توقَّفَ الدّعم والبلد لم يتحسّن... فقر مُضاعَف وتهريب وتبييض أموال وأنشطة سوداء...
بدعم أو من دونه، لا يرتاح المواطن اللبناني أبداً، ولا مجال لذلك.
فبعد مرحلة من "الهرج والمرج"، سبقت بداية تقليص الدّعم عن سلع كثيرة، في مجالات كثيرة، وصولاً الى إلغائه بالكامل عن بعض البضائع، نجد أن الفقير لا يستفيد، والفقر يزداد بأضعاف مُضاعَفَة، والغنيّ يزداد غنًى، و(نجد) أن التهريب لم يتوقّف، وتبييض الأموال تضاعَف، وأن "الاقتصاد الأسود" ماضٍ في طريقه على "أوتوستراد سريع".
التدخُّل
فما هي الجدوى من وقف الدعم بطريقة خالية من أي خطّة مُحكَمَة تنقلنا الى حالة اقتصادية، واجتماعية، ومعيشية مُستدامة وعادلة لكل الفئات الشعبية؟ وما هي الجدوى من وقفه من دون قدرة أي حكومة لبنانية على التدخُّل في الاقتصاد، كما هو حال حكومات اقتصادات دول الأنظمة الحرّة في الغرب، التي رغم حفاظها على طبيعة اقتصاداتها الحرّة، إلا أنها تتدخّل وتدعم في أوان الحاجة، تماماً كما رأينا ذلك خلال حقبة تفشّي جائحة "كوفيد - 19"، واستفحال الأزمة الاقتصادية العالمية من جراء الحرب الروسيّة على أوكرانيا.
أكبر خطأ
أشار الوزير السابق فادي عبود الى أن "الدولة ما عادت تمتلك المال أصلاً لتستمرّ بسياسة الدعم، الذي شكّل أكبر خطأ استراتيجي يمكن ارتكابه في البلد، بالحالة التي كان يحصل فيها، إذ كانت توجد عدّة طُرُق غيره للعمل. فضلاً عن أن هناك أصنافاً ما كان يتوجّب دعمها أبداً".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "بدلاً من هدر الأموال على هكذا دعم خلال السنوات الماضية، كان يمكن استعمالها وفق خطط لتحسين الرواتب مثلاً، سواء في القطاع العام أو الخاص. وما يحصل الآن، خصوصاً في ما يتعلّق بسياسة رفع الضرائب، يصبّ في الخانة نفسها التي اعتُمِدَت خلال حقبة الدّعم".
جنون اقتصادي
وشرح عبود:"إذا أخذنا السياسة المُعتمدة في شركة الكهرباء حالياً، نجد أن الخسائر تتجاوز نسبة الـ 50 في المئة، وهي ما بين هدر وسرقة. وهنا نسأل، كيف تُرفَع التعرفة بظلّ هدر يفوق الـ 50 في المئة؟ هذا جنون اقتصادي بحدّ ذاته، يُكمِل بالطريقة السابقة نفسها، وبدلاً من البحث بخصخصة هذه الشركة بسرعة فائقة، سواء على مستوى الإنتاج أو الجباية. فالمحاولات الفاشلة لاستنهاض شركة شبه مُفلِسَة وعاجزة، لا تجوز أبداً".
وأضاف:"لننظر الى ما يحصل على صعيد الـ TVA أيضاً. فنسبة التهرّب من دفعه باتت تفوق الـ 50 في المئة، وهو ما يعني أن الاقتصاد الأسود بات يشكّل أكثر من 50 في المئة من الحركة الاقتصادية في البلد. وإذا أضفنا ما يحصل على مستوى الاستيراد والتصدير من سرقات، الى المشهد السابق كلّه، نقول إن الجنون الاقتصادي بات مُضاعَفاً".
إصلاحات
وردّاً على سؤال حول أسباب عَدَم قدرة الحكومات في لبنان على التدخُّل في الاقتصاد أبداً، حتى خلال أسوأ الأزمات، بحجة الاقتصاد الحرّ، أجاب عبود:"للأسف الشديد، كل من يتعاطى بالشأن الاقتصادي في البلد، هو دخيل عليه. فلا وزراء يعلمون ما هي الآليات اللازمة والتي يجب اتّباعها لأي قضية، ولا ما يتوجّب عليهم أن يفعلوا".
وختم:"الفريسيون في المجال الاقتصادي أقوياء جدّاً في لبنان، وهم أمّنوا مصالح جيوبهم بدلاً من مصلحة البلد. ولا مجال لانتظار تحسُّن الأوضاع في وقت قريب، طالما أن ذلك تحوّل الى لعبة مصالح بعشرات الملايين من الدولارات شهرياً. فالتغيير الحقيقي يحتاج الى "ولاد مصلحة" بالاقتصاد، فيما من يُمسكون بزمام الأمور لم يطبّقوا أي إصلاح تقريباً، من الإصلاحات التي طلبها "صندوق النقد الدولي"، و"البنك الدولي".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|