وقائع التمديد منذ 2020: الحزب لا يساعد
لن يود "حزب الله" ان يعترف في اي لحظة ان خطاب امينه العام السيد حسن نصرالله قبل يومين من انعقاد مجلس الامن للتمديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب قد يكون ساهم مساهمة كبيرة في تسعير الجدل بين الدول الاعضاء في مجلس الامن حول تلبية طلب لبنان العودة عن التعديلات الذي شهده قرار التمديد لليونيفيل العام الماضي او لم يساعد اطلاقا في النظر ايجابيا الى موقف لبنان الرسمي . في الاصل يواجه التمديد منذ 2020 تحفظات حول الية العمل للقوة الدولية وقد بات هامش السماح وغض النظر يتضاءل الى حد كبير .
ومنذ شهرين على الاقل حين بدأ الكلام عن عزم لبنان التحرك ديبلوماسيا بقوة لدى اعضاء مجلس الامن للعودة الى قرار التمديد ما قبل العام الماضي كان الامل ضئيلا لا بل معدوما اذا صح القول . وتاليا فان هدف لبنان الرسمي محكوم سلفا بالفشل الا ان تكبير الحجر برفع السقوف سلط الضوء اكثر على هذا الفشل علما انه لا ضير من المحاولة بل ان ذلك واجب في حال ارتأى لبنان مصلحته في ذلك ولا يعود للبنان وحده ان يقرر في مسألة تخص دولا عدة . ومن بقي من الديبلوماسية اللبنانية المطلعة على عمل الامم المتحدة في السابق وهم باتوا نادرين ، ادرك ان الامر سيقارب المستحيل ولا امل للبنان لاعتبارات متعددة . ولكن لم يرغب اهل السلطة في ان يجدوا انفسهم في حال التقصير الذي حملت تبعته الديبلوماسية اللبنانية التي كانت تلقت اشارات متواصلة من بعثتها في نيويورك العام الماضي عن النية في احداث تعديلات لم يدرك المسؤولون فحواها او اهميتها سوى في 29 آب اي قبل يوم واحد من الجلسة المفترضة للتمديد للقوة الدولية بحيث لم يعد ينفع اي شيء، على ذمة بعض المسؤولين ، فيما كانت جهود هؤلاء وانظارهم منصبة على الترسيم البحري الذي كان يتم الاعداد له لكي ينهي ميشال عون عهده به. يفتح هؤلاء مزدوجين على هذا الهامش ليشيروا الى ان ذلك حصل في السنة الاخيرة من عهد عون فيما ان الحزب الذي يطالب بضمانة عبر شخص الرئيس العتيد "لعدم الطعن بظهر المقاومة" كما يقول، يمكن ان تحصل مع اي عهد . تماما كما حصل في عهد اميل لحود الذي اتى بالقرار 1559 والقرار 1701 في عهده .
على رغم ذلك كانت المفاوضات صعبة العام الماضي .اذ شاركت فرنسا، صاحبة الصياغة الخاصة بلبنان، في المسودة الأولى للقرار مع أعضاء المجلس في 16 آب وعقدت جولة أولى من المفاوضات في 18 منه ثم وزعت فرنسا نصا منقحا في 19 وعقدت جولة ثانية من المفاوضات في 22وتم تعميم نص منقح ثانٍ في 24 ووُضِع تحت الصمت حتى صباح 25.
