محليات

تشييع نصرالله... انهيار السردية المضللة وولادة لبنان الجديد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في 23 شباط، سيشهد لبنان لحظة فارقة في تاريخه المعاصر مع جنازة حسن نصر الله، الرجل الذي شكل محوراً أساسياً في السياسة اللبنانية لعقود.

نصر الله الذي سوق نفسه كبطل للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أصبح في الواقع وفي نظر غالبية اللبنانيين أحد المسؤولين الرئيسيين عن دمار لبنان.  وبينما نظر إليه البعض كقائد لا يتزعزع، رأى آخرون فيه شخصًا تسبب في انفجار الأزمات التي مزقت وطنهم.

فمن خلال انصياعه التام للأجندة الإيرانية، ساهم نصر الله في انهيار الدولة اللبنانية، وفقدان سيادتها وتدمير مؤسساتها. كما ان سياسته الخاصة، المنفصلة عن الدولة أو المستوحاة من ولاية الفقيه، أدخلت لبنان في أزمات متلاحقة، كان من نتائجها عزلة إقليمية ودولية وواقع اقتصادي مرير.

التشييع سيكون بمثابة لحظة حاسمة تكشف عمق التناقض في رؤية اللبنانيين لهذا الرجل.

اليوم، تواجه البيئة الشيعية الداعمة لحزب الله اسئلة جوهرية منها: هل ستظل عالقة في أيديولوجية بائدة جلبت لها الويلات والخيبات، أم انها ستختار الانضمام إلى بقية اللبنانيين والعالم لبناء مستقبل مشترك؟ هل ستتصالح مع هويتها اللبنانية وتختار الانتماء الكامل إلى وطنها، أم ستظل تعيش حالة انفصام مستمر بين وجودها الجغرافي في لبنان وبين ولائها العقائدي والعاطفي لإيران؟ وهل ستتمكن هذه البيئة من مواجهة الواقع والتخلي عن الولاءات التي تمزق وطنها لصالح بناء وحدة وطنية حقيقية؟

في هذا الوقت، يواصل حزب الله تقديم سردية مضللة لقاعدته الشعبية، لا سيما في البيئة الشيعية، من خلال المبالغة في انتصاراته الوهمية، كما يواصل ايهامهم بفائض قوة قد تم تقليصه نتيجة لخسارته امام اسرائيل اضافة الى سقوط نظام الأسد في سوريا. ويحاول حزب الله من خلال استمراره وتماديه في التضليل اخفاء الأثر الثقيل الذي تسببت فيه سياساته الانتحارية على جمهوره خصوصاً وعلى استقرار لبنان عموماً. من خلال تضخيم نجاحاته وتقليل أهمية سيادة القانون ودور الدولة، وايضا، يعزز حزب الله تصورات خاطئة بعيدة عن الحقيقة في عقول محازبيه في ما يخص موقعهم في المعادلة الداخلية اثر الانهيار الكبير الذي اصابهم على مختلف المستويات لاسيما العسكرية والمالية.

وبالتالي فان هذه الاستراتيجية في تغذية العزلة الداخلية للبيئة الشيعية في لبنان عن باقي مكونات المجتمع مستمرة الى جانب الترويج لسلوك مضر ومدمر ذاتياً، بدلاً من تمكين المواطنين اللبنانيين من العمل معا من أجل الإصلاح وإعادة بناء الوطن، فخطاب حزب الله يعمّق مشاعر الاستياء والغضب بين ناسه وهو ما يحتاجه الحزب لإدامة الصراع والتوتر الداخلي بهدف تأخير التحول الذي يحتاجه لبنان لاستعادة استقراره واعادة تكوين مؤسسات الدولة.

وعلى النقيض من نهج حزب الله، يحتاج لبنان اليوم أن تبادر قيادته الجديدة المتمثلة برئيس الجمهورية والحكومة الى تبني سياسة تواصل ترتكز على الوضوح والصدق والشفافية ومصارحة الشعب عبر تحديد الأهداف القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل لتقليل خطر الإحباط وبناء توقعات غير واقعية. فهذا النهج الاستباقي ضروري للحفاظ على ثقة الشعب اللبناني وأمله في المستقبل. كما على الحكومة أن تتبنى هذه الشفافية في تعاملها مع المجتمع الدولي، بهدف استعادة الثقة والاحترام.

في الموازاة يحتاج لبنان ايضا إلى إثبات قدرته على اتخاذ القرار وتقديم رؤية واضحة وموثوقة للإصلاحات، لا سيما في مجالات الاقتصاد وإعادة الهيكلة المالية.

علما انه من الناحية الجيوسياسية، يمثل موت نصر الله نقطة تحول مهمة في المعادلة الاقليمية. في المقابل، السياسة الاميركية، خاصة في إطار رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، تتبنى نهجاً حاسماً، كونها لن تتسامح مع أي شكل من أشكال المقاومة التي تهدد استقرار المنطقة، وستدعم بقوة السياسات التي تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في لبنان.

وهنا يمكن القول ان موت نصر الله فتح الباب أمام الولايات المتحدة وحلفائها لتعزيز دورهم في لبنان، ودعم استقراره عبر تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية. لذلك يتمتع لبنان اليوم بفرصة لإعادة بناء علاقاته مع الغرب ودول الخليج، وهو ما قد يؤدي إلى دعم دولي لإعادة بناء مؤسسات الدولة اذا تمكنت القيادة اللبنانية الجديدة من تجاوز إرث الفساد والانقسامات التي زرعها حزب الله بقيادة نصرالله في مفاصل الدولة.

في المحصّلة، إن نجاح العهد يعتمد على قيادة مسؤولة وقادرة على اتخاذ قرارات تاريخية جريئة تغير المسار والوجهة وتقنع كل المكونات بأن الخيار الوحيد هو الدولة.

أليسا الهاشم-أخبار اليوم

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا