مشاريع الطاقة الشمسية.. المواطنون يضخون الميغاواط.. ومافيات المولدات تتوعد..
بقوة غير مسبوقة يدخل لبنان نادي الدول الأكثر إنتاجًا للطاقة الشمسية، إذ استطاعت القطاعات الخاصة والمبادرات الفرديّة أن تتعالى عن الأزمات، وتختلق حلولاً منطقية، بأزمةٍ تعتبر هي الأقسى على لبنان خاصةً فيما يخصُّ قطاع الطّاقة.. فعن أي واقع مستقبليّ نتكلمُ هنا؟ وهل حقًا قلبَ لبنان واقع الطّاقة بسحرِ ساحرٍ؟
"على الأرض توفير الطّاقة ارتفعَ إلى ما يُقارب ٦٥٪…" بهذه الكلمات يشرح خبراء تطور حجم إنتاج الطّاقة في لبنان، إذ لا يخفون تطور ساعات التغذية "الخاصة" التي استطاع اللّبنانيّ أن يؤمّنها لنفسه، حيث يُجمع هؤلاء خلال حديث مع "ليبانون فايلز" على أنَّ اللّبنانيين استطاعوا أن يؤمّنوا ما يفوق ٣٠٪ من حاجة لبنان ككل من الكهرباء.
فبحسب الأرقام فإن ألواح الطاقة الشمسيّة المتواجدة في لبنان تُنتج ما بين ٨٠٠-١٠٠٠ ميغاواط، بوقت يحتاج لبنان إلى ٣٠٠٠ ميغاواط من الكهرباء لسدّ حاجاته، وهذا ما يشكل نقلة نوعية، كبيرة، ومهمة على صعيد الطاقة.
كلٌ مسؤولٌ عن كهربائه
بجولة ميدانيّة على الأرض تشعر في لبنان أنّك موجود تحت احتلال ألواح الطاقة الشمسيّة التي غزت سطوح البيوت. فبعد أزمة الطّاقة التّي بشّرت اللّبنانيين منذ حوالي الأربعة أعوام بدخول نفق الظّلمة، استطاع اللّبنانيون أن يتصالحوا مع هذا الأمر من خلال عدم الإكتراث لأي خطة أو كلام من قبل الجهات المسؤولة، خاصة وأن وعود الـ ٢٤/٢٤ هي كثيرة، لتبدأ معها مرحلة استيراد ألاف الأطنان من ألواح الطاقة الشمسية.
فقبل الأزمة كان لبنان يستورد ما يقارب ٢ مليون دولار من الألواح، وصولا لعام ٢٠٢٢ وهو عام دخول لبنان مرحلة العتمة الشاملة ليرتفع معها معدل استيراد ألواح الطاقة الشمسيّة من قرابة ٢ مليون دولار إلى أكثر من ٤٠٠ مليون دولار وهو رقم هائل وكبير بالنسبة لسنتين تقريبًا، حيث تشير أرقام الجمارك إلى أنه وبسنة واحدة دخل ما يقارب ٨٢ ألف طن من ألواح الطاقة.
يؤكّد خبير طاقة لـ "ليبانون فايلز" على أنَّ هذه الكمية تستطيع أن تسدَّ ثلثي حاجة لبنان وليس الثلث فقط إذ يؤكد على أن من ٨٠ إلى ٩٠٪ من اللّبنانيين يستوردون ألواح الطاقة مع بطاريات تخزّن هذه الطاقة ما يعني أن الطاقة "double" وهذا ما من شأنه أن يرفع حجم إنتاجية الألواح هذه من ١٠٠٠ ميغاواط إلى ٢٠٠٠ ميغاواط من أصل ٣٠٠٠ ميغاواط وهي حاجة لبنان الأساسية من الطاقة. وهذا ما يوضح بأن اللبناني بات يعتمد فقط على نفسه لتأمين حاجته اليومية من الطاقة والكهرباء، لدرجة أن العديد من المنازل قامت بإيقاف إشتراك المولدات، وإطفاء ساعات الكهرباء أيضًا.
يوعز الخبراء بهذا المجال خلال كلامهم مع "ليبانون فايلز" أن عمل ألواح الطاقة الأساسي يتمحور حول التوفير لا أكثر، إلا أن في لبنان باتت الطاقة الشمسية مشاريع تعبّر عن تأمين الطاقة الأساسية لسبب واضح وهو أن الدولة ليس بمقدورها تقديم هذه الخدمة، وهذا ما يوضح استيراد البطاريات المخزنة للطاقة مع الألواح، بوقت تعتمد مثلا الدول العربية أو الأوروبية بشكل عام على الألواح فقط وذلك لأن الكهرباء تتوفر بشكلٍ دائمٍ.
