محفوض: سوف نلاحق الاسد حتى آخر يوم.. لا بد من جرّه الى المحاكمة
لبنان فوق مسرح سيساوي محطم
احتفل الفرنسيون الجمعة 14 تمّوز/ يوليو كما في كلّ عام منذ 143 سنة بعيدهم الوطني الذي يرجعنا إلى العام 1880 حين أعلنت الجمهورية الفرنسية الثالثة قرارها بالعيد الوطني الذي اقترن بذكرى السقوط النهائي لسجن الباستيل الشهير في 14 تموز/ يوليو 1789. اعتبر هذا السقوط على أيدي الثوار الباريسيين حدثاً أسّس للثورة الفرنسية تاركاً آثاراً رمزية كبرى في أوروبّا باعتباره التأريخ لنهاية الملكية المطلقة ذات السلطات المقدسة التي مثلها لويس الرابع عشر والخامس عشر بالتحديد.
تجمع هذه الذكرى اللحظة التاريخية الفرنسيين بكونها الصدى المستمرّ قويّاً لعيد الفيدرالية في 14 يوليو/ تموز 1790 الحافل تاريخياً بالمصالحات الوطنية.
نبارك للجمهورية الفرنسية دوام الإستقرار، بالرغم من وصول اصبع مقطوع الى مكتب الرئيس الفرنسي، وبالرغم من تسلسل الأزمات والتظاهرات العنيفة المتلاحقة من أصحاب السترات الصفراء إلى المظاهرات والحرائق التي قضّت مضاجع لا فرنسا وحسب بل أوروبا والعالم بعد سقوط الشاب الجزائري نائل المرزوقي (17 عاماً) الذي لم ينل أو يُرزق بالحقيقة سوى مقتله على يد شرطي فرنسي، بينما نالت فرنسا الإرباك الذي أصاب جمهورية الحرية والإخاء والمساواة المشغولة بتفكيك مدى العقد الهائلة المتراكمة عبر سياسات الحاضر بحثاً عن مستقبل يبدو معقّداً. قد يتجاوز الخطر فرنسا إلى أوروبا وفي مقدّمته ملفّ الهجرة والمهاجرين من الشرق الأوسط نحو الشمال مع ما يرتبط به أو يتبعه من ذيول معقّدة بل مستعصية الحلول.
استعيد هذا كلّه من لبنان منتظراً فرنسا المشغولة كثيراً بواقعها أكثر من لبنان وقد بدت صورتها الدولة المتغيرة لدى العديد من المكوّنات اللبنانية المسيحية الضائعة بعدما كانت تاريخيّاً الأكثر اهتماماً بلبنان والموارنة تحديداً عبر مئة سنة انطوت بمقاربة الأزمات وتفكيك العقد المتجددة التي تأخذ إتجاهات وتعليقات محكومة بالتأويل وتخلّف الحيرة. قويت هذه المشاعر بعد انهيارات 2019 ثم انفجار مرفأ بيروت في الـ2020 ووصول الرئيس إيمانويل ماكرون المفاجيء في اليوم التالي إلى العاصمة التي استقبلته بالبكاء إلى جمعه للأقطاب الحزبية الطائفية في قصر الصنوبر وصولاً إلى لبنان البارك في حفرة الفراغ الرئاسي في الـ 2022 بنتائجه المدمّرة التقسيمية المتلاحقة في وطنٍ مدمّر ومريض.
وإذا اعتبرنا الأسئلة هي الحياة وغالباً ما يطرحها الأطفال، فإن الإجابات تُصبح معادلة للموت عند التمكّن من الحقائق والقبول بها. تنسحب هذه المعادلة على الزيارة الإستكشافية الأولى لجان إيف لودريان مبعوث الرئيس الفرنسي الخاص إلى بيروت في 21 الشهر الفائت الذي طاف بأسئلته الكثيرة على لبنان وجمع الأجوبة التي غطست بها وسائل الإعلام حافلةً بالتكهنات والتسريبات والإنتظارات التقليدية المخيفة. يضيع لبنان بين الأسئلة والأجوبة وينتظر بكلّ مكوناته وإعلامه زيارة لودريان الثانية لبيروت التي لم تحصل لأنّ الرجل التحق باجتماع اللجنة الخماسية الأميركية الفرنسية السعودية المصرية القطرية. هذا يعني للبنان التلويح بمؤتمر عام حواري لم تُصقل هويته ومكانه بعد! هكذا تبدو المواقف والإنتظارات ومظاهر التآلف والتعاون قائمة بين الأفراد والشعوب والأنظمة في الدول القريبة والبعيدة، لكن البحث الجدّي عن مصير وطن هائم ومعاند ومفكّك وشارد في التيه الدولي كما هو حال لبنان، يبدو خطيراً جدّاً عندما تقف الدول الكبرى قلقة حيال حساباتها وتحالفاتها في عالم معقّد ومُبهم بتشابكاته. صحيح أنّ لبنان ينام لفترة فوق وسادة اللجنة الخُماسية،
لكنّ الصحيح أيضاً أن المسؤولين اللبنانيين لم تهتزّ جفونهم أو تتبدّل سياساتهم وكأنهم لم يطرحوا على أنفسهم بعد السؤآل الضخم:
كيف إنقلب العالم رأساً على عقب؟
لم يحدّقوا جيّداً في التحولات والتنافسات الدولية بين واشنطن وبكين منذ الـ 2021، ولم يلتفتوا إلى الحرب الأوكرانية وتحرّك روسيا حيث تنشغل دول العالم للإحاطة بمستقبلها وتفكيك علاقاته بحثاً عن مصالح شعوبها وسلامهم.
