هل مِن محاسبة لِمن عطلوا الانتخابات لسنوات بتمسّكهم بالحوار؟
لين ليست الوحيدة… 1.8 مليون طفل في لبنان معرّضون للخطر!
"درج": ابراهيم الغريب - صحافي لبناني
قصة لين تعيد طرح قضية العنف المتصاعد ضد الأطفال في لبنان، وقد أفاد تقرير لـ”اليونيسيف” صدر عام 2021، بأن طفلاً من بين كل طفلين في لبنان معرض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، فيما تكافح الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.
“رايحة عيّد عند الماما مشتاقتلها”. كانت تلك آخر كلمات قالتها الطفلة لين (6 سنوات) قبل أن تغادر منزل والدها الكائن في بلدة سفينة القيطع العكارية شمال لبنان، نحو منزل والدتها الكائن في منطقة المحمرة في سهل عكار، وتعود جثة هامدة.
زرنا منزل عائلة الأب والتقينا جدي الطفلة .
القصة بدأت بحسبهم بعد مناشدات الأم لرؤية ابنتها لين، وبعد وساطات قامت بها مع عدد من وجهاء بلدة السفينة، وافق الأب على أن تمضي ابنته العيد مع أمها، علماً أنّ الوالدين منفصلان، والقضاء حكم بحضانة لين لصالح الأب.
خرجت لين من بيت والدها يوم الخميس الواقع في 22 حزيران/ يونيو 2023، وبقيت في منزل جدّيها حتى يوم الخميس 29 من الشهر عينه، أي ثاني أيام عيد الأضحى، اليوم الذي نقلتها أمها فيه إلى مستشفى المنية الحكومي شمال لبنان بعدما تعرضت لنزيف حاد في أعضائها التناسلية الشرجية وبعد ظهور كدمات على وجهها وشفتيها وارتفاع حرارتها.
الروايات متضاربة بين ذوي الأم وذوي الأب ومازال التحقيق لم يصل الى نتيجة حاسمة لكن تم توقيف عدد من افراد العائلة فالأكيد أن الطفلة تعرضت لاعتداءات جنسية بالغة الحدة أودت بحياتها.
الطبيبان الشرعيان اللذان شرّحا الجثة بشكل منفصل، أكدا بشكل شفهي لذوي لين وجود علامات اعتداء جنسي، فيما لم يصدر التقرير الرسمي لأحد منهما.
الخبيرة في الحماية الأسرية والناشطة الحقوقية رنا غنوي، علقت على الحادثة عبر “درج” قائلة: “ما زلنا غير ناضجين على مستوى الوطن لإدارة قضايا كهذه، ولا رأي يقال أمام هذه الجريمة التي لم يعرف فاعلها بعد، خصوصاً في ظل تراشق الاتهامات بين أهل الوالد وأهل الوالدة. وفي موضوع الاتهامات الموجهة الى الأم، لا يمكننا كاختصاصيين توجيه التهمة الى أحد من الوالدين حتى تثبت الإدانة فعلاً. وفي حال تم كشف هوية المجرم، فعلى القضاء أن يتحرك لمعرفة ما إذا كان الفاعل قد تعرض لأحد غير لين في العائلة أو الحي، وهنا لا يمكننا أن نتغاضى عن القانون رقم 420 المتعلق بحماية الأحداث، وهذا من شأن قاضي الأحداث في الشمال”.
وتعاقب المادة 505 من قانون العقوبات اللبناني، كلاً من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة الموقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره، ومن جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين.
أما المادة 506، فتنصّ على أنه إذا جامع قاصراً بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة أحد أصوله شرعياً، كان أو غير شرعي أو أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص، عوقب بالأشغال الشاقة الموقتة.
ويُقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه فارتكب الفعل، مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته.
الأمم المتحدة تشير إلى أن الصمت والوصم “يحيطان بالعنف الجنسي ضد الأطفال، بالاستناد إلى الأعراف الاجتماعية الضارة وعدم المساواة بين الجنسين. ونتيجة لذلك، لا يفصح الكثير من الضحايا عن تجاربهم أو لا يلتمسون المساعدة. ومرد ذلك إلى أسباب شتى، لكنها يمكن أن تشمل الخوف من الانتقام، والتجريم، والشعور بالذنب، والشعور بالعار، والارتباك، وانعدام الثقة في القدرات أو عدم استعداد الآخرين للمساعدة، والافتقار إلى المعرفة بما يكون متاحاً من خدمات الدعم”.
جمعية “حماية” المعنية برصد العنف ضد الأطفال، كانت قد سجلت عام 2022 نحو 2412 حالة عنف ضد الأطفال، 12 في المئة منها كانت تحرّشاً جنسياً و21 في المئة اعتداءات جسدية، والنسبة ذاتها لمشاكل معنوية ونفسية، في حين عانى 54 في المئة من الإهمال.
كما تبين أن العنف طاول 54 في المئة من الذكور و46 في المئة من الإناث، تتراوح أعمارهم بين الخمس سنوات و18 سنة. وخلال الشهور الأربعة الأولى من هذا العام، سجلت 856 حالة عنف.
قضية لين ليست الأولى في لبنان، فقد ضج الرأي العام اللبناني في أيار/ مايو الماضي، بقضية اغتصاب طفل في السابعة من عمره، في أحد ملاعب العاصمة بيروت على يد حارس الملعب، وفي تموز 2022، أثيرت قضية مماثلة في بلدة القاع اللبنانية، حيث أقدم عسكري متقاعد على ارتكاب سلسلة اعتداءات جنسية بحق أطفال من البلدة.
قصة لين تعيد طرح قضية العنف المتصاعد ضد الأطفال في لبنان، وقد أفاد تقرير لـ”اليونيسيف” صدر عام 2021، بأن طفلاً من بين كل طفلين في لبنان معرض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، فيما تكافح الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.
وبحسب “اليونيسيف”، فإن حوالى 1.8 مليون طفل، أي أكثر من 80 في المئة من الأطفال في لبنان، يعانون الآن من فقر متعدد الأبعاد، بعدما كان العدد حوالى 900000 طفل في عام 2019، وهم يواجهون خطر تعرضهم للانتهاكات، ويبين التقرير أن عدد حالات الاعتداء على الأطفال والحالات التي تعاملت معها اليونيسيف وشركاؤها، ارتفع بنحو النصف تقريباً (44 في المئة) بين تشرين الأول/أكتوبر 2020 وتشرين الأول 2021، وفي الأرقام ارتفعت تلك الاعتداءات من 3913 حالة الى 5621 حالة.
وفي ظل استمرار الأزمة واهتراء المؤسسات العامة وضعف الأمن الاجتماعي، يُخشى أن تتكرر جرائم ومآس كتلك التي عاشتها لين وماتت بسببها…
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|