الصحافة

في السؤال اللزج: أيّ لبنانٍ نريد؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد مئة سنة على إعلان فرنسا دولة لبنان الكبير، تظهر أبوابا لسرد وفهم تاريخ لبنان محكمة الإقفال، أوّلاً لانتفاء إمكانيات التفاهم والحوار للخروج من الفراغ لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، وثانياً لتصوّرمستقبل هذا الوطن المعقّد عبر الخارج كل خارج، بهدف إعلان الخاتمة أو وضع النقطة النهائية لمستقبل لبنان، وثالثاً لبروز فرنسا مجدّداً وثباتها عبر الأبواب المارونية المتجدّدة تتجاوز الفراغ والواقع المعقّد والعسير إن لم يكن المستحيل.
 

كيف بدا ذلك؟
أصدرالمركز الماروني للتوثيق والأبحاث، وبرعاية بكركي باعتبارها المرجعية التاريخية الصلبة للموارنة في لبنان كتاباً موسوعيّاً ضخماً عنوانه: "لبنان: الكبير المئوية الأولى"، وضعه مجموعة من الباحثين.
جاء وقع الكتاب وكأنّه يُعلن ان اللبنانيين أطفأوا في 1 أيلول 2020 شمعتهم المئوية الأولى على ميلاد دولة لبنان الكبير، وهم يعلنون إضاءة شمعة المئوية الثانية، وكأنّ اللبنانيين وفقاً لما جاء من ردود فعلٍ، لم تكفِهم 100 سنة من الصراعات على إعلان دولتهم بأزماته المتواصلة وانقساماتهم الطائفية وحروبهم المتكررة عاجزين على التفاهم نهائيّاً على هويّة لبنانهم ونظامه وحدوده وعروبته ومستقبله.
إنّ معظم اللبنانيين من السنّة والشيعة وباقي الطوائف المولودين بعد تسوية 1861- 1864من أهالي عكّار وطرابلس وبيروت وصيدا وصور ومرجعيون وحاصبيا والبقاع وبعلبك، لم يعرفوا أو يدركوا أو يشعروا تماماً كما غيرهم جبل لبنان وقيمته الأساسيّة وروحه لا جغرافيّاً ولا تاريخياً ولا وطنيّاً ولا سياحيّاً. ويمكن السماع بأنّ معظم بنات وشباب هذه المناطق الواسعة، لم يزر هذا الجبل ولو مرّةً واحدة، ويُعتبر كلّ الكلام السلبي المتوتّر والمتعاظم عبر التاريخ في جبل لبنان مرتجلاً سياسيّاً وشعبويّاً وطائفيّاً ،على الأغلب، وهو لا يضيف حجراً مصقولاً إلى دولة لبنان الكبير عند إعلانه بعد ضمّ تلك المناطق المذكورة إلى الجبل، وكأنّ هذا الضم بقي حبراً على ورق الخرائط المستوردة ليس أكثر.
لطالما طبع تاريخ لبنان المئوي الإنتباه الوطني العام إذ كان يصبّ في الدعوة إلى العدالة والتغيير الذي غالباً ما كان يصطدم بالتاريخ المقفل، وتكون الوسيلة الوحيدة لفتح الباب العمل على تأسيس أحزبٍ أو جمعيّات أو مؤسسات أو حتى جمعيّات عائلية بهدف التغيير حتى الطفيف، عبر تقديم العلم والخبر والمباشرة الحزبية في ممارسة العمل السياسي. هكذا نفهم كيف ينتصب السؤآل إيّاه في لبنان الذي راكم ويستمر في مراكمة جمهوريات الممالك والطوائف والأحزاب المتفسخة والطائفية وكلها محكومة بالسؤآل المئوي مجدّداً:
أيّ لبنانٍ نريد؟

 

للإجابة على هذا السؤال اللزج المتكرر، كنت تجد ما عدا السهو والخطأ، 19 حزباً للطائفة المارونية، 14 للسنّة، 6 للشيعة، 7 للدروز، 7 للناصريين، 4 للأرمن ،4 للقوميين العرب، 9 لليسار، حزبان كرديّان وحزبان للأقليّات، و10 أحزاب قليلة الفعاليّة. هكذا أصبح عدد الأحزاب في لحظةٍ ما 85 بعد "حزب الفجر" الأخير في لبنان الذي أسسه الجنرال شامل روكز صهر الجنرال الرئيس ميشال عون الذي انتهى عهده وما زال قصر بعبدا في الفراغ. تلك الأحزاب ببساطة، ما ألّفت ولن تؤلّف وطناً يضمن تاريخ أجيالنا ومستقبلهم، فكيف يمكن أن يحلم اللبنانيون من غير الحزبيين مقيمين ومهاجرين بتلك بالجمهوريّة المنتظرة.
هكذا يتقدّم السؤال قويّاً: ما الجديد في لبنانكم اليوم ؟
تتكرّر "سمفونيات" الجوع القاسية أوّلاً، كما حصل منذ مئة سنة عندما أذلّ العوز أجدادنا على يد سلاطين بني عثمان الذين ما اختفت ملامحهم في تركيا اليوم. وانتظارالخارج والهبات الدولية والتحويلات الماليّة للمهاجرين اللبنانيين ثانياً، بعدما "تدولر لبنان"، وارتفاع أصوات الفدرالية والتقسيم المقنّع ثالثاً يقابلها الإعتراض الشامل على النظام والصيغة اللبنانية ورفض تجديد ولادة لبنان على أيدي "القابلة" الفرنسية "الإستعمارية" رابعاً.
صحيح أنّ نشأة لبنان الكبير جاءت برفع سقفٍ فوق نظامي القائمقاميتين والمتصرّفية العثمانيتين وبرعايةٍ فرنسيّة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المؤسسين غابوا ولن يهضم عاقل أنّ 100 سنة من الإقامة في مكانٍ صغيرٍ وجميل لا يتجاوز حيّاً في عاصمة كبرى، كانت كذبةً عبر شعارات التعايش والعيش الواحد أو المشترك التي لم تعمّر وطناً راسخاً قادراً أن يحكم نفسه بنفسه.
يبرز الهدف الأسمى من متابعة تاريخ شعبٍ ما بلوغه القدرة على توقع الأحداث وتجنّب المخاطر الممكنة وصولاً إلى خاتمةٍ سعيدة. لا تقوم هذه الخاتمة، بتقديس الماضي السياسي وتجميده وتكراره وحسب، بقدر ما يُنتظر قيادة التاريخ نحو النقطة نهائية تحفظ مستقبل الشعوب والأوطان.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا