دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
هدوء باريسي أجهض حماسة الراعي
زيارة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة مار بشارة الراعي الى العاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي، كانت غنية بالعبر، وهي حملت رسائل متعددة، لكن الفارق كان كبيرا بين الشكليات الرفيعة المستوى للزيارة وبين مضمونها الملتبس. فالاستقبال الرئاسي الفرنسي للراعي كان حارا وفيه رائحة عطرة متبقية من «زمن الأم الحنون» لكن نتائجها لم تحمل غبطة كافية لصاحب الغبطة، حيث باريس اليوم تختلف عن باريس الماضي.
القول إن فرنسا دولة علمانية، وهي لا ترغب بأن يأخذ رجال الدين دورا سياسيا، او أنها تفضل مناقشة الملفات مع المرجعيات الرسمية والحزبية، لا تكفي لتبرير الغموض الذي حمله البيان الفرنسي الصادر في أعقاب لقاء الراعي مع الرئيس ايمانويل ماكرون. ومن الواضح أن هناك تباينا في الرؤى بين الطرفين تجاه الملف الرئاسي وفي موضوع الدعوة لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، او لنقل تعارض تفرضه المصالح، بكركي خائفة على دور المسيحيين ومستقبلهم ومن فرض رئيس جمهورية مرتهن لقوى في الداخل والخارج بعد شغور الموقع لما يزيد على 7 أشهر، اما فرنسا فتبحث عن مصالحها بمناسبة تحديد موقفها من لبنان، وهي تخشى من الانزلاق الى مواجهات مع أطراف لها نفوذها في لبنان والمنطقة، وتنصح بكركي بالحوار.
برغم دخول الفاتيكان على خط تحصين دور سيد بكركي الذي عرج على روما قبل وصوله الى باريس، لكن ذلك لم يغير من واقع كون الزيارة فشلت في الحصول على تأييد فرنسي علني للتوافق بين القوى المسيحية الرئيسية (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب) وهي لم تعلن دعم ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور ولا تعارضه علنا، والحد الأقصى الذي حصل عليه الراعي، هو تأييد فرنسي لحركة تواصل جديدة تقوم بها بكركي باتجاه الفرقاء اللبنانيين الآخرين المعنيين بالملف الرئاسي، وتحديدا باتجاه فريق ثنائي أمل وحزب الله. وقيل إنها نصحته بزيارة الرئيس نبيه بري على وجه التحديد.
يؤكد الموقف الفرنسي أن حسابات باريس تبنى وفقا للمصالح، وليس استنادا الى المعطيات التاريخية او الدينية فقط. وهي اذا كانت تحترم خصوصيات العلاقة مع لبنان، لكونها شاركت في تأسيس الكيان، لكنها لا تتمسك بهذه المعطيات على حساب منافعها، لاسيما في الاستثمارات الخارجية الواعدة في ايران وفي المناطق التي تتمتع فيها ايران بتأثير واضح، كالعراق ولبنان، وعلى وجه التحديد استثمارات الشركات الفرنسية في مجال النفط والغاز، وهذه المنافع تدفعها لمراعاة موقف حلفاء ايران من الملف الرئاسي اللبناني، خصوصا حزب الله الذي يؤيد وصول النائب السابق سليمان فرنجية الى الموقع.
كواليس اللقاءات الباريسية للراعي والوفد المرافق له، لم تخل من القفشات التذكيرية بالعلاقات التاريخية التي تربط الموارنة بفرنسا منذ زمن بعيد، لكن منسوب الاهتمام في هذه العلاقة تراجع، فبينما وصلت فرنسا الى حد اتخاذ مواقف في لبنان لا تخدم المصالح العليا للمسيحيين (كما يرى بعض المتابعين) وصل الرد من قبل الاوساط المسيحية المؤثرة الى حد التهديد باعتماد اللغة الإنجليزية في المدارس الكاثوليكية ذات التأثير الواسع بدلا عن اللغة الفرنسية، او الى جانبها. وهو أمر يحمل دلالات كبيرة، ولم يسبق أن حصل في أوج التنافس بين البعثات التبشيرية في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وحينها تم تقديم مغريات متعددة لهذه المدارس من جهات اميركية وبريطانيا ولم تقدم على مثل هذه الخطوة.
تذكر فرنسا بالتجارب المريرة مع الرئاسة اللبنانية منذ ايام الوصاية، حيث لم يتجرأ الرئيس اميل لحود على استقبال الرئيس جاك شيراك لأن زيارته الى بيروت عام 2005 كانت تزعج التوجهات السورية، وأكمل على ذات الطريقة تقريبا العماد ميشال عون في تهميش دور الدولة التي احتضنته 15 عاما، وحسابات باريس اليوم تحكمها المنافع التجارية الكبرى، بينما يغلب على سياسة بعض قادة الموارنة التهور او استهواء لعبة الانتحار كما يقول المتابعون.
الموقف الفرنسي لا يلقى تأييدا واسعا في لبنان اليوم. بالمقابل فإن بكركي أسهمت في رفض الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري في اكتوبر 2022 حول الملف الرئاسي، ولم يكن لهذا الرفض مبررات كافية.
الأنباء الكويتية - ناصر زيدان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|