بعد دعمها السابق.. إليكم تعليق سوزان نجم الدين بعد رحيل الأسد
عمالة الأطفال اللبنانيين إلى ارتفاع و90% من الدعم الدولي للسوريين
في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، وبعد عشر سنوات على إقرار لبنان الخطّة الوطنيّة لمكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال (2013)، زاد عدد الأطفال العاملين في لبنان على 200 ألف وتراجع متوسط أعمار هؤلاء إلى 6 سنوات، وكثُرت حالات استغلالهم في أسوأ أشكال العمالة التي تتمثّل في استخدامهم في «الأعمال الخطرة والعمل القسري والاتجار والاستغلال الجنسي والأنشطة غير المشروعة».
لم تعد عمالة الأطفال حكراً على الضواحي الفقيرة في المدن وعلى المناطق النائية... في قلب بيروت، «ينغل» هؤلاء في مكبات النفايات لجمع البلاستيك والخردة، وفي ورش البناء، وفي «التعشيب» و«النكش»، أو بيع الورود والمناديل والعلكة، أو يعملون في محلات السوبرماركت والمصانع ومحال الميكانيك لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة تصل إلى 200 ألف ليرة في الأسبوع.
الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية وعدم قدرة أسر كثيرة على تحمّل النفقات التعليمية لأولادها وحاجتها إلى مداخيل إضافية، إضافة إلى إضرابات أساتذة التعليم الرسمي، وعدم القدرة على مواكبة التعليم عن بعد الذي فرضته جائحة كورونا، كلها عوامل شكلت بيئة رخوة لتسرّب الأطفال من مدارسهم وزجّهم في سوق العمل. بلغة الأرقام، أظهر مسح سريع أعدّته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» على الأطفال اللبنانيين وغير اللبنانيين، مطلع تموز عام 2021، أنّ «واحداً من كل عشرة أطفال في لبنان التحق بالعمل، وأن 15% من الأسر توقفت عن تعليم أطفالها».
وبحسب تقارير مراقبة الحماية الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية IRC، ارتفعت نسبة الأسر التي لديها طفل واحد على الأقل يعمل من 9 في المئة في النصف الأول من 2021 إلى 10 في المئة في الفترة ذاتها من 2022، علما أنّ «العديد من الأسر ذكرت أنّ لديها أكثر من طفل يعمل».
وتقدّر رئيسة وحدة مكافحة عمل الأطفال في وزارة العمل نزهة شلّيطا «عدد الأطفال العاملين بأكثر من 200 ألف، من مختلف الجنسيات، وفي مختلف القطاعات على الأراضي اللبنانية. وتلفت إلى تراجع متوسط أعمار الأطفال العاملين إلى 11 - 13 عاماً، وأحيانا إلى 6 - 7 سنوات لمن يعملون في الشارع». لكنها تشير، في ظلّ غياب إحصاء رسمي شامل، إلى «عدم دقّة الأرقام التي تصدر عن جمعيات أهلية نتيجة مسوح سريعة تجريها على منطقة أو حيّ، كإحدى الجمعيات التي أعلنت عن 1150 طفلاً عاملاً في حيّ واحد من الشمال، وهو رقم مبالغ فيه».
وبعدما كانت آفة عمل الأطفال تتركز بين النازحين السوريين، «يزداد انتشارها بين اللبنانيين»، وفق شليطا. وقد لاحظت «اليونيسيف» ذلك لدى دراسة الاتصالات الشهرية التي تردها لطلب حماية للأطفال (معظمها عن عمل الأطفال ووجودهم في الشارع). فبعدما تجاوزت نسبتها عند السوريين في النصف الأول من 2021 الـ 60% وانخفضت لدى اللبنانيين عن 30%، لامست اتصالات السوريين في الفترة ذاتها من عام 2022 الـ 60% لترتفع عند اللبنانيين إلى 40%. إلا أن ذلك لم يحرّك المنظمات الدولية أو يدفعها إلى إيلاء مزيد من الاهتمام بالأطفال اللبنانيين عند دعم حماية الأطفال من العمل. إذ «لا تزال المساعدات الدولية تُخصّص للنازحين السوريين بنسبة 90 في المئة، علما أننا لم نستثنِ أحداً عند وضع خطة مكافحة عمل الأطفال. ولا نتحدث هنا من منطلق عنصري، بل من منطلق عدم التمييز بين طفل وآخر على الأراضي اللبنانية».
