هل تنتهي هموم لبنان مع انتخاب رئيس؟
لبنان الواقع على فالق الخيبات واليأس والخوف، مقطوعة أنفاسه. فقد حلّ يوم الأربعاء، ولا بدّ من ترقب التطورات التي ستشهد فصولها القاعة العامة لمجلس النواب.
جلسة واحدة أم جلسات مفتوحة. الجواب شبه معروف. يكاد يجمع عليه القاصي والداني، وهو أنّ النصاب سيطير، ولا يعلم إلا سبحانه وتعالى متى سيحط من جديد، ووفق أي معادلات.
لكن هل تنحصر الهموم اللبنانية بالعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية؟ وإذا ما حصلت المعجزة وتمخّضت صناديق الاقتراع عن فائز بأكثرية أصوات نواب الأمة، هل ستطوى صفحة جهنم ونعود إلى سويسرا الشرق، وإن بالتدريج الوعر؟
لعل المسألة أكثر تعقيداً من هذا التبسيط الذي دأب عليه اللبنانيون الحاضرون، عادة، لطيِّ الصفحة على أورامها الخبيثة، ومتابعة السير باتجاه مستقبل من دون معالجات جذرية تصوب بوصلتهم، ولا تزجَّهم في أزمات متوالدة من هذه الأورام وصولاً إلى ما هم عليه من ابتلاء.
وكأنّ المطلوب استمرار الكذبة وليس مواجهة الحقائق السافرة بوقاحتها، التي لا تستر عريها منازلة الأربعاء الذي نحن فيه، مسمرين أمام الشاشات بانتظار ما يرفع نسبة الأدرينالين في عروقنا، متلقفين التعليقات والمشادات التي يمكن أن يسلينا بها النواب ليسجلوا مواقفهم.
ولمَ العجب؟ فنحن نهوى رفع منسوب التشويق والإثارة في مثل هذه الجلسات، ونتجاهل الأساسيات والاولويات، لعلها تعالج نفسها بنفسها، وننسى أنّ البلد في أقصى درجات الانهيار ليس بسبب الفراغ الرئاسي أو الفساد، ولكن لسبب أعمق هو مصادرة سيادته والتحكم بمصيره لمصلحة محور الممانعة بإدارة «حزب الله» الذي ينفّذ مشيئة وليه الفقيه.
بالتالي، لن يتغيّر الواقع اللبناني مع حبس الأنفاس لإحصاء الأصوات التي سينالها كلّ من مرشح المعارضة جهاد أزعور ومرشح الممانعة سليمان فرنجية، وليس صحيحاً أنّ النتيجة ستشكل ميزان قوى استراتيجياً في المشهد الداخلي، إذا لم تذهب المنازلة إلى بيت القصيد، ليصار إلى تسمية الأمور باسمها الواقعي وهو المطالبة بتحرير لبنان من هذا الاحتلال، والا ستذهب هدراً الأصوات التي ستصب لصالح أزعور، وسيتقوض تقاطع المصالح الذي أرسى أسسه على الرغم من التباعد العمودي بين المتوافقين عليه.
السوابق تؤكد ذلك، إذ لم تنفع الأكثريات المتعاقبة في مجلس النواب، وبقيت عاجزة حتى تفككت واستنفدت تماسكها بتراشق الاتهامات، ونسيت سبب إخفاقها في تحقيق دولة ومؤسسات.
ولا يلوح في الأفق ما يمكن أن يغيّر واقع الحال، لأنّ الطرح لا يزال على حاله، والخطاب يحاول تقديم براءة ذمة لنفي التهم المفبركة، وطمأنة من يدّعي أنّه يريد رئيساً «لا يطعن ظهر المقاومة»، ولا يتحدى أو يسعى إلى عزل طائفة الخائف من الطعن، الذي يتباهى بما يمتلكه من ترسانات عسكرية وبشرية لم يوفرها لتحقيق أهدافه.
فالتنازل عن الأساسيات والأولويات بغية استعادة انتظام الدولة وإعادة الحياة مؤسساتها من خلال انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة، لن يؤدي غايته من خلال التوصل إلى تسوية قد تستوجب سحب المرشحين المتنافسين، والتوافق على مرشح ثالث بصفقة توحي بتنازل جميع القوى السياسية المتناحرة، وتطبيق مبدأ «لا غالب ولا مغلوب».
إستعادة الدولة لن تكون إلا باستعادة السيادة والشرعية، حينها فقط يمكن السير باتجاه محاسبة الفاسدين بعد رفع حماية فائض القوة لهم. وحينها يصبح طبيعياً ومفيداً أن يدير البلاد أصحاب الكفاءات أمثال جهاد أزعور، وليس أصحاب المحور الممانع ومن يلتزم بأجندتهم على حساب لبنان واللبنانيين.
لذا يبقى السؤال: هل ستنتهي هموم لبنان مع انتخاب رئيس للجمهورية؟
جلسة اليوم لن تحمل الجواب بالتأكيد!!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|