دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
رفضُ عراضة القومي: مسمار جديد بـ"نعش الشرعيّة"
أُضيف "مسمارٌ جديد" فوق كاهل التحدّيات التي يعانيها منطق قيام دولة فعليّة على الاراضي اللبنانية، انطلاقاً من استطلاع مراقبين سياسيين شاجبين للمعاني التي تحملها المظاهر المسلّحة المستنسخة منذ أسابيع على الأراضي اللبنانية، وآخرها كانت عراضة الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجنوب اللبناني. وهناك سخط ملحوظ على مقلب القوى السيادية من تكرار مناورات الذخائر ذات الطابع المنذر بتداعيات سلبية، مع توسّع حلقة عودة الصور العسكرية الخارجة عن نطاق الشرعية وعدم انحسارها بفريق "حزب الله" فحسب. وقد اتُّخذَت خطوة إبراز العتاد العسكري هذه المرة من رئيس القومي ربيع بنات الذي زار أحد المواقع العسكرية التابعة لحزبه في الجنوب. وأتت الزيارة تحت ذريعة تفقّد الوحدات المقاتلة والاستماع إلى عدد من التفاصيل العسكرية، بهدف الاشارة إلى التمسك بسلاح "حزب الله" وأن يكون في الصفوف الأمامية إلى جانبه في أيّ مهمات عسكرية قتالية.
وإذا كان "حزب الله" قد افتتح "الموسم العسكري" أولاً قبل أسابيع، فإن الرسالة الكبرى التي أريد توصيلها بحسب ما يقرأ رئيس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان" فارس سعيد، القول إنّ "إيران قائمة على الحدود الاسرائيلية بدليل زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى مارون الراس في 23 نيسان 2023. واللافت في الزيارة أنّ الوزير الايراني لم يتجوّل في مارون الراس برفقة وزير الخارجية اللبنانية أو وزير الدفاع اللبناني أو محافظ الجنوب، بل حضر برفقة نواب من "حزب الله" ورئيس اتحاد بلديات بنت جبيل". وبذلك، كرّست الزيارة بحضور عبد اللهيان في مارون الراس رسالة تضمّن فحواها، وفق سعَيد، أن "الجمهورية الاسلامية الايرانية قابعة على حدود اسرائيل لا الجمهورية اللبنانية. ثم أتت مظاهر عرمتا ومليتا للتأكيد على أن منطقة عمليات الـ1701 تدار بقوّة "حزب الله" لا الجيش. وبعدئذ، استجدّ الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية فأعاد التوازن لمصلحة الجيش في وجه "حزب الله" على مستوى تلك المنطقة".
وتشكّل آخر هذه العراضات عملياً للحزب القومي رسالة يلاحظ سعيد أنها "موجهة إلى الداخل اللبناني ومفادها أن موازين القوى الداخلية الأمنية والعسكرية قائمة لمصلحة فريق معين ومؤشر إلى الخارج للقول إنه إذا أردتم الاستمرار في لبنان أو إيصال أيّ مرشح لرئاسة الجمهورية أو الحفاظ على أي مصلحة اقتصادية أو سياسية، لا بدّ أولاً من التحدث إلى "حزب الله" وليس إلى الجمهورية اللبنانية". وإذ تتصاعد المخاوف من توسع مظاهر الميليشيات وسط الانهيار وواقع البلاد غير القابل للعيش، فإن سعَيْد يقرأ أن "هناك شعوراً على مستوى الطوائف الأخرى للقول إننا نريد الردّ بصور مماثلة لكن القدرة غير موجودة في وقت فرض وجود "حزب الله" في لبنان نفسه بقرار إقليمي إيراني تراكمي ولا قرار مقابل لدعم خطوة مماثلة من أجل إحداث التوازن الذي لا يحصل إلّا من خلال إعادة تكوين الوحدة الداخلية، وهذا ما لا تعمل الأحزاب والشخصيات اللبنانية من أجله في غالبيتها".
