذه الملاجئ.
يمكن الوصول إلى هذه الغرف الآمنة من داخل المنزل، وهي بمثابة مساحة إضافية للعائلة، فإضافةً إلى أنها مفروشةً بالكامل فهي تحتوي في الوقت نفسه على جميع خصائص ملجأ الغارات الجوية.
وهذه الغرف الآمنة محصنة بجدران خرسانية مسلحة لا يقل سمكها عن 40 سنتيمتراً، ما يوفر حماية فعالة أثناء القصف. فيما تسمح الصمامات أحادية الاتجاه فيها بتدفق الهواء من الخارج إلى الداخل، في عمليةٍ تمرر الهواء الخارجي عبر جهاز ترشيح. وعند اكتشاف المستشعر وجود غاز مميت، فسيتم حينها حظر تدفق الهواء من الخارج تماماً.
الحرب حتمية؟
في السياق، تنقل الشبكة الأميركية اقتناع الكثير ممن شهدوا تدريبات حزب الله العسكرية الأخيرة في بلدة عرمتى، بأن الجولة التالية من العنف بين الحزب وإسرائيل حتمية، وهي مسألة وقتٍ وحسب.
وتطرح الشبكة في الختام سؤالاً جوهرياً: هل سيواجه أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، إسرائيل بمفرده، كما فعل في الماضي، أم أن الحرس الثوري الإيراني أو القوات الأخرى المتحالفة مع طهران ستقف إلى جانبه؟
تدريبات غير جدية!
في الأثناء، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن عرض الحزب الأخير كان هدفه لفت انتباه إسرائيل. ولهذا ركزت وسائل الإعلام المقربة منه على التغطية الإعلامية الإسرائيلية. مضيفةً أن مناوراتٍ كهذه، تُجرى للاستعراض أمام وسائل الإعلام، وليس لأسبابٍ عسكرية. وهدف الحزب منها الحصول على تغطية ومن ثم إضفاء الشرعية على نفسه.
وترى الصحيفة أن حقيقة استخدام الحزب إياه لمسلحين على دراجاتٍ نارية تُظهر مدى عدم جدية هذه التدريبات. فلا يوجد أي جيش اليوم يستخدم مسلحين على دراجاتٍ نارية لتحقيق أهدافٍ عسكرية معينة. كما أنه لا فائدة حقيقية له من الرجال المسلحين على دراجاتٍ نارية، باستثناء مضايقة المدنيين. لكون الدراجات النارية لا تخدم أي غرض في صراعٍ حقيقي ضد الجيوش الفعلية.
من ناحية أخرى، أحدثت المناورة العسكرية التي أجراها حزب الله، في جنوب لبنان، يوم الأحد الفائت، الكثير من التوتر والانشغال لدى الإسرائيليين. لم يكن بالإمكان مرورهم على مثل هذه المناورة من دون جدالات ونقاشات داخلية، وإن لم ترق حتى الآن بالنسبة إليهم إلى مستوى الحدث. خصوصاً في ظل التخبط المستمر الذي تعيشه الحكومة الإسرائيلية. ومن أول ردود الفعل على ما جرى، كان تسريب معلومات عن عقد اجتماع للحكومة المصغرة لمناقشة تداعيات مناورة حزب الله، بالإضافة إلى التطورات على الحدود الشمالية للكيان مع سوريا ومع لبنان. جاء ذلك بالتزامن مع تصريحات تصعيدية قام بها مسؤولون عسكريون حول ضرورة المهاجمة قبل فوات الأوان. وهو تصعيد كلامي لا ينفصل عن تصعيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
عصر الجنرالات
في موازاة هذه السجالات الإسرائيلية، يتنامى مناخ في إسرائيل عن أن المجتمع كله لم يعد مجتمع حرب، لا سيما مع إبراز قناعة أساسية بأن عصر الجنرالات المقاتلين في إسرائيل قد أفل، وإن العمل يتجه نحو البحث عن تسويات ومساومات لا أكثر، فيما أقصى الحروب التي يمكن للإسرائيليين أن يقوموا بها تتركز على غزة، كما حصل في السابق مع الجهاد الإسلامي، مع محاولة لتحييد الفصائل الفلسطينية الأخرى، على أن لا تكون تلك الحروب طويلة الأمد. بل تبقى في إطار الضربات الموضعية.
كما يبقى مجال لاستمرار تنفيذ عمليات أمنية وغارات في سوريا كساحة مفتوحة. أما الجبهات الأخرى، ولا سيما لبنان أو إيران، فهي ليست في حسبان نتنياهو ولا أي حكومة أخرى، حتى وإن كان على رأسها جنرالات. وهناك تجربة أساسية مع يائير لابيد ووزير الدفاع بني غانتس، إذ أن كل التهديدات التي أطلقت خلال مفاوضات ترسيم الحدود لم تصل إلى أي مكان، إنما كانت الغاية الاستعراض للوصول إلى تفاهم أو تسوية. وفي هذه المعادلة، تمكن حزب الله من إظهار أنه انتصر وفرض شروطه من خلال ترسيخ الاتفاق بعد إرسال المسيرات.
التشظيات السياسية
كل ردود الفعل الإسرائيلية السريعة على مناورة حزب الله، كان المراد منها استعياب ردود الفعل في الوضع الداخلي، من خلال إظهار الحكومة لقوتها أمام الشعب، ولكنها لا تزال عاجزة عن ذلك. أولاً بسبب عدم القدرة على القيام بأي خطوة عسكرية، وثانياً بسبب التشظيات السياسية التي تعيشها وتعاني منها. وأكثر ما يؤشر إلى حالة الضعف الإسرائيلية هو وجود مساع لتكريس الستاتيكو القائم من دون الذهاب إلى خيار قلب الطاولة على الصعيد الدولي، خصوصاً أن اسرائيل لا يمكنها القيام بأي خطوة بمعزل عن الأميركيين، ومن دون دعمهم وتوفير غطائهم.
أقصى ما يمكن أن يركز عليه الإسرائيليون هو العمليات الأمنية وليس العسكرية، مع تثبيت معادلة أن ما قام به الجيش الإسرائيلي في غزة لا يمكنه القيام به في لبنان. علماً ان كل المعطيات والتقارير تفيد بأن الإسرائيليين يركزون أكثر على تجميع كم كبير من المعلومات، حول مواقع أساسية لحزب الله، ومخازن صواريخ، ومراكز تركيب وتجميع الصواريخ وتطوير الطائرات المسيرة، بالإضافة إلى البحث عن معلومات حول قيادات وكوادر في المقاومة.
تثبيت الواقع
وعادة ما تكون الغاية من جمع هذا الكم من المعلومات هو التخطيط لتنفيذ عمليات موضعية، إلا أن اسرائيل لا تتمتع بأي قدرة لوجستية لتوجيه ضربات أمنية أو عسكرية داخل لبنان، ولا للقيام بأي عمليات اغتيال، لا سيما أن قيادة حزب الله ملتزمة علناً بالردّ على أي ضربة أو عملية اغتيال. وهذا ما يكرس توازن القوى ويبقيه قائماً، وسط استبعاد إمكانية اندلاع أي حرب أو مواجهة مباشرة أو مفتوحة، إلا في حال بلوغ درجات الجنون الإسرائيلية مراحل متقدمة جداً.
ومن مقومات انعدام الحاجة إلى قلب الطاولة جذرياً، هو بقاء الوضع اللبناني كما هو عليه، واستمرار الوضع السوري بواقعه القائم، في ظل تهجير ملايين اللاجئين غير المتوفرة عودتهم حتى الآن. ما يعني تثبيت الوقائع.
منير الربيع - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|