شبح الفراغ يهدد الدولة وليس كرسي بعبدا فقط!

قد يكون الشغور الزاحف إلى المناصب الرئيسية في الدولة هو الهاجس الأول لدى عواصم القرار المعنية بالملف الرئاسي وعلى رأسها باريس التي تقارب المشهد اللبناني عموماً من خلال التركيز على الخطوات الضرورية لمواجهة واقع الفراغ الذي بدأ رئاسياً وسيمتد خلال أسابيع إلى حاكمية مصرف لبنان وبعد أشهر معدودة إلى قيادة الجيش، من دون إغفال المرور بالمراكز القيادية في الإدارات والوزارات والمؤسسات الرسمية.

وبمعزلٍ عن كل ما يُطرح من سيناريوهات على طاولة اللقاء الخماسي أو على الساحة الداخلية اللبنانية، فإن ما يهمّ العواصم المؤلفة لـ"خماسية باريس"، هو تفادي تفكك الدولة وربما النظام والحديث عن وجوب البحث في عقد سياسي جديد في لبنان، مع ما يعنيه هذا الأمر من ارتدادات دراماتيكية باتت تلوح معالمها في الأفق الداخلي، من خلال الصراع ذات الطابع الطائفي الذي نشأ على هامش الإستحقاق الرئاسي.

ووفق مصادر ديبلوماسية مطلعة، فإن محور المتابعة الخارجية وعلى وجه الخصوص الديبلوماسية الفرنسية، هو حماية المعادلة اللبنانية وعدم فتح الباب أمام أي انزلاق نحو خيارات سياسية تتخذ طابع انتصار فريقٍ سياسي أو طائفي على فريقٍ آخر، ومن هنا التركيز على استبعاد أي مرشّح للرئاسة يمثل تحدياً لفريق داخلي ويعزز "غلبة" فريق آخر.

إلاّ أن الأخطر من معادلة "غالب ومغلوب" في لبنان، كما تكشف المصادر لـ"ليبانون ديبايت"، هو الوصول إلى أزمة حكم نتيجة الشغور الرئاسي وانعدام القدرة على حماية المؤسسات بفعل تجميد التعيينات في ظل حكومة غير أصيلة، وبالتالي انتقال الأزمة من خلاف على رئاسة الجمهورية إلى أزمة نظام ودخول الساحة في ما يشبه التعطيل أو التدمير الممنهج بسبب الإنقسام السياسي والطائفي.

وبالبناء على هذه الهواجس المتداولة ضمن الدول الخمس التي تؤلف اللقاء الخماسي، ترى المصادر الديبلوماسية، أن العديد من المراكز المسيحية، ستتجه نحو الشغور قريباً في حال لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة، خصوصاً وان المبادرة هي في يد الثنائي الشيعي، وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يواجه اليوم التحدي الذي رفعته بوجهه قوى المعارضة في لحظة الإتفاق على مرشّحٍ واحد في ما بينها.