ولا تغيب التساؤلات حول تمدّد السلاح الثقيل باتجاه القوى الحليفة لـ"حزب الله"، كأن يركّز سعَيْد على "إشارة الحزب القومي الملفتة بعدما حاول القول إنه انخرط ما بعد الحرب الأهلية في الحياة السياسية البرلمانية وعودة منطقة ضهور الشوير إلى مكانتها السياحية والتصاقها بأسلوب العيش اللبناني. أمّا عودة الحزب القومي إلى المظاهر الميليشياوية بقرار يبدو متّخذاً من "حزب الله"، فإنّ خطورة الوضع تتمثّل في اتّخاذ "حزب الله" للقرار الذي ينفّذه الحزب القومي". ولا يلغي سعَيْد من قراءته السياسية، "المخاوف من فوضى داخلية فيما تغيب الحلول إلّا بعودة تكوين الوحدة الداخلية وتنفيذ مندرجات الدستور اللبناني، والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات ودعم منطق الجيش اللبناني والاستقلال الفعلي والمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية".
وفي السياق نفسه، فإن دلالات العراضة العسكرية الحاصلة على مستوى الحزب القومي، كما يستطلعها الخبير العسكري النائب السابق وهبي قاطيشا، هي بمثابة "مؤشر على تفكّك الدولة وغيابها الفعلي فيما لا يتمثل الهدف في مواجهة اسرائيل على الأرض وفق المنظور الحاصل، لكن التوجه بخطوة إلى الداخل اللبناني للإشارة إلى امتلاك زمام وحدة الساحات من طهران إلى لبنان والقول إن رئيس الجمهورية يمرّ في الضاحية الجنوبية لبيروت". وإذا كانت الاختلافات الداخلية قائمة ومستمرة على مستوى الحزب القومي، فإن قاطيشا لا يستلطف "معاني العراضة العسكرية التي تأتي في سياق للتعبير عن وجود وحضور على طريقة فلكلورية في محاولة استقطابية وسط أهداف بعيدة المدى وقد تعيد الساحة اللبنانية إلى الفتنة. ويضاف إلى ذلك، احتمال القول إلى معارضي بنات داخل الحزب القومي إنه الفائز على المستوى الحزبي وأن القوى السياسية الحليفة له تتعامل مع الفائزين ومحاولة القفز فوق صورة الخلافات التي برزت جلياً خلال الأشهر الماضية".
وإذ يبقى السلاح الفردي منتشراً أينما كان بالنسبة إلى تفاصيل مقاربة قاطيشا العسكرية، إلّا أنّ "الحزب القومي لا يملك سلاحاً ثقيلاً بل عراضة شكلية ولا حديث عن سلاح منظّم إلّا على نطاق "حزب الله" من ناحية علمية؛ ذلك أن المسألة تحتاج إلى هيكلية لوجستية ونظام عسكري حقيقي يملكه "حزب الله" فقط. ويتمثل الأساس في توجيه القومي رسالة إلى محور "الممانعة" للتعبير عن جهوزيته إلى جانب "حزب الله" وتقديم أوراق اعتماده له". وتدرك القوى "الممانعة" أن حجم قدراتها العسكرية لا تساوي أجزاء من القوة الاسرائيلية، إلّا أنّ ثمّة محاولة واضحة لتوجيه رسائل إلى الداخل اللبناني والداخل الاسرائيلي بعيداً عن الحجم القتالي الحقيقي. ولا يخفى أن مشاهد الاستعراضات العسكرية والتي كان آخرها على مستوى الحزب القومي، مسألة من شأنها خدمة إسرائيل بعد إنقاذ الصواريخ التي أطلقت على تل أبيب في الأسابيع الماضية الحكومة الاسرائيلية من الانقسامات الداخلية الحاصلة". وفي الاستنتاج العام الذي يؤكّد عليه قاطيشا، فإنّ "لبنان وحده يدفع الثمن غالياً، وتحديداً المحور السيادي الذي يشكّل بمثابة حمائم وخراف في مقابل من يعيث فساداً على مستوى البلاد. ولا تريد القوى السيادية الذهاب باتّجاه التسلّح والتحوّل إلى ميليشيات في صورة شبيهة للفريق الآخر، وهي تراكم الخسائر على مستوى البلاد للوصول إلى انفراجة يوماً ما".
"النهار"- مجد بو مجاهد
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|