الطفولة المعذّبة... هل مات الضمير؟
على هامش ما يعيشه اللبنانيون من حالة قرف لا يمكن وصفها مرّت عليهم مؤخرًا ثلاثة حوادث مأسوية لها علاقة بالطفولة المعذّبة في لبنان.
طفلة حديثة الولادة مرمية في الطريق.
طفلة عمرها سنتان تُغتصب بوحشية وتموت.
طفل يُعنّف في إحدى الحضانات.
هذه الجرائم في حق الإنسانية والطفولة لن تمرّ مرور الكرام. ومن غير المسموح في بلد تتجاور فيه المآسي إلى درجة الازدحام أن تنال الطفولة هذا الكمّ من الإهمال أو الاستهتار، وكأن لا رقيب ولا حسيب ولا حتى ضمير يردع. ألهذه الدرجة من قساوة القلب وانعدام الأخلاق وصلت الحال بنا إلى هذا المستوى المتدنّي من قلة الاخلاق وضياع المفاهيم التي ورثناها عن الأباء والأجداد، وهي تقوم على سلم من القيم، التي لم تعد موجودة في علاقة الناس بعضها بالبعض الآخر.
أن تُرمى طفلة في شوارع القهر والنسيان، ولا ذنب لها سوى أنها ولدت من أبوين سفاحين ليس أمرًا عادّيًا في بلد أصبحت كل أموره غير عادّية ومستهجنة. ما ذنب هذه الطفلة، التي جرّها كلب في شوارع طرابلس؟ ما هو هذا السرّ في التركيبة اللاإنسانية لهذين الوالدين، اللذين قررا أن يتخليا عن جزء مكمّل لهما.
أيًّا تكن الأسباب التي فرضت على هذين الوالدين أن يتخليا عن طفلة ليس لديها القوّة الكافية لتدافع عن نفسها أو لتطالب بحقّها بأن تعيش في ظروف طبيعية، حتى ولو كان الفقر لا يرحم في كثير من الأحيان، فإن جرمهما مضاعف، ويجب أن تُفرض عليه عقوبة لا تقّل قساوتها عن قساوة قلبيهما.
إنها جريمة موصوفة بكل مفاعيلها. كيف تُقتل الطفولة بهذا الشكل الوحشي ولا تهتزّ الكراسي وتنهار بمن يجلس عليها، وهم غير أهل لها.
هي جريمة تُضاف إلى جريمة أبشع منها. كيف يمكن أن يكون الانسان الذي اغتصب لين طالب، أيًّا يكن، إنسانًا كامل المواصفات الإنسانية. إنه أقل من حيوان، لأن الحيوان لم يصل حتى بوحشيته إلى هذا الدرك؟
ما هذه البشاعة، وما الذي أوصل مجتمعاتنا إلى ما وصلت إليه من انحطاط وانحلال الروابط الإنسانية؟ أي سفّاح هو هذا الذي يعتدي على طفلة لا تستطيع أن تقاوم أو أن تدافع عن نفسها أمام مفترسها؟
كثيرة هي الأحداث الاجرامية، التي تملأ صفحات المواقع الإخبارية، وكثيرة هي المظلومية، التي قد تلحق بهذا المجرم أو ذاك. وقد يكون لكل من مرتكبي هذه الجرائم ما يبرّر فعلته أو أن يخفّف من وطأة قساوة ما ارتكبته أيديهم من موبقات. أمّا أن تُغتصب طفلة بهذا الشكل الوحشي فلا مبرّر على الاطلاق لهذا الجبان بفعلته هذه.
أمّا تلك المربية، التي كان من المفترض بها أن تحتضن وتحضن ذاك الطفل بدلًا من أن تنهال عليه بالضرب غير الإنساني، الذي لا يرقى إلى مستوى الحدّ الأدنى من المسؤولية، فأقل ما يقال فيها أنها ليس بامرأة، ولا تعرف شيئًا عن الطفولة والأمومة.
فهل فعلًا مات الضمير، وهل أصبح أولادنا لقمة سائغة في فم الوحوش البشرية، التي لا تعرف لا شفقة ولا رحمة، وهل يمكننا القول إنها نهاية النهايات؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|