نصاب الدورة الأولى هو الأهم؟
الموعد الجديد لانتخاب الرئيس ليس الاخير. كذلك الاوراق البيض لن تغادر القاعة. كما رشّح "الثنائي الشيعي" سليمان فرنجية، رشّح الثنائي المسيحي جهاد أزعور. المفارقة ان صاحبيْ العلاقة لم يعلنا بعد ترشيحيْهما ولم يقولا علناً أنّهما يريدان. يذهب البرلمان إلى جلسة أشباح.
بعد 19 كانون الثاني المنصرم يلتئم مجلس النواب للمرة الاولى مذذاك في جلسة ثانية عشرة في 14 حزيران لانتخاب الرئيس. على ان لا توقعات متفائلة تسبق الجلسة الجديدة.
مذ حدد رئيس المجلس موعدها كثرت التكهنات من حول جدواها في ظل الانقسام الحاد في البرلمان. في الغالب ستكون على صورة الجلسات الاحدى عشرة السابقة ببعض فروقات من غير المستبعد ان تكون ذات دلالة. بيد ان المهم الذي يسبق الجلسة ويتقدم عليها ويعلوها، أياً تكن قوة التناحر والاشتباك، أنّ الاوان لم يحن بعد لانتخاب الرئيس، ومن غير المؤكد أنّه سيحين في وقت قريب بلا صدمة:
1 - ليس تحديد الموعد سوى استجابة برّي ما كان تعهد به قبلاً، وهو تعيينه إياه ما ان يتيقن من وجود مرشحيْن متنافسيْن. كلا فريقيْ المرشحيْن الوزيريْن السابقين سليمان فرنجية وجهاد ازعور اكد انهما جديان ونهائيان. بذلك يُفترض ان الانتخاب سيدور من حولهما، مشدوداً للمرة الاولى ربما الى عَصَبَيْن مذهبيين وراء ترشيح كل منهما: ثنائي شيعي وراء الاول، وثنائي مسيحي وراء الثاني. لدى كل من المرشحيْن خليط غير مسبوق وغير متكافىء: كل الطائفة الشيعية وراء فرنجية مع عدد قليل من النواب المسيحيين والسنّة وفقدان كامل للنواب الدروز. في المقابل غالبية القوى المسيحية وراء ازعور مع خليط قليل من السنّة ونائب درزي دونما وجود اي نائب شيعي لديه. بالتأكيد يصعب من الآن احتساب كتلة وليد جنبلاط في اي من الثنائييْن هذين وكذلك ثلث السنّة المشتتين ونواب مسيحيين آخرين متريثين.
استقطاب مذهبي يزداد حدة يوماً بعد آخر لن يفضي حكماً الى انتخاب رئيس، بل الى مزيد من الانقسام والتفكك من غير المستبعد ان تكون له ارتدادات مفاجئة.
2 - تحديد الموعد غير كاف للتأكد من انعقاد الجلسة، ما يرجّح عدم اكتمال نصابها منذ الدورة الاولى واهدار الموعد تالياً بلا نفع. بحسب ما يتحضر له الفريقان، محكوم على الجلسة اعدامها سلفاً. ليس في وارد الثنائي الشيعي التصويت لفرنجية بعدما أخذ على عاتقه في ما مضى انه يصوّت له في جلسة انتخابه وليس سوى ذلك. ذلك ما قد يقوده الى الاقتراع مجدداً بورقة بيضاء تعبيراً عن عدم الجهوز لانتخاب الرئيس. في المقابل يذهب الفريق الآخر الى الاقتراع لأزعور المرجح حصوله على العدد نفسه من الاصوات التي كان يحوزها المرشح السابق النائب ميشال معوض مضافاً اليه اصواتاً جديدة من نواب تغييريين او مستقلين انضموا الى خيار تأييده.
الا ان المفاجأة في ما قد يناله ازعور، هو التحقق مما سيعطيه اياه نواب التيار الوطني الحر. في ثمانٍ من الجلسات الاحدى عشرة مع وجود التيار الوطني الحر في صف الثنائي الشيعي، أُعطيت الورقة البيضاء بين 46 صوتاً و62 صوتاً. بمغادرته هذا الفريق تساوت الاوراق البيض مع معوض بـ39 صوتاً لكل منهما. ذلك ما يفسّر تعويل المعارضة المسيحية على كتلة النائب جبران باسيل بالقول ان في حوزتها اصوات الفوز من الدورة الثانية. اما الثغرة العميقة فتكمن في ان ما يدعوه باسيل وفريق المعارضة تقاطعهما عند ازعور ولا يتحالفان من اجله، فلا يعدو كونه آنياً. ذلك ما يعنيه التقاطع على الاقل ويمثّله: لحظة قوة مقدار ما هو لحظة ضعف عند اطرافه غير مأمونة النتائج. لا يتردد باسيل في قول ما ينكره المتقاطعون الآخرون معه، وهو ان ازعور واحد من مرشحين آخرين. وقد يتوقف مفعول التقاطع هذا عند جلسة 14 حزيران اذا استنفد وظيفته وجدواه والرسائل المنطوية عليه.
3 - ليس خافياً، وقد يُعد هذا العامل ذا شأن لتبرير تعطيل الدورة الاولى من الاقتراع، ان ذهاب الثنائييْن الى التصويت للمرشحيْن المتنافسيْن سيؤدي حكماً الى حصول ازعور على عدد اكبر من الاصوات من فرنجية دونما تخويله الفوز في كلتي الدورتين. الا ان الوصول الى حقيقة كهذه تحمل سلفاً الثنائي الشيعي على تفاديها اما بالتغيب عن الدورة الاولى من الاقتراع او التصويت بالاوراق البيض استعادة للجلسات الماضية.
4 ـ يرمي التعويل على الاوراق البيض مجدداً الى هدف مكمّل لتجنيب فرنجية احراجاً مؤذياً، هو تحييد النواب المتريثين والمترددين، ثلث السنّة ونواب مستقلون وتغييريون بينهم مَن يجد في الاقتراع بالورقة البيضاء تعبيراً عن رفضه المرشحيْن المتنافسيْن في آن واستبعاد اي توافق على الوصول الى انتخاب الرئيس. اذذاك سيُفسَّر اقتراع هؤلاء بورقة بيضاء في الحساب السياسي كما لو انهم يتقاطعون بدورهم مع الورقة البيضاء الشيعية اكثر منها تسجيل موقف اعتراضي على الطرفين المتقابلين.
5 - خطورة جلسة 14 حزيران، الموجبة سلفاً للتحوط والمبرِّرة ربما للتعطيل، ان حصول ازعور على ما تروج له المعارضة المسيحية عن امتلاكها 65 صوتاً، قبل الوصول الى الدورة الثانية ومن دونها حتى، سيؤدي سياسياً وليس دستورياً الى حسم النتيجة لمصلحته، ويُحمّل بعدذاك الثنائي الشيعي مسؤولية منع انتخاب الرئيس لا تعطيل انعقاد الدورة الثانية فحسب. ما لا يريد الثنائي الشيعي الوصول اليه، ويحاول في المقابل الثنائي المسيحي استدراجه اليه، الانتقال بأزعور من مرشح مناورة - كما سماه حزب الله اخيراً - الى مرشح امر واقع مفروض يصعب تجاهله ولا يدار انتخاب الرئيس من دونه.
نقولا ناصيف - "الأخبار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|