لا أفق لحلّ أزمة النازحين وبديل السلطة تهجير اللبنانيين
تتصاعد في لبنان النقمة ضد النازحين السوريين على خلفيّة ما يتردّد أنهم يتلقون مساعدات هي كناية عن 120 دولاراً نقداً كحدّ أقصى للعائلة شهرياً إضافة إلى مساعدات غذائية واستشفائية وتربويّة، كما أنهم يستخدمون التيار الكهربائي إذا توفّر، وينافسون اللبنانيين في مجالات العمل، كما أنهم يساهمون في زيادة التلوث البيئي وفي ارتفاع معدّل الجريمة في لبنان، والأخطر أنّ نسبة الولادات في صفوف النازحين السوريين هي أعلى من نسبة الولادات لدى اللبنانيين.
هذه القضية لا أفق لحلّها حالياً رغم تداعياتها الخطيرة على لبنان، فالدولة اللبنانية ومنذ نشوب الصراع في سوريا في العام 2011 لم تتعامل مع موضوع النزوح السوري من منطلق المصلحة اللبنانية، ولم تتوفر أي معطيات لجهة الحجم الذي يمكن أن يستوعبه لبنان والتأثيرات المتوقّعة على المجتمع والبنى التحتية والقدرة الاقتصادية، ولم تحدّد بوضوح التداعيات لانتشار النازحين في كل لبنان أو لحصرهم في داخل مخيمات.
إنّ التعاطي مع هذا الملف كان وما زال يتمّ بشكل عشوائي ومن منطلق مزايدات ونكايات سياسية أوصلت لبنان إلى مستويات مرتفعة من المخاطر التي لها علاقة بقضية النزوح، وكان يمكن تفادي هذه المخاطر لو طبّقت الدولة اللبنانية المعايير التالية:
1 - تحديد عدد النازحين الذي يمكن للبنان استيعابه.
2 - إنشاء مخيّمات إيواء في مناطق قريبة من الحدود السورية تديرها الأمم المتحدة ويتولّى أمنها الجانب اللبناني، وتنشأ فيها مراكز تربوية واستشفائية، وإلزام المنظّمات المعنية بدفع تكاليف إمدادات المياه والكهرباء.
3 - إحصاء دقيق للنازحين وتحديد فئاتهم والقرى والبلدات والمدن التي قدموا منها.
4 - إعداد تقارير وتنظيم زيارات ميدانية دورية للدبلوماسيين المعتمدين في لبنان من أجل الإطلاع عن كثب على أوضاع المخيّمات وحاجات النازحين.
5 - التواصل بشكل دائم مع السلطات السورية والتنسيق معها لعودة من يرغب في العودة ومن يستطيع سبيلاً إلى المكان الذي تهجّر منه.
6 - الطلب إلى «حزب الله» الذي كان جزءاً من الحرب في سوريا المساعدة في إتمام عمليات العودة سياسياً وميدانياً.
7 - تنظيم مؤتمرات دولية في لبنان وخارجه من قبل الدولة اللبنانية من أجل شرح تداعيات النزوح السوري على القدرات اللبنانية.
كل ذلك لم يحدث، واكتفى المسؤولون اللبنانيون بتقاذف الاتهامات، وكانت النتيجة أن انتشر النازحون السوريون في كل المناطق اللبنانية وأصبحت عودتهم صعبة لكثير من الأسباب وأهمها أنّ ما يجنيه النازح السوري في لبنان من خلال عمل أفراد العائلة لن يتمكن من جنيه في بلاده، كما أن السلطات هناك لا ترغب حالياً في عودة هؤلاء فهم مصدر دخل مهم للعملة الصعبة، كما أنها لا ترغب بعودة العديد منهم إلى المناطق التي هجّروا منها كي لا تتم استعادة وضع ديمغرافي تمّ التخلص منه.
ولا يستبعد مطّلعون على هذا الملف أن السلطات السورية تريد إبقاء أزمة النازحين عبئاً على الجانب اللبناني لمعاقبته على كل ما حصل بدءاً من صدور القرار 1559 وانسحاب القوات السورية من لبنان وانتهاء بتأييد أطراف لبنانية الثورة السورية ودعمها، هذا فضلاً عن أن المنظمات الدولية لا تزال تعتقد بقوة أن أخطاراً تحدق بالعائدين ولذلك لا تشجّع عودتهم.
أزمة النازحين السوريين في لبنان ترتفع مخاطرها يوماً بعد يوم ولن يكون بالإمكان تخفيف المخاطر بوجود سلطة لا تدرك حجم الكارثة والانهيار في لبنان، سلطة قررت أن تحوّل اللبنانيين إلى نازحين ومهجّرين في مختلف أنحاء العالم.
بسام أبو زيد/ نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|