أخدوا الـ 90 % من الودائع واعتبروا الـ 10 % مش حرزانة
صَرّح أحد المصرفيين أنّ «إعادة تكوين الودائع غير ممكنة بلا صندوق سيادي»، وأكد وجود 10 % فقط من أموال المودعين». ولا ندري ما إذا كان بقيّة المَصرفيين يُوافِقونه هذا الطرح ويُقرّون انّ هذه هي النسبة الحقيقية التي بقيت من الودائع.
ونسأل هنا عن مصدر معلوماته، هل يملك داتا لكل المصارف تؤكد هذا القول؟ وكَونه مصرفي لماذا لا يبدأ بمصرفه عبر كَشف كافة حسابات المصرف لمعرفة ما مصير الودائع لديه وكيف خسر الـ 90% من الودائع التي لديه؟ ماذا أخذ المصرف المركزي منها وكيف خسر البقية؟
فليُطلعنا عمّا إذا حقّق مصرفه أرباحاً بالوسائل المُلتوية التي تعتمدها المصارف منذ أربع سنوات، عبر بيع الودائع بشيكات مصرفية، وسحب الودائع مقابل نسَب ضئيلة وصلت أخيراً الى 15 ألف ليرة وعدم دفع أي فوائد على الودائع وغيرها من الوسائل التي ذكرناها مراراً...
ما تعليقه على ما صرّح به حاكم المصرف المركزي بأنه يمكن اعادة الودائع كما هي، وانّ الازمة أصبحت وراءنا، وانّ الودائع في خير، وهذه التصريحات تأتي من المسؤول المباشر عن السياسات المالية قبل الأزمة وخلالها وما بعدها، وهو العالِم بخفايا الأمور، فإذا كانت تصريحاته مَغلوطة لماذا لا يواجهه أصحاب المصارف بالارقام والملفات الدقيقة ويكشفون ما لديهم أمام كل الرأي العام، لِتبرئة أنفسهم من دم هذا الصدّيق؟
وهل يعتقد أنه من الطبيعي ان تخسر الناس ودائعها وتفتقِر فيما أصحاب المصارف يتزايد غِناهم وأموالهم؟
وفي كل الحالات، إن كانت هذه النسبة صحيحة فهذا يعني انّ الـ 90 % التي أُخِذت تَمّ تَقاسمها بين المصرف المركزي والمصارف ومسؤولين كباراً في الحكومات المتعاقبة على مدى ثلاثة عقود، وهي مسؤوليتهم المباشرة أن يُعيدوها كما أيّ حكومة جديدة مقبلة. وبالتالي، يعود اليهم أن يَبتدعوا الطُرق المناسبة لذلك. فيَقومون، مَثلاً، بإنشاء صندوق سيادي أو «صَحّارة» سيادية، يدفعون من جيوبهم الخاصة، يضعون صناديق تبرّع أمام الكنائس والمساجد، يبيعون الاراضي، لا فارق، ما اختفَى هو مال في ذمّتهم لأنّ الناس ائتَمَنتهم وإساءة الأمانة هي جريمة، وحَق الناس يبقى قائماً الى ما لا نهاية حتى يتم استرداده.
ونُذكّر في هذا السياق بمقال كنّا قد كتبناه بعنوان «تَيئيس الناس هو خدمة للمصارف»، انّ تصريحات من هذا النوع هي تَيئيس للناس وتَقاذُف للمسؤوليات، هؤلاء ساهموا عن قصد او غير قصد في خراب بيوت الناس، فتحليلاتهم غير المُرتكزة إلى أرقام واضحة تساهِم في بَث الذعر لدى الناس، فيُسارِع كثير من المودعين إلى بيع ودائعهم بشيكات مصرفية، وتخفّ الاعباء المترتبة بالتالي على المصارف. فهل اليوم تأتي محاولة ترويج انّ ما تَبقّى من الودائع هو 10 %، وبالتالي فقد أخذوا القسم الاكبر ولم تعد حِرزانة إعادة ما تبقّى من الودائع؟
هذه الوسائل والتصريحات وغيرها لن تُخفي او تُغَيّر انّ المصرف المركزي والمصارف ومسؤولين كباراً في الحكومات المتعاقبة هم المسؤولون عن اعادة الودائع الى أصحابها، وهم يتحمّلون المسؤولية المباشرة عن الأزمة، وأيّ دوران ومُماطلة لن يُغيّرا مُسَلّمة أنّ هذه الحقوق تبقى أمانة في رَقابهم حتى يوم الدين.
وأناشِد الجميع مجدداً، إنّ الامور لن تستقيم، ولن يملك الشعب القدرة على المحاسبة، ولن نتمكن من إطلاق عملية مكافحة الفساد إذا لم تُطبّق الشفافية المطلقة، أي أن تكون كل أعمال الدولة وقرارات الحكومة وصَرف المال العام مفتوحة للعموم لحظةً بلحظة. ومِن هنا أهمية إقرار قانون للشفافية المُطلقة والبيانات المفتوحة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|