كواليس لقاءات عين التينة... هل غمزت الخماسية إلى العماد عون؟
عين الحلوة: جمر تحت الرماد ورابط بين إشعال المواجهة ومعادلة "وحدة الساحات"؟
استقطب مخيم عين الحلوة في الأسبوع المنصرم كل الاهتمام نتيجة الاشتباكات التي دارت بين حركة «فتح» من جهة وبين مسلحين تابعين لتنظيمات إسلامية بينها «جند الشام» و«الشباب المسلم» وأسفرت عن سقوط حوالي 11
قتيلاً و60 جريحاً بينهم قائد الأمن الوطني اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقوه الذي اغتيل في كمين واتهمت «فتح» مسلحين متشددين بتدبير العملية بينما كان في طريقه لإنجاز تسوية بتسليم قاتل أحد الشبان الإسلاميين.
ومن المعلوم أن عين الحلوة هو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان وجاء معظم سكانه عام 1948 من المدن الفلسطينية الساحلية، ثم استضاف عدداً كبيراً من النازحين الفلسطينيين من أجزاء أخرى من لبنان، وتحديداً من
طرابلس، حيث جاؤوا إلى عين الحلوة خلال الحرب الأهلية اللبنانية وفي أعقاب أحداث نهر البارد عام 2007 إضافة إلى قدوم لاجئين من سوريا بعد اندلاع الحرب.
وفيما تبقى الهدنة هشّة في المخيم والجمر تحت الرماد، فقد أدّت الاشتباكات والخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار إلى نزوح مؤقت من داخل المخيم إلى خارجه وإلى أضرار جسيمة في المباني والسيارات بعدما تحوّلت أحياء
الطوارئ والبستان إلى ساحة حرب على مدى 4 أيام استخدمت فيها القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة المتوسطة، حيث كانت تتهاوى الهدنة على الرغم من الاتصالات الفلسطينية واللبنانية وجهود هيئة العمل الفلسطيني
المشترك وسفارة فلسطين برئاسة السفير أشرف دبور لسحب المسلحين مقابل تكليف لجنة تحقيق لكشف مرتكبي جريمة مقتل العرموشي وتقديمهم إلى الجهات القضائية اللبنانية.
في التداعيات الإنسانية لهذه الاشتباكات خراب وحرائق طالت حوالي 700 منزل ومحل تجاري وسيارات وخزانات مياه وألواح طاقة شمسية وبنى تحتية ونزوح نحو 4 آلاف شخص معظمهم من الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات
الخاصة، وبات هاجس أهالي المخيم كيفية إعادة ترميم ما خرّبته القذائف الصاروخية وأحرقه الرصاص في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يعيشها لبنان وتصيب اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من البطالة وغياب
فرص العمل والمساعدات.
في التداعيات الأمنية بقيت المعارك محصورة داخل مخيم عين الحلوة وإن طال الرصاص والقذائف في بعض الأحيان مدينة صيدا والجوار، ولوحظ حرص من الجيش اللبناني على إقفال مداخل المخيم ومنع دخول وخروج المسلحين
منه لمنع تمدّد الأحداث إلى مدينة صيدا والخط الساحلي ولمنع تكرار تجربة أحداث مخيم نهر البارد التي كلّفت الجيش ثمناً باهظاً لاجتثاث حركة «فتح الإسلام» برئاسة شاكر العبسي. وكانت المؤسسة العسكرية متخوفة من أن يكون
اغتيال قيادي فلسطيني بحجم العرموشي يهدف إلى إشعال مواجهة واسعة ويمهّد لانتقال الشرارة إلى مخيمات فلسطينية أخرى ومحاولة فرض ميزان قوى جديد من خلال إضعاف حضور حركة «فتح» لصالح متشددين إسلاميين، ما
زالت علامات الاستفهام تُطرَح حول كيفية تسرّبهم من سوريا إلى عين الحلوة وكيفية تمويلهم وتزويدهم بالأسلحة والذخائر، ولماذا تمّ استهداف مراكز للجيش اللبناني بضع مرات وهل كانت هناك نيّة مبيّتة لاستدراج الجيش
وتوريطه في معركة داخل المخيم في وقت تشهد الحدود الجنوبية توتراً مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وخروقات للخط الأزرق وقضماً للجزء الشمالي من بلدة الغجر؟
في التداعيات السياسية لوحظ أن الإعلام التابع لفريق الممانعة حاول مراراً الربط بين أحداث مخيم عين الحلوة وزيارة رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج إلى لبنان قبل أسبوع من الاشتباكات، ولكن لم يتبيّن أي رابط بين الزيارة
واندلاع المعارك. وأفيد أن زيارة رئيس المخابرات الفلسطينية تمت بالتنسيق مع الجيش اللبناني للبحث في بعض القضايا وكيفية ضبط السلاح الفلسطيني في بعض المناطق خارج المخيمات المعروفة. وتحدث إعلاميون في هذا
الفريق الممانع عن أن حركة «فتح» باتت الحلقة الأضعف في عين الحلوة ولم تستطع إحكام سيطرتها رغم كل المحاولات على بعض الأحياء خلافاً لما فعلته بالسيطرة على حي الطيرة قبل سنوات فيما باتت حالياً أكثر القواعد الشعبية في أيدي الفصائل الأخرى.
