برّي على العهد حتى آخر العهد
لم يكن استقبال الوافد الجديد الى جنة السلطة استقبالاً يليق بفرد من العائلة، فالريبة من هذا الوافد، جعلت رئيس مجلس النواب وأحد أركان تركيبة الحكم والوصاية منذ العام 1990 والى العام 2005 يشعر بأن منافساً قد حط رحاله، لكن هذه المرة برعاية أبوية من «حزب الله»، وبدأت المنافسة الحقيقية بعد تفاهم مار مخايل، حين أطلق الوافد الجديد معركة اسماها حقوق المسيحيين، ويعني بها حقه في الحصة المسيحية في الدولة والادارة والحكومة والنفوذ والمناقصات وكل الطاقات.
حقق الوافد الى المنظومة نجاحاً ملموساً حين وظف قدرة «حزب الله» لإعادة رسم التوازنات والحصص، فعطل تشكيل الحكومات من أجل توزير صهره ونيل الوزارات التي كان يريدها واهمها وزارتا الطاقة والاتصالات، وقد شهدتا «اكفأ إداء» في استعادة حقوق المسيحيين، وشعر بري أن عون قادم لانتزاع كل المكتسبات القديمة التي أعطاها الطائف لأمراء حرب المسلمين، في حين كان امراء حرب المسيحيين في فرنسا واليرزة، وكانت بداية مواجهة تحت سقف «حزب الله»، وفي البيت الواحد بين بري ممثلاً لتحالف التسعينات، وعون الذي أعطى «حزب الله» الغطاء والقرار منتظراً رد الجميل، واستعادة «الرزق السائب». وكانت سنوات طويلة منذ العام 2008 والى اليوم، اي منذ دخول عون في أول حكومة سميت حكومة الوفاق الوطني، سنوات شهدت مآثر في توأمة الصراع مع الصفقات، فكان اتفاق حين اقتضت المحاصصة، وكان رفع لشعارات الحقوق، حين تعذر التفاهم على التقاسم، لكن في مسار التوأمة هذا بين بري وعون، لم يحضر الود يوماً، على الرغم من الابتسامات الموسمية التي كانت تظهر على الوجوه في اللقاءات اليتيمة.
ها هو بري بعدما قبل على مضض انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، وبعدما توعد عهده بالفشل والتعطيل، ينفذ وعده وعهده. في خطابه بالامس في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، افتتاح لمرحلة ما بعد العماد ميشال عون، أو لمرحلة ما بعد أسطورة «الرئيس القوي»، التي لم يؤمن بأنها ناتجة عن قوة حقيقية. في 13 تشرين الأول 1990 وجه بري نداء شهيراً لأهل الشرقية، طالبهم فيه بأن لا يحزنوا، لأن العماد ميشال عون لم يكن يهتم الا لحلمه بأن يصبح رئيساً للجمهورية. ربما سيستكمل بري هذا النداء بنداء آخر بعد 31 تشرين الاول 2022، حين سيضطر عون الى مغادرة القصر بفعل رغبة «حزب الله» بأن يدار الفراغ بحكومة لا تفتح الباب أمام المزيد من المفاجآت، في مرحلة تنتظر نتائج المفاوضات الجارية في المنطقة وترجماتها في لبنان.
المواجهة الاخيرة بين عون وبري سيكون محورها المرحلة الانتقالية التي ستعقب العهد، وتحديداً في تفسير الدستور، وتحديد مسرى انتقال صلاحيات الرئيس المغادر، وصراع اللحظات لتشكيل الحكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل، ولكل هذه المحطات تأثيرها على الوضع العام، مع ما يمكن ان يستجد من تطورات اقليمية.
يريد عون ان يضمن انتقال صهره الى مرحلة ما بعد انتهاء العهد، ويريد بري أن يقضي على ست سنوات برئيسين، أرغم على قبولها والتعامل معها، وقد حان الآن موعد الخروج من التحفظ الى الالتزام بعهد مواجهة هذا العهد حتى آخره، مع التأكد بأن التوريث بات أقرب الى المستحيل. أسعد بشارة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|