"الوحش الأخضر" يحرم أطفال لبنان متعة كبيرة هذا الصيف
ينتظر الأولاد وأهلهم فصل الصيف بفارغ الصبر كمتنفّس من العام الدراسي وصرامته. فيبدأ البحث عن مخيمات صيفية تأوي الأولاد، وتوفر لهم جوّاً آمناً للتسلية والإفادة في الوقت عينه من نشاطات تعليمية وترفيهية. ولكن في ظلّ أصعب مرحلة اقتصادية تمرّ على اللبنانيين، هل لا يزال إقبال الأهالي على المخيمات الصيفية على حاله كما في الأعوام السابقة؟
أهمية المخيمات الصيفية
قد يتفّق كثيرون على أهمية المخيمات الصيفية والفوائد التي تعود بها على الأولاد الذين ينتسبون إليها، على الرغم من أن جزءاً كبيراً من الأهالي قد يعتبرها غير مهمّة ويمكن الإستغناء عنها. فمن عمر 3 وما فوق، يمكن للأولاد والمراهقين الراغبين الدخول إلى هذه المخيمات ليقضوا وقتاً ممتعاً ويكتسبوا مهارات إضافية لا يمكن الحصول عليها خلال العام الدراسي.
إذ يتعلّمون شيئاً فشيئاً كلّ بحسب عمره، تحمّل المسؤولية، الإنضباط والتعاون، كما تسنح لهم الفرصة لتكوين صداقات جديدة. فضلاً عن ذلك، تسمح المخيمات للأولاد باكتشاف ما لديهم من مواهب وتطويرها كي تصبح ربّما هواية يصقلونها مع الوقت، بالإضافة إلى اكتساب مهارات تعليمية وعقلية وجسدية.
ومن بعض النشاطات المميزة التي تقدّمها المخيمات الصيفية، السباحة، المسرح، الموسيقى، رياضات متنوعة مثل كرة السلة وكرة القدم، فضلاً عن قيادة الدراجة الهوائية وركوب الخيل وتسلّق الجبال. كما يتعرّف الأولاد على بلدهم عن كثب من خلال الرحلات والزيارات التي تنظمها المخيمات الصيفية إلى مختلف المحميات، المتاحف، المناطق الأثرية والمغاور الطبيعية، الأمر الذي قد يتعذّر على المدارس القيام به بسبب سوء حال الطقس في فصل الشتاء.
كما تجدر الإشارة إلى أنه في ظلّ التطور التكنولوجي المستمرّ، بات العديد من المخيمات الصيفية يولي أهمية قصوى للنشاطات التي تحاكي عقول الأطفال فيتم تعليمهم مجموعة متنوعة من الدورات الفنية والتكنولوجية، بالإضافة إلى تقديمهم إلى عالم ريادة الأعمال والبرمجة.
ماذا عن الكلفة؟
كلّ هذه النشاطات باتت كلفتها أعلى بكثير من الأعوام السابقة، بحسب ما روت مالكة أحد المخيمات الصيفية لـ"لبنان 24".
فقالت إنّه في مخيمّها الصيفي، يعيش الأطفال تجربة وصفتها بالفريدة بالنظر للنشاطات والخدمات التي يقدّمها لهم ما يحتّم عليها رفع الأسعار بوجه الأهالي.
وأضافت: "كلّ المستلزمات لتنظيم مخيّم صيفيّ لائق وآمن متنوّع باتت عالية الكلفة، من كهرباء ومولّد ومياه وانترنت وغيرها، فضلاً عن رواتب الموظفين وكلفة الصيانة والمحروقات وسواها"، مشددةً على أن كلفة الإيجار أيضاً باتت مرتفعة جداً.
من هنا، لفتت مالكة المخيّم إلى أن كلفة الإشتراك الشهري تبلغ 250 دولار أميركي، مشددة على أنه رقم قد ينفر منه بعض الأهالي، "إلا أنه مع كل المميزات التي نقدمها بالإضافة إلى نظام الحماية رفيع المستوى، يمكن اعتبار هذا الرقم بقليل حتى".
على المقلب الآخر، رفض مالك آخر لأحد المخيمات الصيفية رفع أسعاره تماشياً مع الواقع الإقتصادي الصعب على الجميع، على حدّ تعبيره، فقرر حصر النشاطات وتقليل عددها بهدف عدم حرمان الأولاد الذين استمتعوا العام الفائت في مخيمه الصيفي من خوض التجربة مجدداً هذا العام.
وقال لـ"لبنان 24": "على سبيل المثال، في الأعوام السابقة كنا نأخذ الأولاد بما لا يقلّ عن 3 مرات أسبوعياً لزيارة معلم سياحي مميز، فقررنا هذا العام حصر هذه الزيارت بمرتين أو ثلاث مرات شهرياً بهدف خفض التكاليف نوعاً ما".
وأشار إلى أنه صحيح أن الإقبال ضعيف، إلا أن لا ذنب للأطفال بالوضع الإقتصادي الصعب، وبالتالي يجب توفير أفضل بيئية ترفيهية وتعليمية لهم مهما حصل، مشيرا إلى أن الكلفة التي وضعها شهرياً تتراوح بين 30 و50$.
المخيم الصيفي "يمكن الإستغناء عنه"
من جهتها، أشارت ريما، وهي أمّ لثلاثة أطفال إلى أنها لن تسجّل أولادها هذا العام في أي مخيم صيفي.
وقالت لـ"لبنان 24": "بالكاد استطعنا دفع الأقساط المدرسية هذا العام لثلاثة أولاد، مع الإشارة إلى أنني وزوجي نعمل في أكثر من وظيفة كي نؤمن للعائلة أقل اللازم".
واعتبرت أنه "عوضاً عن دفع مبالغ طائلة كي يقضي الأطفال وقتهم في مخيم صيفي، قررت لهذا العام أن أخصص لهم برنامجاً منزلياً يسلّيهم ويثقفهم على قدر المستطاع، كما أنني سأستطيع شراء بعض الحاجيات لهم وهو ما لم أستطع القيام به في العام الدراسي بسبب الأقساط الكثيرة وارتفاع سعر الدولار الذي بات يسمّيه أولادي الوحش الأخضر".
أمّا ليال، وهي أمّ لولدين، فشددت على أنها تعتبر المخيم الصيفي مهما للغاية بالنسبة للأولاد.
وفي حديث لـ"لبنان 24"، أشارت إلى أنها وزوجها يعملان بدوام ثابت، وتفضّل بالتالي أن يقضي الولدان وقتهم في بيئة تعليمية وترفيهية في الصيف عوضاً عن التلهي طوال اليوم بشاشة الهاتف الذكي والتلفاز.
وقالت: "مهما كان الوضع صعباً، لا يجب قطع المسار التعليمي على الأولاد في الصيف، خاصة وأن المخيمات الصيفية تقدم لهم نشاطات متنوّعة من شأنها صقل شخصيتهم".
كما أشارت إلى أنها قامت بجولة على أسعار المخيمات الصيفية، التي وصفت بعضها بـ"النار" والأخرى "محمولة"، وهو الخيار الذي ارتكزت عليه لتسجيل ولديها.
في المحصّلة، قد لا تتمكن معظم العائلات اللبنانية هذا العام من إرسال أولادها إلى المخيمات الصيفية بسبب الغلاء الفاحش الذي نعيشه، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن هذه المتعة لا يمكن تعويضها بنشاطات عائلية وإجتماعية ورياضية أخرى، تحلّ نوعاً ما مكان رفاهية بات من الصعب جداً توفيرها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|