يتسمّر الساسة في جزرهم النائية وفاتهم بأن بلداً حرّاً ديمقراطياً يجمعهم بالإسم لكن بأساليب لم تألفها الدكتاتوريات التي محت الدساتير وأوصدت أبواب التفاهم والحوار، وكأنهم ما لفحتهم بعد رياح التواصل والحوار المتفشية في عصر تنطوي فيه الأوتوقراطيات وتنسحب من مسارح الحكم في التاريخ. لقد أدخلت البشرية في زمن ما بعد الحرب الباردة وتجاوزت النظام الدولي الذي صقلت ملامحه أميركا ليتحوّل تصدّعاً مفاجئاً عبر موسكو والصين حافلاً بالتهديدات الدولية ومخاطر الحروب النووية بما يسحب التحالفات في عالم متعدد الأقطاب،
سيبقى لبنان متعثراً أبداً بانتخاب رؤساء الجمهوريات وتكوين الوزارات وتحرير بياناتها وكأنه معلّق فوق أرجوحة ذات إيقاعات ووجهات متنوعة ومعقّدة وفي قلق كبير ينام فوق مسرحٍ محطّم بانتظار حلمٍ باريسي ودولي طويل.
احتفل الفرنسيون الجمعة 14 تمّوز/ يوليو كما في كلّ عام منذ 143 سنة بعيدهم الوطني الذي يرجعنا إلى العام 1880 حين أعلنت الجمهورية الفرنسية الثالثة قرارها بالعيد الوطني الذي اقترن بذكرى السقوط النهائي لسجن الباستيل الشهير في 14 تموز/ يوليو 1789. اعتبر هذا السقوط على أيدي الثوار الباريسيين حدثاً أسّس للثورة الفرنسية تاركاً آثاراً رمزية كبرى في أوروبّا باعتباره التأريخ لنهاية الملكية المطلقة ذات السلطات المقدسة التي مثلها لويس الرابع عشر والخامس عشر بالتحديد.
تجمع هذه الذكرى اللحظة التاريخية الفرنسيين بكونها الصدى المستمرّ قويّاً لعيد الفيدرالية في 14 يوليو/ تموز 1790 الحافل تاريخياً بالمصالحات الوطنية.
نبارك للجمهورية الفرنسية دوام الإستقرار، بالرغم من وصول اصبع مقطوع الى مكتب الرئيس الفرنسي، وبالرغم من تسلسل الأزمات والتظاهرات العنيفة المتلاحقة من أصحاب السترات الصفراء إلى المظاهرات والحرائق التي قضّت مضاجع لا فرنسا وحسب بل أوروبا والعالم بعد سقوط الشاب الجزائري نائل المرزوقي (17 عاماً) الذي لم ينل أو يُرزق بالحقيقة سوى مقتله على يد شرطي فرنسي، بينما نالت فرنسا الإرباك الذي أصاب جمهورية الحرية والإخاء والمساواة المشغولة بتفكيك مدى العقد الهائلة المتراكمة عبر سياسات الحاضر بحثاً عن مستقبل يبدو معقّداً. قد يتجاوز الخطر فرنسا إلى أوروبا وفي مقدّمته ملفّ الهجرة والمهاجرين من الشرق الأوسط نحو الشمال مع ما يرتبط به أو يتبعه من ذيول معقّدة بل مستعصية الحلول.
