جلسة الثلاثاء: لا تعيينات ووزير العدل لن يَحضر
تلخّص الزيارة التي قام بها وفد من الحزب برئاسة النائب محمد رعد للرئيس ميشال عون في 2 شباط الماضي، بعد ثلاثة أشهر من نهاية ولايته الرئاسية، حدّة الخلاف بين الطرفين على بعد ساعات قليلة من "أحرَج" وأهمّ جلسة رئاسية منذ بدء عهد الفراغ.
في تلك الجلسة توجّه عون، وفق معلومات "أساس"، بكثير من الصراحة إلى ضيوفه قائلاً: "أشكركم لأنّكم ساهمتم بوصولي لرئاسة الجمهورية، وأشكركم أيضاً لأنّكم ساهمتم بتدمير عهدي عبر السماح لنبيه برّي بتنفيذ ما خطّط له".
كانت تلك العبارة كفيلة بإنهاء اللقاء بأسرع من الوقت المحدّد. لكنّ التتمّة أتت من خلال الكلمة المكتوبة سلفاً التي قرأها رعد أمام الإعلاميين والتي بدت مسلوخة بالكامل عن "جوّ" الحديث في الداخل حين أكّد أنّ "العلاقة التشاركية وفّرت مناخاً مؤاتياً لمشروع بناء الدولة الذي نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني والذي لم يرُق لكثيرين".
منذ تلك الجلسة المتوتّرة لم يدخل رصيدَ "العلاقة التشاركية" سوى المزيد من عوامل الجفاء وتكريس التباعد وصولاً إلى التصادم الرئاسي الحادّ.
يعتبر فريق ميشال عون وجبران باسيل أنّ الحزب "أعطاه الرئاسة وأخذ منه كلّ شيء، وفوق ذلك يريد خطف رئاسة الجمهورية أمام أعين كلّ المسيحيين". وفريق حزب الله بمؤازرة من "مؤثّرين" وإعلاميين مقرّبين من المقاومة يصنّفون باسيل من خلال سيره بجهاد أزعور كتفاً إلى كتف مع سمير جعجع بـ "المنقلِب على التفاهم مع السيّد حسن نصرالله والمشارِك بمؤامرة عزل المقاومة".
في جميع اللقاءات التي جَمَعت الأب المؤسّس للتيار الوطني الحر مع المحازبين كانت لهجة النقمة على الحزب توازي الغضب الكبير من نبيه برّي.
يُفسّر هذا الأمر التسريباتُ العونيّة التي تردّدت منذ أيام حول عدم تمسّك باسيل بجهاد أزعور، واستخدام كلمة التقاطع وليس التبنّي، والتأكيد أنّ "بإمكاننا السير بأيّ مرشّح مقبول باستثناء السماح لثنائيّ برّي-الحزب بفرض سليمان فرنجية خياراً رئاسياً حتمياً يجب الانصياع له".
حكوميّاً الأزمة أكبر
ما يجري على صعيد الحكومة لا يقلّ شأناً عن الجبهة الرئاسية. يرى عون، ومن خلفه باسيل، أنّ ثلاثيّ الحزب - برّي - ميقاتي يُمعِن في التعدّي على صلاحيّات رئيس الجمهورية والاستيلاء على توقيعه. وجلسة يوم الثلاثاء نموذجٌ متكرّر يفاقمه التوجّه إلى إقرار تعيينات عسكرية وأمنيّة.
أُدرج بندان على جدول الأعمال فقط: إقرار ورقة النازحين السوريين، وطلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محامين فرنسيّين لمعاونة رئيس هيئة القضايا في الدعوى المقدّمة من الدولة الفرنسية أمام قاضية التحقيق الفرنسية في ملفّ آنا كوساكوفا ورفاقها.
أثبت مسار جميع جلسات الحكومة للفريق العوني وجود نوايا "توسّعيّة" أظهرت ميقاتي، بغطاء كامل من الثنائي الشيعي، رئيساً لحكومة بالأصالة وليس حكومة تصريف أعمال، خصوصاً أنّ البنود التي كانت تقرّ من خارج جدول الأعمال كانت توازي تلك المُدرَجة على جدول الأعمال رسميّاً.
