فيتو يعطل عملية انتخاب الرئيس
بينما يتبادل أطراف الصراع السياسي في لبنان الاتهامات حول المسؤولية عن تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يبدو واضحا أن جهة محددة تملك أكثر من غيرها قوة لتعطيل الاستحقاق، من خلال التمترس خلف مرشح واحد، ولا تزيح عنه. وهذه الجهة ليس بالإمكان تجاوزها ميثاقيا، وهي في الوقت ذاته قادرة على إضاعة نصاب الجلسة الثانية (86 نائبا) وفيها لا يحتاج فوز الرئيس سوى للنصف زائد واحد من النواب (65 نائبا)، وهو أمر سهل المنال عند أحد المرشحين، لاسيما منهم جهاد أزعور الذي حصل على 59 صوتا في 14 يونيو من الدورة الأولى.
تقول مصادر واسعة الاطلاع: أن جهتين تملكان استخدام حق النقض (الفيتو) على قرار انتخاب الرئيس، وهما الثنائي «المسيحي» والثنائي «الشيعي» وهما قوتان تملكان حيثيات نيابية وسياسية وازنة في لبنان ـ خصوصا بعد الاتفاق بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على مرشح واحد ـ ولكل من الجهتين صداقات خارجية واضحة، وقد تكون إشارة تعطيل عملية الانتخاب صادرة عن مراجع خارجية تريد المقايضة على هذا الموقع المهم، مقابل تنازلات في أماكن أخرى، أو في ملفات أخرى مهمة على أقل تقدير.
ويتبين من خلال المتابعة الدقيقة لما يجري، لاسيما لحركة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة، أن جهة متشددة أكثر من غيرها، لا تعطي إشارات مرونة كافية لإطلاق حوار يؤدي الى اخراج الاستحقاق من عنق الزجاجة، بينما البلاد تعيش مأساة تطال أكثر من 80% من المواطنين، وهؤلاء يفتقدون الحد الأدنى من سبل العيش الكريم، وليس لديهم امكانية لدخول المستشفيات او الاشتراك بمولدات الكهرباء، وقدرتهم على التنقل باتت شبه معدومة من جراء غلاء أسعار المحروقات، وعدم توافر وسائل النقل العام الرخيصة. وفي الوقت ذاته يتبين أن هذه الجهات المؤثرة لديها مقومات على الصمود - كما قال أحد نوابها - وبعض جمهورها قادر على التعامل مع الوضع المعيشي الصعب، لأنه يتلقى دعما من مرجعيته السياسية والطائفية.
وتقول المصادر ذاتها: أن القوى السيادية وأصدقاءها من الوسطيين والمستقلين، كانوا أكثر مرونة من قوى الثنائي الشيعي، وقد تخلى هؤلاء عن مرشحهم المفضل ميشال معوض لصالح المرشح المحايد جهاد أزعور. بينما الثنائي: ينشد الحوار ويطالب بالتفاوض وشرطه الثابت موافقة الأطراف الأخرى على تأييد مرشحه الوحيد سليمان فرنجية للوصول الى رئاسة الجمهورية، وهو ما يستفز الجانب الآخر، على اعتبار أن الموافقة المسبقة على انتخاب فرنجية، هو تحقيق انتصار لجهة، وفرض هزيمة على جهة أخرى، وتكرار لتجربة انتخاب العماد ميشال عون في العام 2016، بينما موازين القوى داخل مجلس النواب لا تسمح بفرض هذه المعادلة.
من الواضح أن الفيتو الذي يستخدم لمنع انتخاب الرئيس، يهدف الى التفاوض على قضايا جانبية تتعلق بمستقبل سلاح «المقاومة» وبمستقبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في آن واحد، وأي تنازلات في هذا السياق قد تفضي الى إيجاد خارطة طريق أخرى غير المعتمدة حاليا، وبالتأكيد سيتم فك أسر كرسي الرئاسة.
في الموضوع الذي يتعلق بسلاح «المقاومة»، يوازي الثنائي بين قبول فرنجية كصديق مضمون سوريا وايرانيا، وبين طلب تعديل النظام وإعادة النظر بتقاسم السلطة، ليكون للثنائي نفوذ أوسع داخل المؤسسات الدستورية، لاسيما التنفيذية منها، او تطبيق نظام المداورة في تولي الرئاسات الثلاث وفي حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش. أما في موضوع ضمان مستقبل النائب جبران باسيل ـ وهو ما طرحه الرئيس السابق ميشال عون في زيارته الأخيرة لسورية - فتقول المصادر: إن التيار على استعداد لإعادة النظر بموقفه، وتأييد مرشح «الثنائي الشيعي» إذا ما قدمت له تأكيدات بأنه سيحصل على حصة الأسد من المراكز المسيحية في مؤسسات الدولة، خصوصا تسمية حاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى وقائد الجيش.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|