إقتصاد

“دولرة” مساعدات اللاجئين… لماذا ترفضها الحكومة اللبنانيّة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"درج": كارمن كريم - صحفية سورية

“من مصلحة لبنان العليا ألا تدولر المساعدات”، فيما يبدو أنها المصلحة تتعلق بالطبقة الفاسدة لا غير، إذ إن الأرقام والدلائل تشير إلى أن استفادة السلطة الفاسدة من عدم دولرة المساعدات أكبر بكثير من دولرتها.

يمكن وصف هذا العام في لبنان بعام “النازحين عبيقبضوا بالدولار”، مُهاترات لم تتوقف منذ أشهر، استخدمها مسؤولون على طول لبنان وعرضه للتجييش ضد اللاجئين، وتبرير إخفاقات الحكومات اللبنانية المتعاقبة، حتى أصبحت أكبر المشكلات المساعدات بالدولارات التي يُتهم اللاجئ بتقاضيها، علماً أن المساعدات حتى الآن تصل بالليرة اللبنانية للسوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة.

دولرة المساعدات إلى طريق مسدود

يبدو أن الحديث عن دولرة المساعدات وصل إلى خط النهاية، بعد التوافق بين المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان عمران رضا، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بموافقة وزارة المالية ومصرف لبنان، على تحويل المساعدات التي تقدم إلى اللاجئين السوريين من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي، بحسب ما أكّد وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجّار في مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة 26 أيار/ مايو، لكن القرار علّق بمبادرة من الوزير حجار نفسه، وسبقَ لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن قالت في بيان، إنها اتخذت قراراً، بناء على طلبات لبنانية، بتعليق تقديم المساعدات النقدية بالعملتين اللبنانية والدولار للاجئين السوريين لغاية الشهر المقبل، مع استمرار المناقشات حول الطريقة المناسبة لتقديم المساعدات.

لم يكن وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار راضياً عن القرار، فقال إنه لم يتبلغ القرار، كما حذر من احتمال التصعيد بين “النازحين” واللبنانيين على خلفية القرار المفاجئ. وما قاله حجار عن عدم معرفته بقرار الدولرة يشير إلى خلاف بين وزارة الشؤون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

 بالعودة إلى القرار، كان من المفترض أن يبدأ اللاجئون باستلام مساعداتهم بالدولار ابتداء من 26 أيار/ مايو الفائت، وستحصل كل عائلة على 25 دولاراً شهرياً، وكل فرد فيها سيحصل على 20 دولاراً، على ألا يتجاوز عدد الأفراد المستفيدين الخمسة أشخاص”. بينما كانت العائلات السورية تحصل شهرياً على “2.5 مليون ليرة كمساعدة أساسية للعائلة، ومليوناً و100 ألف ليرة للفرد الواحد لغاية 5 أفراد كحدّ أقصى لكل عائلة، يعني ما يعادل 8 ملايين ليرة.

التأثير الاقتصادي لدولرة المساعدات

فهم سبب انفعال حجار يطلب طرح سؤال أساسي: ما التأثير الاقتصادي لدولرة المساعدات؟ وفق ما قاله خبير اقتصادي التقاه درج، تفيد دولرة المساعدات الاقتصاد المحلي، إذ تضخ العملة الصعبة وترفع قيمة الليرة في السوق السوداء، وهذا يفيد بطبيعة الحال كل المقيمين على الأراضي اللبنانية سواء من السوريين أو اللبنانيين، أمّا في حال لم تدولر المساعدات فلن يستفيد الاقتصاد المحلي، ولكن ماذا سيحدث؟ عند وصول الدولارات وتحويلها إلى الليرة اللبنانية، يأخذها مصرف لبنان ويتصرف بها عبر منصة صيرفة لبيع الدولار وشرائه، لكن المشكلة أن منصة صيرفة غامضة وملتبسة ولا أحد يعلم من يشتري الدولارات أو كيف يستخدمها حاكم مصرف لبنان ولمصلحة من، بالتالي تذهب الدولارات إلى مكان غامض وغير مفيد للبنانيين.