وخرجت الصين وروسيا عن صمتهما، وبعد ذلك قدم ممثلو دول عدة ومن بينها الهند، وأيرلندا، والمكسيك، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة تعليقاتها. وفي 26 آب عممت فرنسا مسودة ثالثة منقحة ووضعتها تحت الصمت حتى صباح 29 . ومع ذلك، خرجت الهند والإمارات العربية المتحدة عن صمتهما في 26 تلتهما الصين في صباح 29 . ونتيجة لفترات الصمت المتعددة والمراجعات، تم تأجيل التصويت، الذي كان مقررا حصوله في 30 آب الى اليوم التالي . وبعد أن كسرت روسيا صمتها في 29 آب بشأن المسودة المنقحة الرابعة التي وزعتها فرنسا في ذلك اليوم، تم وضع المسودة المنقحة الخامسة باللون الأزرق النهائية للتصويت عليها. ولم يكن لبنان طرفا في اي من هذه المداولات التي تظهر تقنية الوصول الى اتفاق من اجل تأمين اجماع على قرار معين والحال لم تكن افضل هذه السنة بالمفاوضات الصعبة نفسها. والقرار 2650 بالتمديد للقوة الدولية الذي تضمن ما يعتبره لبنان تعديلات رفضها "حزب الله" انذاك بقوة تم التصويت عليه بالاجماع اي مع الصين وروسيا في وقت يشكل هذا العامل صعوبة جمة في العودة عنه جنبا الى جنب صعوبة او بالاحرى استحالة العودة الى الوراء في اي قرار للامم المتحدة كما يرغب لبنان او يضغط الحزب في اتجاهه. يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة هي رئيسة مجلس الامن خلال شهر آب والامارات العربية هي مجددا عضو غير دائم في المجلس تماما كما العام الماضي واصرت مع بريطانيا على لغة قوية لمصلحة سيطرة لبنان وسيادته على كل أراضيه.
الكثير مما لا يود لبنان رؤيته في قرار التمديد كان يمكن تجنيه بتعاطي اكثر مرونة مع عناصر اليونيفيل وعدم الاعتداء عليها وبعيدا من الخطاب الفوقي . ففي نهاية الامر لا يعود للبنان وحده ان يقرر فيما ان هذا لا يعني ان وجهة نظر لبنان خاطئة . ففي النقطة المتعلقة بشطب الاحتلال الاسرائيلي لمصلحة كلمة وجود اسرائيلي في الغجر ثمة تناقض حين يطلب العمل على انسحاب القوات الاسرائيلية . وهذا يعني ان هناك احتلالا . كما ان من بين الملاحظات الاولية عدم ذكر هوية اف 16 مثلا بحسب ما جاء في الحيثيات عن " التوقيع الإلكتروني لرادار التحكم في النيران لرادار طائرة من طراز F16 في وضع القفل على متن سفينة تابعة لقوة اليونيفيل البحرية في 26 نيسان/أبريل 2023، فيما انه معروف انها تعود لاسرائيل. وهذه قدرة الدول القوية والمؤثرة فيما ان لبنان لا يملك ترف لا الاستغناء عنها او المخاطرة بذلك ولا ترف اخضاعها لشروطه فكيف اذا كانت شروط الحزب الذي وان كانت حساباته محلية واقليمية على حد سواء ؟
هذا الضغط الذي لوح من خلاله الامين العام للحزب مطلع الاسبوع واضعا تحرك اليونيفيل في اطار مهمة التجسس على الحزب تمت الخشية من ان يأتي بمفعول عكسي يزيد من رفض الدول الاعضاء الخضوع له . فبالاضافة الى العوامل السابقة المذكورة، لم يكن من المرجح ان تعطي هذه الدول الحزب ورقة تفيد انه نجح عبر تهديداته بالحصول على ما يريده لانه، وان كانت الديبلوماسية اللبنانية في الواجهة، الا ان الحزب سيعزو لنفسه الفضل في الحصول على ما سيعتبره المحافظة على سيادة لبنان وكرامته وفق تعبيره تماما كما حصل مثلا بالنسبة الى امور كثيرة من بينها انجاز الترسيم البحري مع اسرائيل. وبحسب مصادر ديبلوماسية فان لا احد ينكر ان للحزب قدرة التعطيل او تسيير الامور ، ولكن الدول المؤثرة في وارد اعطاء صدقية للبنان الرسمي وليس للحزب وتهديداته وتدفع بقوة في هذا الاتجاه لكي تكون الدولة اللبنانية والجيش اللبناني المسؤولين عن كل الاراضي اللبنانية . كما لا تقبل هذه الدول بتحويل قوة اليونيفيل رهائن لدى الحزب في تهديده بمحاصرتها بالاهالي في الجنوب فيما تقول مصادر ديبلوماسية ان الاشارة الى ذلك انما يشير بوضوح الى هوية الاهالي وينفي عنهم مسبقا صفة التحرك العفوي لمصلحة التحرك المقصود والمتعمد .
"النهار"- روزانا بومنصف
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|