"عودة السوريين"... رئيس بلدية يتحدث عن "نوايا خبيثة" ويدعو للحذر!
السنيورة يرمّم "البيت السنّي"... رغم تعدّد نوافذه
مع دخول البلد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد بدأت عملية غربلة الكتل النيابية وتوجّه مسار أصوات نوابها. وإن كانت الاتجاهات شبه معروفة في التوجهات حيال هذا المرشح أو ذاك عند العدد الأكبر من النواب المسيحيين والشيعة والدروز والصوتين العلويين، فإن رياح خيارات النواب السنة الـ27 لم تتوضّح اتجاهاتها بعد نتيجة الانقسامات التي أفرزتها الانتخابات لدى هذا المكوّن بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة واتخاذ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الخيار نفسه حيث تركت الساحة السنية لإنتاج وجوه نيابية من ممثلي الطائفة حيث توزعت مجموعة منهم في فلك الحريرية من طرف نواب في الشمال واثنين لجمعية "المشاريع" وخمسة من مجموعة "التغييريين" الى ثلاثة في كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير". وتوزع الآخرون على خريطة المستقلين. ونجح النائبان فؤاد مخزومي وأشرف ريفي في إنشاء كتلة "تجدّد" مع النائبين ميشال معوّض وأديب عبد المسيح. ويقدّم العضوان السنّيان خطاباً واضحاً ينطلق من مضمون حملتهما الانتخابية حيال معارضة "حزب الله" والتصدّي لسياساته.
ولذلك يصعب من الآن حسم معرفة أين سيكون هؤلاء في انتخابات الرئاسة وجمعهم في إطار واحد في الاستحقاق المقبل على غرار النواب الشيعة والدروز .
وعند التدقيق في اللوحة النيابية السنية والحديث عن إمكانية جمع النواب السنة تحت مظلة دار الفتوى ليكونوا كتلة واحدة في الاستحقاق الرئاسي، لا يبدو أن محاولة من هذا النوع يمكن تحقيقها بسهولة. ويرجع هذا الأمر الى جملة من الأسباب.
لا تريد الدار القيام بأيّ خطوة يشعر من خلالها الرئيس الحريري بأن العمل جارٍ على إزعاجه والتضييق عليه بعد قرار عزوفه مع الإبقاء على علاقة راسخة وممتازة تربطه ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ولم يقصّر الأخير من خلال الموقع الذي يشغله في احتضانه لميقاتي في الوقت نفسه والذود عنه. ولا تخفي دار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي ارتياحهما للرئيس المكلف ومقاربته في عملية تأليف الحكومة وعدم خضوعه للشروط التي يضعها النائب جبران باسيل حيال التأليف.
وتكمن عناصر الصعوبة في جمع كل النواب السنة في إطار واحد حيال ملف الرئاسة، في أنهم أتوا من مشارب سياسية مختلفة مع حلول لاعبين جدد غير متحمّسين للتقليد السياسي القائم بين النواب ومرجعياتهم الطائفية ومن دون أن يكونوا على عداء معها أو على تضارب مع القواعد الدينية والأدبيات الإسلامية. ويقول لسان حال مفتي الجمهورية إن الدار مفتوحة أمام الجميع والعمل على كل ما يصبّ في مصلحة أبناء الطائفة واللبنانيين. ويأتي تركيز المفتي هنا على المناداة بالحفاظ على الطائف ليس من باب مصلحة السنة وتمسّكهم بالدستور بل من ناحية أنه لا تزال وثيقته تشكل عنصر اطمئنان لكلّ المكوّنات وفي مقدّمهم المسيحيون بالذات. وتريد دار الفتوى في المقابل أن يكون لمكوّنها كلمة في انتخابات الرئاسة من حيث المشاركة مع الآخرين في انتخاب رئيس لا يحمل صفة التحدّي وأن يكون إنقاذياً وليس من 8 و14 آذار وأن يكون محل قبول عند الدول العربية والمجتمع الدولي. ولا تلتقي الدار مع طروحات الدكتور سمير جعجع في مقاربته للرئيس المقبل.
وفي لحظة استمرار الحريري في تطبيق عزوفه وزحمة انهماك ميقاتي في عملية التأليف المتعثرة وإدارته لحكومة تصريف الأعمال وعلى أكثر من جبهة في الداخل والخارج يعمل الرئيس فؤاد السنيورة بصمت كبير على ترتيب البيت السني من نوافذه الدينية والمالية والاجتماعية. ولن يكون غائباً بالطبع عن تأثيره على نواب طائفته لتكون لهم بصمتهم في انتخابات الرئاسة. وسيعمل جاهداً على إبعاد أكبر عدد منهم عن الخيار الرئاسي عند "حزب الله".
ويستند هنا أولاً الى الدعم الذي يتلقاه من السعودية حيث فُوِّض إليه في شكل غير رسمي الإشراف على أحوال مؤسسات الطائفة بدءاً من دار الفتوى رغم عدم وجود كيمياء بينه وبين دريان الذي تنتهي ولايته بعد سنتين. وباشر بالفعل بإعداد هذه الورشة بالتعاون مع أعضاء من "مجلس الحكماء" العشرين الى نخب أخرى في الطائفة حيث يعقد اجتماعات يومية بغية إطلاق أجندته في هذا الخصوص وخلق حالة استنهاض سنّية ووطنية .
ويلتقي السنيورة مجموعة من هذه النخب، وزاره الاثنين الفائت النائب السابق سمير الجسر الذي يشكل حضوره مادة إجماع عند كثيرين من الوجوه السنية ويبقى من الأسماء المطروحة للحلول في السرايا في أول حكومة لرئيس الجمهورية المقبل حيث تربطه علاقات جيدة مع سائر الأطراف ولم يتلوّث اسمه بأيّ ملف فساد ولم يتخلَّ في الوقت نفسه عن وفائه والتزاماته مع الحريري .
ويجري العمل في الورش والإعداد لها في مكتب السنيورة في شارع بلس، لتحصين مالية دار الفتوى وتمتين إدارتها ولا سيما في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها مختلف المؤسسات الإسلامية والمسيحية. وإن كان السنيورة من النوع الذي "لا يستسلم" رغم عدم تحقيقه ما كان يطمح إليه في الانتخابات وعدم تمكّنه من دخول قلوب جماهير السنّة، يستمر في سعيه نحو الإنتاجية ولذلك يحاول اليوم ترتيب البيت السنّي وتحصينه قدر الإمكان، ولا سيما بعد انفراط عقد نادي رؤساء الحكومات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|