لهذه الأسباب الثنائي متوجّس من اجتماع الدوحة

ترك البيان الصادر عن الاجتماع الخماسي في قطر ندوبا لبنانية واضحة، ولا سيما عند الثنائي الشيعي الذي تلقفه سلبا، بالنظر إلى إثارته جملة بنود ومواقف تزعجه، لا بل يعتبرها حزب الله قنصا له، كمثل الإشارة إلى القرارات الدولية، ومن بينها لا شكّ القرار الأممي ١٥٥٩ الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات، وكان سببا رئيسا في خضّات أمنية واسعة عند صدوره. وينسحب الأمر كذلك على تمسّك الدول الخمس باتفاق الطائف. ولا يُخفى أن الرياض تتوجّس من أي محاولة لتعديله، وتنظر إلى حزب الله باعتباره أكثر المعارضين له وفي طليعة من يمنّي النفس تغييره أو تغيير بنود فيه تكرّس توازن القوى الراهن والذي لم يكن كذلك سنة ١٩٨٩.

وبات واضحا أن البيان راعى بالكامل الموقف السعودي من الشأن اللبناني، وهو موقف حازم في ما خصّ حزب الله ودوره وسلاحه. إذ جاء استكمالا لبيانات دولية سابقة ولا سيما البيان الصادر عقب الاجتماع الثلاثي الأميركي- الفرنسي - السعودي الذي عُقد في نيويورك في ٢٢ أيلول ٢٠٢٢.

كما غفل بيان الدوحة قصدا عن ذكر الحوار الذي يعمل عليه الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي ينظر إليه كخسبة خلاص أخيرة وعاملا يساعد على إرجاء اعلان فشل مهمّته، وهو الذي تيقّن في زيارته الى بيروت من الهوة التي لا تزال تفصل بين طرفيّ الصراع الرئاسي. وعُدّ هذا التغافل استهدافا مباشرا لمحاولة الثنائي كسب الوقت بانتطار تطور ما يعيد تعويم خياره الرئاسي. ولا ريب أن استشعار الدول الخمس بمحاولة الثنائي الشيعي هذه كان وراء التلويح بالعقوبات وهو الآخر إجراء يستهدفه باعتباره هو الدافع لإفشال انعقاد الدورة الرئاسية الثانية في مجلس النواب.

ولا يُستغرب والحال هذه هجوم الثنائي على المجموعة الخماسية، إلى جانب بوادر الاستياء من لودريان نفسه الذي كان واضحا في دعوته الى طيّ صفحة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والتفتيش عن اسم توافقي.
وكان لودريان قد شرح للمجتمعين في الدوحة حصيلة زيارته الى بيروت وما وقع عليه خصوصا من تباعد في المواقف بين الأطراف وإصرار حزب الله على ترشيح فرنجية، ملمّحا الى رعاية أجنبية لحوار لبناني في الخارج، الأمر الذي رفضه عدد من ممثلي الدول، باعتباره مضيعة للوقت، ولا تتوافر راهنا عوامل نجاحه، تلك التي كانت سببا في نضوج اتفاق الدوحة في أيار ٢٠٠٨.

ميرا جزيني - ليبانون فايلز