في المقابل، لم يستبعد سياسيون دوراً لحزب الله في دعم التنظيمات المناهضة لحركة «فتح» للإمساك بالورقة الفلسطينية داخل لبنان انطلاقاً من معادلة «وحدة الساحات» ولعدم إبقاء آخر بندقية في المنطقة خارج يد إيران. وكان
لافتاً تصريح عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» محمود الحوراني قبل أيام عن «أن تنظيم جند الشام دخل إلى مخيم عين الحلوة بمعرفة حزب الله لإشعال الوضع» وقوله «إن حركة فتح في حال دفاع عن النفس ووجدت نفسها
في مواجهة فُرضت عليها» مضيفاً «هناك محاولات لطرد منظمة التحرير من المخيمات وتحويلها إلى مرتع للإرهاب».
وقد سأل أكثر من طرف عن موقف حركة «حماس» من أحداث المخيم وتوقفوا عند صمتها واستفادتها من أي ضمور لوجود حركة «فتح» معتبرين أن حيادها هو ظاهري وأنها تتعاطف ضمناً مع التنظيمات الإسلامية، وبعد هذه
التساؤلات تمّ الإعلان عن اتصال هاتفي أجراه رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إسماعيل هنية برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أعرب فيه عن أمله في «أن يبذل لبنان مزيداً من الجهد
لضمان تثبيت الهدنة في مخيم عين الحلوة وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في ضوء الأحداث المؤسفة التي أودت بحياة عدد من أبنائه وجرحت العشرات منهم وروّعت الآمنين» مشدداً حسب بيان لـ «حماس» على «ضرورة أن
يتم احترام القرارات التي اتخذتها المرجعيات الفلسطينية، وخصوصاً هيئة العمل الفلسطيني المشترك». كما تمّ الإعلان عن توجيه هنية رسالة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أعرب فيها أيضاً عن «أمنياته في أن
يبذل جهوداً لإيقاف الاشتباكات الدائرة في المخيم».
من ناحيته، نفى نصرالله «أن تكون لدى حزب الله رواية عما حصل في مخيم عين الحلوة» وإذ دعا إلى وقف فوري للاشتباكات قال «نحن لا نمتلك رواية لما جرى في عين الحلوة ولسنا معنيين أن نُقدّم رواية، الذي يُقدّم رواية هي
وزارة الداخلية، هي قيادة الجيش، قيادة قوى الأمن الداخلي، رئاسة الوزراء، هذه الجهات المعنية هي التي يجب أن تُقدّم رواية عن القتال الدائر في مخيم عين الحلوة باعتبار المخيم يقع على أرض لبنانية تحكمها مؤسسات هذه الدولة
كأرض لبنانية عامة».
لبنانياً، أدّت هذه الأحداث إلى إعادة التذكير بما اتفق عليه في مقررات الحوار في ساحة النجمة لجهة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خصوصاً في الناعمة وقوسايا وتنظيمه داخلها والتي بقيت حبراً على ورق، وكان الرئيس
فؤاد السنيورة إبن صيدا واضحاً في سؤاله «أما آن الأوان لتنفيذ مقررات الحوار الوطني اللبناني القاضي بنزع ومنع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، وتمكين الدولة اللبنانية من فرض سلطتها على كل
أراضيها؟» سائلاً «إلى متى يُستعملُ الدم والسلاح الفلسطيني زوراً باسم القضية للإساءة إلى المدن اللبنانية التي ما قصّرت يوماً في احتضان هذه القضية العربية المحقة».
بدوره، طالب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل «بنزع سلاح المخيمات ووضعه في عهدة الجيش اللبناني» معتبراً أن «هذا يتطلب قراراً جريئاً ويجب ألا تبقى قطعة سلاح خارج الشرعية».
أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فتواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لطالما اعتبر الفلسطينيين ضيوفاً في لبنان وليسوا بحاجة إلى سلاح، كما تواصل ميقاتي مع عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية
عزام الأحمد وسفير فلسطين أشرف دبور، وطالب «القيادات الفلسطينية بوقف الاقتتال الذي يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية خصوصاً وأن اللبنانيين الذين ناصروا على الدوام القضية الفلسطينية، هالهم هذا الاقتتال الذي يدور
على أرضهم، والذي دفعوا في السابق أثماناً غالية بسببه». وقال ميقاتي «من غير المسموح ولا المقبول أن تعتبر التنظيمات الفلسطينية الأرض اللبنانية سائبة فتلجأ إلى هذا الاقتتال الدموي وتروّع اللبنانيين لا سيما منهم أبناء الجنوب
الذين يحتضنون الفلسطينيين منذ أعوام طويلة». وكان ميقاتي لاحظ «أن توقيت الاشتباكات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، في الظرف الإقليمي والدولي الراهن مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة
اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين». وأعلن ميقاتي «رفضه هذه الاشتباكات لأنها تكرّس المخيم بؤرة خارجة عن سيطرة الدولة وهذا أمر مرفوض بالمطلق ويتطلب قراراً صارماً من القيادات
الفلسطينية باحترام السيادة اللبنانية والقوانين ذات الصلة وأصول الضيافة» طالباً من القيادات الفلسطينية «التعاون مع الجيش لضبط الوضع الأمني وتسليم العابثين بالأمن إلى السلطات اللبنانية».
ولعل ميقاتي كان يعكس بكلامه ما توصّلت إليه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التابعة لرئاسة الحكومة في اجتماعاتها حول نقاش «الاستراتيجية الوطنية للاجئين الفلسطينيين» والتي لم تخل من بعض التباينات بين اللجنة والسفير
الفلسطيني، علماً أن الرؤية اللبنانية لهذه الاستراتيجية تركّز على النقاط الآتية: حق العودة، التوطين ومخاطره، السلاح الفلسطيني، الحقوق المدنية وإدارة المخيمات.
سعد الياس - القدس العربي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|