الصحافة

"نيران" إهدن: خطاب رئاسي أم رسالة انسحاب؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انتظر «سليمان الحفيد» كثيراً على محطّات قطار القصر الجمهوري البطيء. الرهان على فائض القوّة والهيمنة الحليفة لا يصنع رئيساً، أو بالأحرى لا يصح كلّ مرّة. فحكمة سليمان بن داود تقول إنّ «أرباب القوّة بالقوّة يفحصون» (أي يُعاقبون). ونجاح تجربة لا يعني تكريسها أو تعميمها. ما ناله ميشال عون ليس محتوماً على غيره من مرشّحي «الثنائي». نجح «التقاطع الثلاثي»: «التيّار الوطني الحر»، المعارضة، «التغييريون» (غير الرماديين) حول جهاد أزعور في خلط الأوراق الرئاسية، ما دفع برئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجية إلى فتح نيرانه على خصومه. هذه المرّة ليس من بندقية صيد حيث كلّ طلقة تكون مدروسة ومحسوبة ومصوّبة بشكل دقيق. إنما بسلاح حربي غزير وكثيف «الرشقات».

كطريدة نازفة، صبّ «الصيّاد» الذي دخل غابة السياسة والزعامة، جام غضبه على خصومه الجدد والقدماء. لم يسلم من خطابه في ذكرى مجزرة إهدن واستشهاد عائلته، لا الصقور كرئيسي «القوّات» و»التيّار»، ولا الحمائم كالوزير «المرتّب» زياد بارود الذي وصفه بـ»النعنوع». ولا «أب المنظومة وأمّها» (التي ينتمي إليها فرنجية) الوزير جهاد أزعور. الأخير هو «نازع اللقمة» من فم «الأسد الجريح»، حتى لو ذهبت إلى محظوظ ثالث أوفر حظاً من الإثنين. أسقط خطاب إهدن، كلّ مفردات الدعاية السياسية التي سوّقها فرنجية و»الثنائي الشيعي» في شأن «توافقيته» وقدرته على التواصل مع الآخرين والإنفتاح على العالمين العربي والدولي. مزّقت كلماته صورته الرئاسية التي حاول تقديمها خلال الأشهر الأخيرة إلى الرأي العام لحظة دخول البلاد مدار بعبدا، لإستعادة فرصته المسحوبة منه عام 2016. مثلاً، اتّسمت إطلالته الإعلامية الأخيرة عبر شاشة «الجديد» بالمرونة والهدوء والإبتعاد عن الإنفعال من باب تجنّب السقوط في تفاصيل اللعبة والتجاذبات السياسية. حاول أن يرسم لنفسه انطباعاً مغايراً عن «الأسلوب الحادّ» أو «الصداميّ» الذي رافق العهد السابق وأركانه. كان هدوؤه النموذج المعتمد في لبنان لكل مرشح طامح الى دخول «القصر». يومها بدا فرنجية شبيهاً بكل مرشح ساعٍ للتقليل من الخصومات، أو لتصفيرها، فارتدى القفازات و»بزّة الغطس» في الوحول اللبنانية، على أمل الخروج منها بأقل «الأوساخ» الممكنة.

ولكن في اهدن كان المشهد نقيضاً. رفع سقف هجومه السياسي ليتماهى مع الماكينات الإعلامية لـ»الثنائي الشّيعي» التي اتبعت لغّة التخوين والمؤامرة على «المقاومة» وظهرها بحقّ أي مرشّح آخر، حتّى اعتبر البعض أنّ «ما لم تستطع أن تأخذه تل أبيب وواشنطن بالغزو الإسرائيلي لن تحقّقه بالإنتخابات الرئاسية». استهداف المنافسين الرئاسيين في الحملات الإنتخابية مشروعة ومطلوبة، لكنّ تناولهم بشكل شخصيّ يعكس مشاعر التوتّر والغضب والإرباك، ما يطرح تساؤلات عما اذا كان خطاب اهدن هو إعلان ترشيح رسمي من جانب فرنجية، أو هو لصبّ الغضب و»فشّ الخلق» بعدما تيقّن أنّ أبواب بعبدا موصودة بأقفال الممانعة المسيحية؟!

كان يُمكن لفرنجية أن يقتنص ذكرى 13 حزيران الأليمة، لتثبيت مفردات الشراكة الوطنية واحترام اللعبة السياسية والديموقراطية، لكنه ارتأى ان يسكب من جروح الماضي في الكأس الرئاسية، واضعاً الجميع في دائرة الإتهام ومحاولات الإلغاء السياسية. والجدير بالذكر، أنّ ما اتهم فرنجية غيره به، ينطبق عليه أو على فريقه السياسي لناحية الفساد والملفات الشائكة. يحقّ لفرنجية أن يشعر بخيبة ابتعاد الحلم عن قصر بعبدا، وأن يبقى سيّداً لقصر بنشعي، وهو «المرشّح الطبيعي الدائم».

ومع ذلك، ثمة من يقول إنّ فرنجية ظُلم في ترشّحه المتسرّع من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ومن خلفه «حزب الله». كذلك ظلم حين لم يتمكن لا هو ولا حلفاؤه من التخفيف من هواجس رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. لم يصمد في محاولاته تلميع صورته كمرشّح توافقي، لقد أسقطه خطابه. لم يمنحه نقاطاً إضافية، بل أفضى إلى نتائج عكسية. شدّ عصب القوى المتحالفة ضدّه، ما صعّب مهمته أكثر، خصوصاً في ظلّ المؤشرات الباريسيّة الأخيرة ووصول موفد ماكرون الشخصي جان ايف لو دريان إلى بيروت بعد جلسة الأربعاء، ما يعني أن المبادرة الفرنسية الجديدة هي لمرحلة ما بعد فرنجية. فهل كان خطاب الأخير، تأجيج المعركة الرئاسية، أم خطاب الوداع والإنسحاب؟

طوني عطيه - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا