دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
يقظة السويداء..وغفوة الاسد
إمتناع الرئيس بشار الاسد، حتى الآن، عن البطش بانتفاضة السويداء ليس دليلاً كافياً على تطور في وعيه وتبدل في سلوكه، لكنه يدعم الحجة القائلة بأنه لا يشعر بالخطر الذي يصعب إستثماره، او الذي يعطل فرص انفتاحه على محيطه العربي، وجواره الاسرائيلي، ويعرقل تفاوضه المعقد مع الاتراك، حول أمن الحدود الشمالية، ومع الايرانيين حول ديونهم عليه والبالغة 50 مليار دولار أميركي.
الانتفاضة حقيقية، لكنها، حتى الآن، ليست سياسية، ولا حتى أمنية، على الرغم من الهتافات والشعارات المطالبة باسقاط بشار، وعلى الرغم من توسع الادارة المدنية في السويداء وحلولها تدريجياً محل الادارات الحكومية المشلولة بفعل انقطاعها عن السلطة المركزية في دمشق، منذ سنوات، وصولا الى ما يمكن ان يسمى ب"حقبة الكبتاغون"، التي كان يفترض ان تشكل عامل ازدهار للجنوب السوري كله، لا عنصر انهيار للنظام، وعنصر تهديد لجميع انصاره ومريديه في مختلف انحاء سوريا.
الانتفاضة طبيعية، حتى ولو بلغت ذروتها ب2000 متظاهر فقط في ساحة الكرامة في السويداء يوم الجمعة الماضي. هذا العدد يعبر عن تجرؤ شريحة مهمة من طائفة حرجة في موقعها السياسي وفي علاقتها الملتبسة مع النظام، وفي مسافتها الشاسعة عن الثورة السورية منذ يومها الاول في ربيع العام 2011. لكنه ، ما زال من المبكر جدا، القول ان الدروز، باكثريتهم الشعبية والدينية، قطعوا هذه المسافة، وقرروا الالتحاق المتأخر بتلك الثورة (البائدة والمُبادة). لا أثر لمثل هذا القرار، لا في دمشق، (جرمانا وصحنايا)، ولا في مجدل شمس، الخاضعة للاحتلال الاسرائيلي التي قالت كلمتها الحاسمة في التمسك بالاسد ونظامه حتى الرمق الاخير، عملا بالوصية الاسرائيلية الاولى الصادرة قبل 12 عاماً.. والتي يقال ان النظام يختبر الان صلاحيتها مجدداً، ويقيس فرص تطويرها كجزء من موجة التطبيع العربي معه ومع العدو الاسرائيلي؟
المهم الان هو ان السويداء تقدم نموذجاً مختلفاً عن توجه الدروز التقليدي وعن سلوك النظام الدموي. وهذا انجاز بارز، مهما اختلفت التسميات والاستثمارات والخلفيات، وهو لا يستدعي الريبة في موقف الجانبين، بقدر ما يستدعي التشجيع، حتى ولو ظلت الانتفاضة محصورة في حيز صغير من البيئة الدرزية، من دون أي اتصال جدي، مع درعا الأبية التي لم تكن يوما بحاجة الى إثبات عصيانها على النظام طوال السنوات ال12 الماضية، مثلها مثل معظم مناطق الشمال السوري التي لا تزال عصية عليه.
وفي المسافة التي ترسمها السويداء مع النظام حالياً، ثمة معطى مهم لا يمكن تجاهله، وهو ان المنتفضين يرسمون لانفسهم المسافة نفسها مع دروز الجولان، ودروز اسرائيل عموما، ويقطعون ذلك الحبل السري الذي يربطهم مع الجار الجنوبي، وهم في الوقت نفسه يطرقون أبواب الاردن الذي لوّعته عمليات تهريب الكبتاغون من جانب النظام السوري عبر حدوده الشمالية، ويبحث ليل نهار عن حلفاء سوريين لمواجهة هذه العمليات، بدل ان يكتفي بالغارات الجوية على مواقع المهربين العاملين في خدمة النظام في الجنوب السوري.
ما زالت السويداء أشبه بجزيرة معزولة عن بقية انحاء سوريا، التي لا تعترف بتلك المسافة التي ترسمها شريحة متقدمة من الدروز، ولا تتلقى الاصداء عن ذلك الانقلاب في الوعي الدرزي، مع ان الحافز (الاقتصادي على الاقل) موجود لانتفاضات اجتماعية او معيشية في جميع المحافظات والمدن السورية، وهو ما لن يعيب أحداً من السوريين بغض النظر عن موقفه من النظام. فالازمة طاحنة لجميع المقيمين على الارض السورية. لكن يبدو ان هناك إحساساً عاماً بأن النظام سينجح في استثمار انتفاضة السويداء وأي انتفاضة سورية شبيهة بها ، أكثر من طرف سوري آخر، لا سيما المعارضة التي لم تتمكن حتى الآن من فتح قنوات التواصل مع المنتفضين الدروز.
لم تقرع يقظة السويداء أجراس الانذار، إلا في الطرف الجنوبي من سوريا، الذي لن يستعيد صلته بسهولة مع بقية الاطراف المرتبطة بحسابات شبيهة مع تركيا والعراق، لا تختلف كثيراً عن الروابط "الجغرافية" مع اسرائيل والاردن.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|