ملف شائك بين بيروت ودمشق.. مصادر تكشف دور حزب الله الخفي في أزمة "سجن رومية"
ياسر عباس “يبلف” الدولة… خذوا الخردة بدل الأسلحة

ليبانون ديبايت"_عبدالله قمح
إذا كان هذا هو “السلاح النوعي والثقيل” الذي وُعدت الدولة اللبنانية باستلامه من المخيمات، فنحن فعلاً أمام فولكلور يرتقي إلى مرتبة المسرحية سيئة الإخراج.
لماذا؟ ببساطة، لأن نجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ياسر، الذي يمكث منذ أيام في أحد فنادق بيروت، وعد المسؤولين والشخصيات السياسية والأمنية الذين التقاهم بتسليم سلاح ثقيل حقيقي، لا مجرد خردة. وقال إنه أبرم اتفاقاً مع فصائل فلسطينية (لم يحدد هويتها)، أفضى إلى موافقة هذه الأخيرة على تسليم السلاح النوعي والثقيل الذي تمتلكه إلى الدولة اللبنانية على مراحل. وبناءً عليه، جرى تحديد مواعيد وإعداد جدول يقسّم العملية إلى ثلاث مراحل ويشمل سبعة مخيمات، على أن يبدأ التنفيذ من مخيم برج البراجنة في بيروت ومخيم البص في صور.
لكن ما جرى في “البرج” لم يكن سوى استخفاف بالدولة والجيش وعقول اللبنانيين. إذ استلم الجيش “بيك آب” واحداً وُضعت على متنه أسلحة داخل أكياس خيش. مصدر أمني قال لـ”ليبانون ديبايت” إن ما جرى تسلّمه (يوم أمس) من نحو عشرة فصائل فلسطينية على الأقل، تنضوي تحت راية “منظمة التحرير”، كما سبق ووعد ياسر عباس، لم يتجاوز 20 صاروخاً ودوشكا عدد 2 (مفككة)، إلى جانب بعض العتاد الحربي القديم مثل قذائف “آر بي جي” ومقذوفات “هاون” مع حواشيها، إضافة إلى دخائر مختلفة. في المحصلة، لم تتعدَّ الحمولة ثلاثة أرباع “بيك آب” صغير يعود تاريخ صنعه إلى ثمانينات القرن الماضي. فهل هذا هو السلاح الذي تدّعي الفصائل الفلسطينية امتلاكه للدفاع عن نفسها وتحرير فلسطين؟
ثمة شكوك حقيقية ولّدها هذا المشهد، الذي جرت تفاصيله أمام عدسات وسائل الإعلام وفي حضور شخصيات أمنية ومدنيين. وأظهر أن ما حصل لم يكن اتفاقاً حقيقياً على تسليم السلاح الثقيل بقدر ما كان أقرب إلى تقديم أوراق إعتماد إلى الخارج، وأشبه بـ"تخريجة” تحفظ ماء وجه جميع الأطراف: سلطة رام الله وسمسارها ياسر عباس من جهة، والدولة اللبنانية من جهة أخرى.
عملياً، لم يمر يوم التسليم كما كان مقرراً، والذي كان “ليبانون ديبايت” أول من كشف عنه. فمنذ ساعات الصباح الأولى، فوجئت القوى الفلسطينية بما نُشر عن وجود اتفاق مسبق حول بدء تسليم السلاح الثقيل، ضمن جدول أعمال أُبلغ رسمياً إلى ممثلين عن الحكومة اللبنانية. الجميع انتظر حضور ياسر عباس اجتماعاً تنسيقياً متفقاً عليه مسبقاً، ليرموا في وجهه ما سُرّب، باعتبار أنه “اخترع الاتفاق” من دون تنسيق كامل معهم. عندها تفجّرت الخلافات بين ممثلي فصائل منظمة التحرير، وانقسموا بين رافض لتسليم السلاح وموافق شكلياً.
النقاش الحاد داخل الغرف تسرب إلى خارجها وسط تبادل للإتهامات بالإستفراد، وحصول محاولات جدّية لإحتواء ما قد يترتب عن تسليم السلاح. وما زاد الأمور تعقيداً خروج “تهديدات” من داخل “البرج”، أوحى بإمكانية انزلاق الأمور إلى مواجهة فلسطينية – فلسطينية داخلية. ما أدى إلى تأخير عملية التسليم التي كان يفترض أن تبدأ ظهراً، لتتم بعد الظهر إثر تدخلات مباشرة من رام الله.
في النهاية، وبضغط من رام الله، جرى إقناع “الرافضين” بأن يفرجوا عن مجموعة أسلحة قديمة وتافهة، تجنباً لإحراج الرئاسة الفلسطينية أمام الدولة اللبنانية. وترك للمنزعجين حرية تفسير المشهد وفقاً لما يرونه مناسباً، وهو ما حصل عبر إصدار بيان نفت فيه الفصائل “تسليم السلاح” واصفة ما جرى بأنه “مسألة تخص حركة فتح وحدها”. ولمزيد من التشويق، زعم القائد المقال لقوات الأمن الفلسطينية في لبنان، صبحي أبو عرب، أن الأسلحة “المصادرة” سبق أن دخلت المخيم حديثاً وتعود لشخص، فُهم أنه يلمّح إلى المسؤول السابق في جهاز “أمن السفارة” الفلسطينية، شادي الفار، الذي سبق أن فُصل من الحركة ولاحقاً أوقف في أحد فنادق العاصمة من قبل الجيش.
في المقابل، وقفت فصائل “تحالف القوى الوطنية الفلسطينية”، التي تضم حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية – القيادة العامة، وفتح – الانتفاضة… إلخ، وكأنها غير معنية بالمسرحية. وتؤكد معلومات “ليبانون ديبايت” أن أياً من المسؤولين الفلسطينيين، سواء ياسر عباس أو غيره، لم ينسّق معها بخصوص تسليم السلاح، علماً أنها تُعد قوى أساسية في برج البراجنة. ولوحظ أن عناصرها التزموا مواقعهم داخل المخيم من دون تدخل، فيما اندفع عدد من المتأثرين بالفكر الإسلامي إلى شارع المحامص عند مدخل المخيم من جهة طريق المطار، معلنين رفضهم لعمليات التسليم.
ورغم المشهدية التي أرادتها رام الله على شكل “انتصار” يمكن توظيفه في بريد السعودية والولايات المتحدة الساعيتين إلى خلق مقدمات تمهّد لنزع سلاح حزب الله، بدا الموقف ضعيفاً. إذ لم تتمكن رام الله حتى من ربط مخيم “البص” في صور بالمسار نفسه (يسود حديث حول مشاورات جارية لتسليم أعتدة من المخيم اليوم)، فيما أظهرت الاجتماعات عجز “فتح” عن فرض خياراتها على الآخرين. وعُلم أن أي اتفاق لم يُنجز في مخيم البص بسبب رفض الفصائل هناك تسليم أي قطعة سلاح، وسط مخاوف من انفجار أمني إذا ما حاولت “فتح” الذهاب إلى خيارات بالقوة.
هكذا، تكون الدولة قد “زمطت” من برج البراجنة، من دون معرفة وجهة “الفخ” الثانية، بانتظار الحلقة الجديدة من المسلسل
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|