وتدقّ شليطا ناقوس الخطر مع الاستخدام المتزايد للأطفال في أسوأ أشكال عمل الأطفال. وتلفت إلى «ضبط المديرية العامة للأمن العام مجموعة تشغّل أطفالاً في النشاط الزراعي. وفوجئنا لدى جمع البيانات حول حماية الأطفال مع إحدى الجمعيات لإطلاق تقرير لم يُنشر بعد، بزيادة استخدام الأطفال في أسوأ اشكال العمل، ولا سيما استغلال الفتيات جنسياً في أعمال الدعارة، والفتيان في الترويج للمخدرات». وفي السياق، توصّلت «اليونيسيف» إلى أنّ «أكثر من 50 في المئة من الأطفال الذين يتلقّون خدمات إدارة الحالة (جمعيات حقوقية تدير حالات حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي وتقدم خدمات لإعادة تأهيلهم) في النصف الأول من 2022 هم أطفال في أسوأ أشكال عمل الأطفال».
الخبيرة الدولية في حماية الطفل والرعاية البديلة زينة علّوش تشير إلى نوعين من المخاطر يتعرّض لهما الأطفال جرّاء إرغامهم على العمل: جسدية ونفسية، «استخدام الأطفال في تركيب الدواليب وحمل الأثقال وغيرها من الأعمال الصعبة يعرّضهم لمخاطر جسدية نظراً إلى صغر بنيتهم، وعدم تدريب الأطفال مهنياً تنجم عنه حوادث جمّة». وتروي شليطا عن «تعرّض طفل لبتر أصابعه لدى تشغيله على العجّانة في أحد الأفران، ما دفعنا إلى إقفال المحل». في الجانب النفسي، نزول الأطفال إلى الشارع بطريقة غير محميّة يعرّضهم، وفق علّوش، «للاستغلال والتحرّش وسوء المعاملة كالضرب والإهانات ما يخلّف آثاراً نفسية كبيرة عليهم».
رغم كلّ ذلك، لم تجتمع اللجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال منذ عام 2017، ولم تفعّل الخطة الوطنية للمكافحة بعد، بسبب «تدهور الإمكانات المادية والبشرية في وزارة العمل، وإضراب موظفي القطاع العام، وقلّة عدد المفتشين. وأساساً عددهم غير كافٍ (34 مفتشاً موزعين بين إداري وفني)، فكيف الحال مع تقدّم البعض بطلبات استيداع، وعدم قدرتهم على الوصول إلى نقاط الكشف والرقابة؟»، تسأل شليطا. لتغطية هذا النقص، أطلق وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم أوائل العام الجاري مبادرة بالتعاون مع مؤسسة مخزومي وجمعية الإرشاد القانوني والاجتماعي لتدريب أكثر من 100 ناشط اجتماعي في بيروت وجبل لبنان وطرابلس وزحلة على أصول التفتيش للمراقبة والتبليغ، لـ«يكونوا بمثابة مخبرين على الخط الساخن»، علماً أن المسؤولية لا تقع على عاتق وزارة العمل فحسب، بل تشمل وزارة الشؤون الاجتماعية لدعم الأسر الفقيرة المجبرة على إرسال أولادها إلى العمل، ووزارة التربية والتعليم لتطبيق إلزامية التعليم ومجانيته فعلا، ووزارة الداخلية والعدل للحدّ من الجرائم بحق الأطفال العاملين.
في ما يتعلق بتقصير مؤسسات الدولة، تقول شليطا إن «فاقد الشيء لا يعطيه». لكنّها تحمّل المسؤولية أيضاً للمجتمع الدولي الذي «حجب الدعم عن مراكز حماية الأطفال من أسوأ أشكال عمالة الأطفال، حتى أفلست وأقفلت أبوابها في النبطية والأوزاعي وطرابلس، ولم يبق غير مركز في سعدنايل في البقاع يعتمد على دعم متواضع من منظمة نروجية غير حكومية». فيما تحوّل المنظمات الدولية تمويلها إلى الجمعيات غير الحكومية التي تسأل شبيطا «عمن يراقب عملها ويتأكد من أن الأموال الطائلة التي تصلها تُنفق في محلّها؟».
زينب حمود - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|