وما أدراك ما الذكاء الاصطناعي!
كأنه غزو تكنولوجي جديد، يشنه الاميركيون هذه الايام ، سيغير وجه العالم، ويبدل سلوك البشر.. وهو يخضع المليارات من سكان الكوكب، غير الناطقين باللغة الانكليزية طبعا، لامتحان عسير يطالبهم بالرد على اسئلة محرجة مثل: هل جربتم ال: ChatGPT، هل اطلعتم على Aritificial Intelligence، هل دخلتم الى تطبيق Threads، هل تابعتم آخر أخبار صراع جبابرة العصر، مالك Twitter إيلون ماسك من جهة، ومالك Meta مارك زوكربرغ من جهة أخرى؟.. وغيرها من الاستفسارات التي لا يخلو منها حوار، ولا يعوزها منطق، وهي تستدعي موقفاً، أو رأياً، لا مهرب منه، لأنه الحد الفاصل بين العِلم التام والجهل المطلق، بل التخلف الكامل.
الذكاء الاصطناعي هو الاصعب.:كلمة الذكاء وحدها تلفت تثير التحدي، واذا جمعت مع الاصطناعي تبلغ الاثارة حدها الاقصى، وتفسح المجال للمخيلة لكي تحلق في عوالم خفية، وتبتكر اساطير وخرافات تشبه ما كان يحفظه القدماء، بل تستوحي بعضها، وتخلط بين الاشتباه بأن الAI، "إنما هو وحي يوحى"، وبين الاعتقاد بأنه تطبيق راكم معارف هائلة، وهو يستخدمها بسرعة فائقة، ويترجمها الى أدوات ووسائل للانتاج، من دون أي قدرة على الابداع، إلا بما شاء المبرمجون، وسجلوه في أشباه الموصلات البالغة التطور..التي هي اليوم عنوان حرب عالمية ضارية بين اميركا والصين ومعهما مختلف صناع التكنولوجيا.
التدخل في نقاش الذكاء الاصطناعي ضرورة لا شك فيها. برغم ما فيها من مزاعم العِلم والمعرفة والمتابعة، وادعاءات الحاجة الى مثل هذه الاداة العصرية في يوميات تمضي على هوامش التكنولوجيات الحديثة التي لم يتكيف معها المليارات من البشر، الذين يفتقرون الى شروط الحد الادنى من الذكاء، ولا يطمحون الى اللحاق بهذا الموكب الهائل من الاذكياء، او الخارقي الذكاء، الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم.. من دون ان يكونوا بالفعل عباقرة الزمان ، ونوابغه، بل مجرد عمال مهرة يستخدمون الآلة كما لم يستخدمها أحد من قبل.
أنت ذكي ، إذن أنت مؤهل لمناقشة الذكاء الاصطناعي. هكذا ببساطة صارت المعادلة اليوم، بغض النظر عن محتواها ومعدل الخداع فيها..وبغض النظر عن ان تلك التقنيات والبرمجيات تُناقش في اميركا تحديداً بطريقة علمية بحتة، مبنية على ما راكمه التكنولوجيون الاميركيون الجدد، من معارف وتجارب، بشكل متدرج وراسخ، وصل الى حد الشروع الآن في تحقيق قفزة جديدة نحو تحويل الآلة الى بديل نهائي عن الانسان، في مختلف قطاعات الانتاج، وتحييد غالبية البشر وعزلهم باعتبارهم أدوات لم يعد لها لزوم لاقتصاديات المستقبل.
هذا هو جوهر النقاش الاميركي، والغربي عموماً: ما هو عدد الموظفين والعمال والفلاحين الذين سيدرجون قريبا على لوائح البطالة؟ مئات الملايين؟ مليارات؟ وما هو شكل الاجتماع الانساني الذي سينتجه هذا التحول الجذري في تكوين وتصنيف الشعوب والدول، وفي النظام العالمي الجديد، وفي رسم خريطة العالم؟. مهلا، لا داعي للخوف الآن، هو نقاش داخل الثقافة الانغلوساكسونية، وهو يمكن ان يستمر لعقود ، وربما يحتاج الى قرن لكي يصل الى بقية الانحاء (والثقافات واللغات) العالمية، وقد لا يصل أبداً..إذا تبين ان اميركا وحلفاءها ليسوا على قدر هذه المسسؤولية التاريخية، او إذا سارت البشرية نحو حروب وصراعات كبرى، تغير طبيعة الحياة على كوكب الارض.
النقاش جذاب بلا شك، لكنه نخبوي جدا جدا، وخادع جدا جدا. اذا ما دار خارج هذا السياق. واذا ما تفادى الاقرار بالحاجة الملحة الى الفصل التام بين ما ينتجه الغرب من معارف وتجارب ومهارات وبين ما يقدمه من خدعٍ أو حيلٍ استهلاكية ، تغزو مختلف الدول والشعوب واللغات والثقافات، وتبهرها ، مع أنها مثيرة للسخرية فعلا، مثل ChatGPT، الذي تحول الى مادة للتندر في مختلف انحاء العالم غير الناطقة بالانكليزية، او Threads، الذي يتحول الى عنوان لتنافس تجاري محموم بين قطبين من العالم الافتراضي، يسيئان الى الذكاء الاصطناعي..الذي لا يزال يواجه الكثير من الغباء الانساني.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|