استعيد هذا كلّه من لبنان منتظراً فرنسا المشغولة كثيراً بواقعها أكثر من لبنان وقد بدت صورتها الدولة المتغيرة لدى العديد من المكوّنات اللبنانية المسيحية الضائعة بعدما كانت تاريخيّاً الأكثر اهتماماً بلبنان والموارنة تحديداً عبر مئة سنة انطوت بمقاربة الأزمات وتفكيك العقد المتجددة التي تأخذ إتجاهات وتعليقات محكومة بالتأويل وتخلّف الحيرة. قويت هذه المشاعر بعد انهيارات 2019 ثم انفجار مرفأ بيروت في الـ2020 ووصول الرئيس إيمانويل ماكرون المفاجيء في اليوم التالي إلى العاصمة التي استقبلته بالبكاء إلى جمعه للأقطاب الحزبية الطائفية في قصر الصنوبر وصولاً إلى لبنان البارك في حفرة الفراغ الرئاسي في الـ 2022 بنتائجه المدمّرة التقسيمية المتلاحقة في وطنٍ مدمّر ومريض.
وإذا اعتبرنا الأسئلة هي الحياة وغالباً ما يطرحها الأطفال، فإن الإجابات تُصبح معادلة للموت عند التمكّن من الحقائق والقبول بها. تنسحب هذه المعادلة على الزيارة الإستكشافية الأولى لجان إيف لودريان مبعوث الرئيس الفرنسي الخاص إلى بيروت في 21 الشهر الفائت الذي طاف بأسئلته الكثيرة على لبنان وجمع الأجوبة التي غطست بها وسائل الإعلام حافلةً بالتكهنات والتسريبات والإنتظارات التقليدية المخيفة. يضيع لبنان بين الأسئلة والأجوبة وينتظر بكلّ مكوناته وإعلامه زيارة لودريان الثانية لبيروت التي لم تحصل لأنّ الرجل التحق باجتماع اللجنة الخماسية الأميركية الفرنسية السعودية المصرية القطرية. هذا يعني للبنان التلويح بمؤتمر عام حواري لم تُصقل هويته ومكانه بعد! هكذا تبدو المواقف والإنتظارات ومظاهر التآلف والتعاون قائمة بين الأفراد والشعوب والأنظمة في الدول القريبة والبعيدة، لكن البحث الجدّي عن مصير وطن هائم ومعاند ومفكّك وشارد في التيه الدولي كما هو حال لبنان، يبدو خطيراً جدّاً عندما تقف الدول الكبرى قلقة حيال حساباتها وتحالفاتها في عالم معقّد ومُبهم بتشابكاته. صحيح أنّ لبنان ينام لفترة فوق وسادة اللجنة الخُماسية،
لكنّ الصحيح أيضاً أن المسؤولين اللبنانيين لم تهتزّ جفونهم أو تتبدّل سياساتهم وكأنهم لم يطرحوا على أنفسهم بعد السؤآل الضخم:
كيف إنقلب العالم رأساً على عقب؟
لم يحدّقوا جيّداً في التحولات والتنافسات الدولية بين واشنطن وبكين منذ الـ 2021، ولم يلتفتوا إلى الحرب الأوكرانية وتحرّك روسيا حيث تنشغل دول العالم للإحاطة بمستقبلها وتفكيك علاقاته بحثاً عن مصالح شعوبها وسلامهم.
يتسمّر الساسة في جزرهم النائية وفاتهم بأن بلداً حرّاً ديمقراطياً يجمعهم بالإسم لكن بأساليب لم تألفها الدكتاتوريات التي محت الدساتير وأوصدت أبواب التفاهم والحوار، وكأنهم ما لفحتهم بعد رياح التواصل والحوار المتفشية في عصر تنطوي فيه الأوتوقراطيات وتنسحب من مسارح الحكم في التاريخ. لقد أدخلت البشرية في زمن ما بعد الحرب الباردة وتجاوزت النظام الدولي الذي صقلت ملامحه أميركا ليتحوّل تصدّعاً مفاجئاً عبر موسكو والصين حافلاً بالتهديدات الدولية ومخاطر الحروب النووية بما يسحب التحالفات في عالم متعدد الأقطاب،
سيبقى لبنان متعثراً أبداً بانتخاب رؤساء الجمهوريات وتكوين الوزارات وتحرير بياناتها وكأنه معلّق فوق أرجوحة ذات إيقاعات ووجهات متنوعة ومعقّدة وفي قلق كبير ينام فوق مسرحٍ محطّم بانتظار حلمٍ باريسي ودولي طويل. د.نسيم الخوري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|