تيمور جنبلاط ... الإشكاليّة الكبرى
أي تداعيات لانكسار العلاقة بين قصر عين التينة وقصر المختارة على الخريطة السياسية في لبنان ؟ كثيرون، ولأسباب مختلفة (وملتبسة)، يعترضون على كلمة «انكسار» كونها فظة وفضفاضة. بعضهم يتحدث عن تفاهم تكتيكي حول طريقة ادارة اللعبة في هذا الوقت الضائع، وحيال هذا الواقع الضائع...
لا نستطيع الا أن نتوقع الانكسار. الرجلان قطبا التوازن، في دولة قامت على الطوائف (والرمال) المتحركة. يفترض بنا أن نخشى ما يمكن أن يحصل على الأرض أمام أي هزة سياسية أو طائفية. الوزير محسن دلول قال لنا «كان يفترض بوليد أن يبقى في موقعه، وفي دوره في هذه المرحلة ـ المفترق، لا أن يضع العباءة بكل أعبائها، وأن يضع التاريخ بكل أثقاله، على كتفي تيمور»!
ولكن سبق لأبو نزار وقال لنا ان «وليد فاجأنا باستيعابه المذهل لتضاريس ولخفايا الحالة اللبنانية، كما بطريقة دخوله الى الحالة «. النائب وائل أبو فاعور الذي يلازم الابن قال ان تيمور سيكون رجل المفاجآت (بأفكاره وبرؤيته وبأسلوب عمله). هل يمكن لهذا الوضع المعقد، وحيث تحولات غامضة تدق على الأبواب، أن يفسح في المجال لمواقف دراماتيكية حين نكون في بلد يمشي على خيوط العنكبوت؟
الوزير دلول قال لنا «قد يكون تيمور بحاجة الى «عقصة» (تحاشى القول بحاجة الى صدمة) تتيح له رؤية الموزاييك اللبناني بصورة أوضح»، ليضيف «حين انتخب تيمور الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي، استنكرت ابنته فعلته هذه، بكلمات حادة أخجلت الأب الذي قد يكون تأثر كثيراً بتلك اللحظة». ربما ابتعد «البيك» بتبنيه ترشيح جهاد أزعور عن «الاستاذ»، كي يتحمل هو، لا أن يتحمل ابنه، وزر تلك الخطوة. ما انكسر قد انكسر...
كنت أكتب في جريدة «الأنباء». في الاجتماعات الدورية لهيئة التحرير، والتي كان يرأس بعضها كمال جنبلاط (كرجل فوق الألقاب)، قد أكون الوحيد الذي أصغي اليه بشغف. لم أكن لأغفو، أو لأشعر بالملل، وهو ينتقل من أقاصي السياسة الى أقاصي الفلسفة. لم تكن عيناه معنا، كانتا في مكان آخر. حالة من النرفانا الصوفية التي جعلته يتفوه باللآلئ. كان أكبر بكثير من «العالم اللبناني» الذي يختزله أهل الغباء بالغيتو اللبناني.
لكنها جدلية الأزمنة حين يرث الابن دور الأب. كتبت ذلك، حين انتخب الرئيس بشار الأسد خلفاً للرئيس حافظ الأسد. اعترض البعض في دمشق، كما لو أن الأزمنة لا تتغير بتغير الرجال، وكما لو أن الرجال لا يتغيرون بتغير الأزمنة.
المفارقة هنا، كيف يمكن لوليد جنبلاط أن يكون مثقفاً الى ذلك الحد، وأن يكون في الوقت نفسه لاعباً (ماهراً) في تلك المعمعة الطائفية أو الطوائفية. قال لي الأستاذ غسان تويني «حين يكون وليد مدعواً الى حفل استقبال أو ما شاكل، كانت زوجته السيدة نورا تقول لي «دخيلك غسان خلّصوا من ها الورطة»!
أكثر من ذلك، هل حقاً أن تقلبه في المواقف (غالباً من الحد الأقصى الى الحد الأقصى)، نتيجة وجوده بين يدي القدر، وحيث النهاية الدموية للزعامات الجنبلاطية، وفي الوقت نفسه داخل ضوضاء التاريخ، وحيث حجارة القصر تدق على صدره، وتعيد أمامه وصف الأمير شكيب ارسلان لأمه الست نظيرة، التي أمامها اعترف بالتنازل عن فوقيته «أهم رجل التقيته في الشرق». لم يقل... امرأة !
الوزير محسن دلول قال لنا ان «كمال بيك كان يعلم انه سينتهي اغتيالاً، «هو من عاش أياماً مرة ابان عهد الرئيس كميل شمعون، مع أنه كان في طليعة من حمله الى رئاسة الجمهورية. شمعون حاصره سياسياً ومالياً، الى حد منعه من بيع أي قطعة أرض من ممتلكاته، ما اضطره لنقل ابنه وليد الى المدرسة الحكومية في المختارة.
من يتصور أن الزعيم الذي فتن فيه جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو، كان «يركّب نص نعل « لحذائه ؟ البعض وصفه بالمهاتما غاندي اللبناني. متى كان للبنان، بالتركيبة الهجينة، أن يتحمل الرجال العظام ؟ هل تريدون أمثلة على ذلك ؟
قيل لنا هذه مرحلة يستطيع وليد جنبلاط أن يتعامل معها، لا كمال جنبلاط. ماذا عن تيمور جنبلاط والمرحلة المقبلة ؟ الأيام هي التي تتكلم.
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|