فمفهوم الطاقة البديلة في لبنان يختلف تمامًا عن مفهومها في دول أخرى.
مشاريع جديدة
كل هذا دفع باللّبنانيّ إلى ابتكار مهنةٍ جديدةٍ ألا وهي بيع الطّاقة المنتجة من هذه الألواح.
فبعد الارتفاع الهستيريّ بأسعار المازوت، ما انعكس "بمصائب" على صعيد فواتير اشتراك المولدات، قرّر "محمد" أن يستفيد من الطاقة التي أنشأها فوق سطح بيته، إذ بات يوزّع إنتاج ألواحه على جيرانه من خلال تقاضيه بدلاً من المال، ليقوم محمد بتوسيع مجال عمله رويدًا رويدًا ليشكل له مدخولاً أساسيًّا.
يقول محمد خلال حديث مع "ليبانون فايلز" أن المشروع لم يكن مربحًا بالدرجة الأولى، فلم يثق به أحد لاعتقادهم بأنَّ طاقة الألواح ليست بقوة طاقة المولدات، إلا أنَّ ما شهده عمله من تطورٍ لاحقٍ انعكس بشكلٍ إيجابيّ على المعارضين، ما دفعهم إلى إلغاء اشتراكات المولدات، خاصة وأن فواتيرها تأتي ضعفيّ فاتورة "اشتراك الطاقة الشمسية".
مافيات المولدات
وسط كل هذا يستنكر العديد من أصحاب المولدات هذه الخطوة التي يقوم بها العديد من الأشخاص تحديدًا في منطقة بيروت، إذ إن هكذا مشاريع أثّرت بشكلٍ كبير على عملهم، وعلى عدد المشتركين، لدرجة وصول الأمر لدى بعضهم إلى تهديد أصحاب هذه المشاريع في حال أخذ المزيد من الزبائن.
التهديد وصل لمراحل أكبر إذ إن أصحاب المولدات باتوا "يمعنون" بنقل تهديداتهم لزبائنهم بشكلٍ مباشر من خلال تخييرهم بين الطاقة والمولدات، حيث بات هؤلاء يمتنعون عن تزويد المنازل التي وضعت نظامًا للطاقةِ الشّمسيّة بكهرباء المولدات بحجة أن هؤلاء ومع تركيبهم للطاقة سيصبح استهلاكهم أقل، وهذا ما سينعكس سلبًا على قدرة أصحاب المولدات على تحمّل أي خسائر بسبب المازوت والصيانة.
من ناحية أخرى أكّد أحد الأشخاص لـ" ليبانون فايلز" أن صاحب المولد خيّره بين قطع الإشتراك أو دفع ثمن تنكتي مازوت (مقطوعة) سواء استخدم المولد أم لا هذا طبعًا عدا عن مصروفه الشخصي، ليتّضح أكثر حجم تأثير هذه المافيات على قطاع الطاقة.
خطط الكهرباء.. لزوم ما لا يلزم
وسط كل هذه الثورة بعالم الطاقة في لبنان، سؤال يطرح نفسه هنا:" هل من داعٍ لمعامل وخطط كهرباء جديدة لتأمين حاجات لبنان؟؟
حسب الخبراء فإنَّ الطاقة اليوم باتت تستطيع أن تؤمن حوالي نصف ما يحتاجه لبنان من كهرباء، إلا أنّه يستوجب التوضيح بأن الطّاقة الشمسية غالبًا ما تكون موضوعة للتوفير وليس للإعتماد عليها بشكل كلّي. ففي لبنان حولي 90% من مركبيّ الطاقة يعتمدون عليها منذ سنتين من دون الإعتماد ولا بـ1% على كهرباء الدولة، وهذا ما يدفع بالدولة إلى إعادة جدولة أوراقها، والبحث بشكلٍ معمّق عن ضرورة تعديل عدد معامل الكهرباء، ووضع المال الذي سيذهب هدرًا بأماكن أخرى تحسّن إنتاجية الطاقة.
ويؤكّد متابعون للملف بهذا المجال على أن الدولة اليوم حصلت على فرصة كبيرة تمثلت بقيام المواطنين بتخليصها من عبء كبير وصل إلى حدّ النصف.. فأليس بالأجدر أن تبدأ الآن طالما أن ثقل المهمة قلّ نسبيًّا.؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|