تتعلق الخلافات حول دولرة المساعدات بمصرف لبنان بشكل أساسي وبمدى استفادته من الوضع الحالي، ويشير تشبث الحكومة بعدم دولرة المساعدات إلى خلل هائل وعجز مصرف لبنان عن تحقيق أي توازن من دون تلك المساعدات، والتي إذا ما خسرها سيخسر مكاسب كثيرة أولها تأمين القطع الأجنبي، وبحساب بسيط وبحسب أرقام المفوضية، فالمساعدات تصل إلى 230 ألف عائلة، تحصل العائلة فيها بحد أقصى في حال الدولرة على 125 دولاراً أميركياً أي 28.750.000 مليون دولار أميركي شهرياً وهو رقم جيد في ظل الركود الاقتصادي في لبنان.

هيكتور حجار بمواجهة اللاجئين مجدداً

حجار لم يخفِ خططه الحثيثة لحرمان اللاجئين من 15 دولاراً أميركياً زيادة، إذ قال إنه مع القفزة الكبيرة لسعر صرف الدولار في شهر آذار/ مارس الماضي، تسلّم طلباً من المفوّضية برفع قيمة المساعدات وبدولرتها لصعوبة تأمين كميات كبيرة من الليرة اللبنانية نقداً. وفي اجتماعات بين حجار والمفوضية، طلبت وبإلحاح، أن تعطي 40 دولاراً للعائلة و20 دولاراً للفرد لغاية 5 أفراد، أي ما يوازي 140 دولاراً للعائلة كحد أقصى. وكان رفض الحجار على حد قوله لأسباب، أبرزها أن قيمة تلك المساعدات، أكبر بكثير من راتب موظّف فئة أولى في القطاع العام. وهكذا وبدل أن تُناقش قضية رفع أجور القطاع العام، تطلب الحكومة تخفيض المساعدات لتتماشى مع الانهيار الاقتصادي اللبناني.

علَّلَ الحجّار رفضه قائلاً إن “الدفع بالدولار يعزز بقاء النازحين في لبنان، وبالتالي دمجهم في المجتمع اللبناني، لأن العدد الأكبر من النازحين هم نازحون اقتصاديون”، وبهذا ألغى حجار 12 عاماً من الحرب واللجوء والقتل والاعتقال، بتعميم “النزوح الاقتصادي” الذي هو جزء صغير فقط من رحلة لجوء السوريين.

تجاهل حجار المساعدات التي أقرها البنك الدولي، للعائلات اللبنانية الأكثر فقراً،  قبل أيام والتي تبلغ 300 مليون دولار وتشمل 160 ألف عائلة، لا بل قدم حقائق مغلوطة، إذ قال إن العائلات اللبنانية المستفيدة هي 70 عائلة فقط، علماً أن المقارنة بين السوريين واللبنانين هي في الأصل مقاربة خاطئة ومجحفة بحق الطرفين، بسبب اختلاف الظروف. يقول الحجار: “ع المستريح نعطي النازح بالدولار”، معتبراً أن السوري جالس في خيمته ويستلم المساعدات، لكن ألم يتعلم هيكتور خلال مسيرته أن “البارد المستريح” للاجئ هو خسارته لكل ما يملك في سوريا، حيث لا منزل ولا عمل، وفي بعض الأحيان فقد أفراداً من عائلاته في المعتقل أو تحت القصف. 

يقول حجار: “من مصلحة لبنان العليا ألا تدولر المساعدات”، فيما يبدو أنها المصلحة تتعلق بالطبقة الفاسدة لا غير، إذ إن الأرقام والدلائل تشير إلى أن استفادة السلطة الفاسدة من عدم دولرة المساعدات أكبر بكثير من دولرتها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا