"عودة السوريين"... رئيس بلدية يتحدث عن "نوايا خبيثة" ويدعو للحذر!
تفكيك الأزمات بين السعودية وإيران
رنولد توينبي، فيلسوف التاريخ البريطاني، قال "اذا كنت تعلم ـ ولن تعلم أبداً ـ لماذا بعث الله بكل أولئك الأنبياء الى الشرق الأدنى، تستطيع أن تفك الألغاز، والألغام، اللاهوتية، والتاريخية في هذه المنطقة...".
السعوديون والايرانيون الذين يعدّون للقاء تاريخي (وحتماً استراتيجي) بين قيادتي البلدين، لن يدخلوا في تلك المتاهة. مهمتهم تفكيك الأزمات، بتداعياتها الكارثية في أرجاء الشرق الأوسط.
هذا ما يؤكده زملاء سعوديون. يضحكون حين نسألهم "هل طلب حسين أمير عبد اللهيان انضمام بلاده الى مجلس التعاون الخليجي ؟"، ولكن ليشيروا الى أن الوزير الايراني تحدث بلغة مختلفة، وطرح مفهوماً عملانياً لتطوير العلاقات بين ضفتي الخليج، كيلا تبقى المنطقة رهينة لعبة الأمم في الصراع حول ادارة القرن.
لاحظوا أيضاً تضاؤل التأثير الايديولوجي في الأداء الديبلوماسي الايراني. ولكن دون أن يستسيغ عبد اللهيان كلمة "براغماتية"، كونها مصطلحاً غربياً (الأميركي تشارلز ساندرس بيرس استنبطه عام 1870، واستعمله للمرة الأولى، كمصطلح فلسفي، لا سياسي، في مقالة علمية له عام 1878.
المهم أن البراغماتية التي يظهرها الايرانيون في صناعة مواقفهم مع الخارج (علاقتهم مع تركياً مثالاً)، لا تطبق في الداخل. أركان السلطة يعتبرون أن الايديولوجيا هي من تعطي النظام المشروعية، وتؤمن له البقاء.
الغريب هنا أن الأميركيين، وبالفانتازيا الفلسفية اياها، يقولون ان الأمبراطورية السوفياتية، بالايديولوجيا الشيوعية، لم تسقط بالصواريخ العابرة للقارات، وانما بشفتي مارلين مونرو، أي لا مكان للايديولوجيا في زمننا، ولا بد أن تكون، يوماً ما وراء تقويض النظام الثيوقراطي في ايران.
كلنا نعلم مدى الضغط الاسرائيلي (اليهودي) على ادارة جو بايدن للحيلولة دون تنفيذ اتفاق بكين بين الرياض وطهران. ولكن هناك بين المعلقين الأميركيين البارزين (ديفيد اغناثيوس) من يرى أن الولايات المتحدة التي تخوض الصراع مع روسيا في الشرق الأوروبي، ومع الصين في الشرق الآسيوي، تريد ضبط الأوضاع، ولو بصورة آنية، في الشرق الأوسط، ومع اعتبار أن الصراعات قد تمتد لسنوات، دون أن تخلو من المفاجآت التي قد تضرب هذا الطرف أو ذاك.
الايرانيون الذين تنفسوا الصعداء لموقف الأمير محمد بن سلمان حيال التطبيع مع "اسرائيل"، أبدوا الاستعداد للذهاب بعيداً في التعاون مع المملكة. الأميركيون الذين يتحدثون عن "حقول الألغام"، بالترسبات التاريخية والايديولوجية، بين ضفتي الخليج، يستعيدون وصف هيرودوت، متساؤل أميركي ما اذا كان اللقاء الوشيك بين القيادتين السعودية وايران سيحد من اندفاع هذه الأخيرة باتجاه روسيا والصين. ولكن ألا ينتهج ولي العهد السعودي سياسة التوازن في العلاقات مع القوى العظمى، مدركاً حساسية، وأهمية، العلاقات مع واشنطن ؟ المملكة حالياً في طور اعادة هيكلة اقتصادها (البريسترويكا السعودية)، كذلك اعادة بلورة الخطط الخاصة بتحديث البنى السوسيولوجية، ما يستدعي اقامة علاقات متوازنة مع بلدان المحيط (لا سيما تركيا وايران).
هذا لا يعني الرهان على تسويات متلاحقة لدومينو الأزمات في المنطقة. هذه أزمات بالغة التعقيد، وتتحكم فيها، بالأضافة الى الحساسيات الجيوسياسية، عوامل قبلية، وطائفية، ليبقى التسونامي الديبلوماسي وراء الأسوار، تاركاً العنان للأسئلة حول ما اذا كانت نظرية الثنائي (ديك تشيني وبول وولفوويتز) لا تزال قائمة حول اعادة رسم الخرائط في المنطقة.
الى حد ما، ارتباك أميركي في التعامل مع المسار الجديد للعلاقات السعودية ـ الايرانية. "فوكس نيوز" تساءلت ما اذا كان ذلك سيؤثر في "الهيستيريا النووية لدى آيات الله" أكثر ما أثرت الضغوط الأميركية.
لمصلحة العرب والايرانيين ألاّ يبقى جبل النار بين الجانبين. في احدى قصائد حافظ اللشيرازي "أنظر كيف تبتسم شفاه الأرض هذا الصباح...".
آن الأوان لأرضنا أن تبتسم. لن تكون الأرض اليباب، كما توقع برنارد لويس، مستخدماً عنوان قصيدة ت. س. اليوت الشهيرة والتي عكست خيبة الأجيال عقب الحرب العالمية الأولى...
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|