يكشف البند الثاني على جدول الأعمال، برأي هذا الفريق، جانباً من أسلوب الحكومة برعاية أمل-الحزب في فرض ذهنية الاستقواء إلى حدّ الإضرار المباشر بمصالح الدولة اللبنانية.
ففي أيار الفائت أعلن رئيس الحكومة تأجيل جلسة ببند وحيد كان دعا إليها في 31 أيار في شأن الاتفاق بالتراضي مع محامين فرنسيين، وذلك بعد تأكيد وزير العدل هنري خوري عدم حضوره الجلسة خلال مؤتمر صحافي عقده قبل يوم واحد أكّد فيه قانونية العقود التي وقّعها، بناء على اقتراح وجهد رئيسة هيئة القضايا، لتوكيل محامين دوليّين لحفظ أموال الدولة اللبنانية.
هذا وأعلن خوري أنّ المحاميَيْن إيمانويل داوود وباسكال بوفية يمثّلان بموجب هذه العقود الدولة اللبنانية أمام المحاكم الفرنسية، وأنّ مسألة البحث عن محامين لتمثيل لبنان من دون أتعاب على الدولة أخذت حوالى سنة، مدافعاً عن السِيَر الذاتية للمحامين بعد التشكيك بها من قبل المدير العامّ.
في المقابل، رأى رئيس الحكومة أنّ "موقف الوزير بتعطيل سير العمل ضمن المؤسّسات الدستورية يحمّله شخصياً المسؤولية الدستورية والقانونية والأخلاقية عن أيّ ضرر قد يطال مصلحة الدولة العليا".
لن يحضر وزير العدل الجلسة غداً انسجاماً مع قرار مقاطعة الجلسات. ولا يُعرف هل يتمكّن مجلس الوزراء من بحث هذا البند بغياب الوزير المختصّ الذي يفتيها بـ "المراسيم الجوّالة".
تجدر الإشارة إلى أنّ العقود التي وُقّعت مع المحامين ما تزال سارية المفعول، ووزير العدل أرسل كتاباً بشأنها إلى مجلس الوزراء بتوقيع الـ 24 وزيراً، فيما يطالب ميقاتي بأسماء محامين جديدة واستدراج عروض. أمّا الجهة المخوّلة قانوناً تحديد أسماء المحامين واقتراحها هي هيئة القضايا وليس الوزير أو المدير العامّ لوزارة العدل.
إنّ التعاطي مع العقود التي وقّعها وزير العدل في أيار كأنّها غير موجودة يشكّل، برأي فريق عون وباسيل، تعدّياً على صلاحيات القاضية هيلانة إسكندر أوّلاً ثمّ وزير العدل. وقد يضيّع هذا الأداء على لبنان حقوقاً ماليّة تصل إلى 120 مليون دولار لأنّ جلسة الحكم في تثبيت الحجز على أملاك رياض سلامة محدّدة في 4 تموز ويجب أن يكون هناك من يمثّل الدولة اللبنانية في الدعوى المقامة ضدّ سلامة وصديقته في فرنسا.
يضيف هذا الفريق: "امتنع ميقاتي عن بتّ المسألة لأسابيع عدّة بحجّة أن لا جلسة لمجلس الوزراء وعدم تضمّن الكتاب رأي المدير العامّ لوزارة العدل محمد المصري".
في السياق نفسه، ارتبطت جلسة مجلس الوزراء غداً بالحديث عن تعيينات، غير متّفق عليها، مرتبطة بضبّاط المجلس العسكري في قيادة الجيش ومجلس القيادة في قوى الأمن، وهو الأمر الذي يرفضه بالمطلق الفريق الباسيليّ. "لغم" التعيينات وربطه بترقيات الضبّاط العالقة منذ نحو أربع سنوات قد يمنعان إصدار مراسيم الترقيات غداً في مجلس الوزراء وكالةً عن رئيس الجمهورية، بانتظار تحديد جلسة أخرى قريباً.
لكن معطيات "أساس" تؤكد حصول فصل تام بين الترقيات والتعيينات التي يتطلّب إقرارها أن يرفع وزير الدفاع موريس سليم اقتراحات بأسماء الضبّاط المشمولين بالتعيين لعضوية المجلس العسكري، وهو أمر يرفضه الوزير خوري، حتى الآن، باعتبار أن لا صلاحية، برأيه، لحكومة ميقاتي بإجراء تعيينات.
ملاك عقيل - اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|