المسيحيون يدفعون الثمن في الحرب والسلم...و الجميع قال للراعي: "إضرب رجلك بالأرض ونحن معك"
"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
خرق رئيس " التيار الوطني الحر" جبران باسيل، المشهد السياسي من بوابة المجلس النيابي، ولكن ليس من باب الإستحقاق الرئاسي وخلافة "عمّه"، كما يطمح إليه، بل من بوابة جلسة "تشريع الضرورة"، والتي، وبحسب أحد خصومه السياسيين، جعلته هدفاً لاتهاماتٍ بالجملة، وذلك ليس لأنه تخلّى مرحلياً عن "هَوَس" كرسي الرئاسة، و"معزوفة" صلاحيات الرئيس الماروني، بل لأنه تنكّر للحقوق المسيحية والميثاقية والشغور الرئاسي، مرةً واحدة قبل نضوج دعوة بكركي النواب المسيحيين للقاء في الصرح البطريركي، والتي كان باسيل أول المهلّلين لها، علّها تسمح له ببعض المكاسب في هذا الوقت الضائع.
الإستراحة التي أخذها رئيس "التيار الوطني الحر" من الإستحقاق الرئاسي، هي بمثابة "استراحة المحارب" في الوقت المستقطع، كما يصفها أحد خصومه، الذين يعتبرون أن خلافه الشكلي مع حليفه في "تفاهم مار مخايل"، لم يكن إلاّ واجهةً للصفقة التي ظهرت تباشيرها مع تأمين نواب تكتل "لبنان القوي"، الغطاء لجلسة "تشريع الضرورة"، كما سبق وغطى "حزب الله" جلسات حكومة تصريف الأعمال "الضرورية"، والتي كان باسيل أول المستفيد منها.
وبنظر خصوم باسيل السياسيين أيضاً، وهم ليسوا قلّةً، أكثر من حساب لخطّته المستقبلية، والتي تركّز على البقاء في "جنّة السلطة"، طالما أن وصوله إلى قصر بعبدا غير ممكن في المرحلة الحالية، وذلك، مع السعي إلى إطالة أمد الشغور الرئاسي قدر الإمكان، بهدف قطع الطريق على منافسيه، وفي مقدمهم رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية.
كرسي بعبدا يلعب الدور الأكبر في تباعد الأفرقاء السياسيين عن باسيل، ولذلك، فإن خصومه يرون أنه يعمل على إبعاد المرشحين المحتملين، حتى ولو كانوا من داخل تياره، ويحاول إلغاء الخصوم، وإن كانوا من المحور نفسه الذي ينتمي إليه. وعليه، فإن صراع الأقطاب الموارنة لا نهاية له، وكل الأسلحة مُتاحة، بدءاً من الشعارات إلى الوعود وصولاً إلى التسويات، بمعزلٍ عن الأثمان الباهظة التي يتكبّدها في غالب الأحيان المسيحيون وحدهم دون غيرهم، والذين دفعوا الثمن من خلال "نفي" و"سجن" زعمائهم في التسعينات، وهناك من يسعى اليوم إلى تقديمهم "قرباناً" على مذبح السلطة.
"ليبانون ديبايت"
لن يوجّه البطريرك بشارة الراعي، أية دعوة إلى النواب المسيحيين في بكركي، على الأقلّ في الوقت الراهن، وذلك بانتظار استكمال اتصالاته مع كل الأطراف المعنية بالإستحقاق الرئاسي، وبالتالي، التأكد مسبقاً من فاعلية وإيجابية اللقاء النيابي المسيحي الموسع.
ومن هنا، فإن التصويب على هذا اللقاء من قبل "حزب الله"، قد لاقى أصداءً سلبية في الصرح البطريركي، إذ استغربت أوساط كنسية رفيعة، الموقف الصادر عن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، بأن "الحزب يتحرّك لانتخاب الرئيس وفق دستور الطائف"، مؤكدةً أنه يصوِّر بكركي "وكأنها تعمل لانتخاب رئيس الجمهورية في الصرح البطريركي، وليس في المجلس النيابي من قبل النواب"، معتبرةً بأن "لا لزوم" لهذا الموقف الذي يتناقض مع الدعوة الموجّهة من الرئيس نبيه بري، لرؤساء الكتل النيابية إلى الحوار في ساحة النجمة، للإتفاق على مرشح توافقي، ثم انتخابه في المجلس النيابي.
وكشفت الأوساط الكنسية ل"ليبانون ديبايت"، بأن البطريرك الراعي، يهدف من وراء توجيه الدعوة إلى النواب المسيحيين، إلى جمعهم والتشاور معهم في الملف الرئاسي، والخروج بنتائج تؤدي إلى تحريك الإستحقاق، وعدم حصر الشغور الرئاسي بالخلافات المسيحية – المسيحية. وبالتالي، أوضحت هذه الأوساط، أن هدف اللقاء في بكركي، هو أن تكون هناك نتيجة لهذا التشاور، وليس للتشاور فقط، لأنه إن لم تكن هناك نتائج منتظرة، فلن يكون هناك لقاء، مشيرةً إلى أن بكركي ما زالت في طور العمل للإعداد لهذا اللقاء، ولكن إذا تبيّن للبطريرك أن النواب المسيحيين يريدون التشاور فقط، والذهاب إلى بكركي لشرب القهوة، فهو سيصرف النظر عن الدعوة.
ووفق الأوساط الكنسية الرفيعة، فإن التناقض واضح في موقف "الثنائي الشيعي" الذي يدعو إلى الحوار والتوافق، معتبرةً أن البطريرك الراعي، رفض في المبدأ أن يتفق النواب المسيحيون على مرشّح رئاسي في بكركي، ثم يتّجهون إلى المجلس النيابي لانتخابه، وبالتالي، فالبطريرك عارض بالمطلق أي بحث بأسماء المرشّحين في بكركي، أو جمع النواب على مرشّح رئاسي واحد.
وعن انعكاس هذا الموقف على تحرّك بكركي، أكدت الأوساط الكنسية الرفيعة، أن البطريرك الراعي قد أعلن أن بكركي تعمل على إقامة حوار في الصرح، وليس انتخابات رئاسية، فالهدف هو جمع وجهات النظر بين النواب المسيحيين، ولا يجب تحميل بكركي أكثر مما يحمله هذا اللقاء الذي تعمل لعقده.
وأضافت الأوساط أن "الحديث عن أن بكركي ترشِّح رئيساً، أو تعمل على تزكية مرشّح معين، فهذا غير واقعي وغير صحيح، لأن دور بكركي هو تقليص المسافات بين الفرقاء المسيحيين، لتأمين، ولو نوعاً ما، غطاءً جزئياً مسيحياً للرئيس المنتخب." وكشفت عن "مراسيل وصلت إلى آذان البطريرك الراعي من كل الأطراف السياسية ومن دون استثناء، وخلاصتها وبالحرف: "أضرب رجلك بالأرض وادعم المرشح الذي ترتأيه، ونحن نمشي به، أو سمّي المرشح ونسير به". والراعي ردّ على هذه المراسيل بالرفض، لأنه لا يوافق على مثل هكذا طرح، كما إنه لا يقبل أن يتمّ انتخاب المرشّح في بكركي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|