لودريان يذهب ويعود والقطري يأتي والسعودي ينخرط
ليست صحيحة أو ربما دقيقة الخلاصات التي سُوّق لها في الأوساط السياسية لزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان ولقاءاته التشاورية مع القوى السياسية، في ما يتصل بالدور الفرنسي المحتمل لإرساء حوار يعقبه انتخابُ رئيس للجمهورية. وقد ركزت هذه الخلاصات على فشل المسعى الفرنسي وذهاب لودريان خالي الوفاض من بيروت. ذلك ان نتائج الزيارة لم تكن مفاجئة لأي فريق، لإدراكٍ مسبق بعجز الديبلوماسي الفرنسي عن إحداث الخرق المطلوب بجهود فردية لبلاده، من دون ان تكون منسجمة ومنسقة مع الدول المعنية بالقرار ال#لبناني. لكن الزيارة في توقيتها ساهمت على نحو كبير في الدفع نحو البلورة العلنية لمواقف الدول المعنية والمندمجة ضمن ما بات يُعرف باللجنة الخماسية، ولا سيما المملكة العربية السعودية، فضلاً عن حصول تطور بالدخول العلني للدوحة على خط ملف الاستحقاق الرئاسي، من دون ان يعني ذلك اسقاطاً تاماً للدور الفرنسي، وانما تظهير اكثر وضوحاً للانخراط الأميركي - السعودي فيه.
جاءت الزيارة الثالثة وليست الاخيرة للودريان لتطوي صفحة 11 شهراً من التمترس وراء ترشيحات يدرك أصحابها في فريقي المعارضة والممانعة عجز أيّ منهما، وحده، ومن دون غطاء خارجي وتحالفات وثيقة داخلية، عن إيصالها.
تُفتح الصفحة اليوم على المرشح الثالث، والاسم الأبرز وانما ليس الأوحد، كما بات معروفاً هو اسم قائد الجيش العماد #جوزف عون، المدعوم في شكل أساسي من الدوحة، لكن من دون ان يعني ذلك ان حظوظه متقدمة على غيره من المرشحين المحتملين، وذلك بعد المعلومات المتداولة في الاروقة السياسية الضيقة عن المساعي الجارية للتمديد له على رأس المؤسسة العسكرية، ما يقلص في حال نجاحه، حظوظ توليه الرئاسة، علماً ان من يدفع في اتجاه التمديد له تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار وعلى المؤسسة العسكرية يسعى الى ضرب عصفورين بحجر واحد عبر استبعاده عن بعبدا.
لا يعني ذلك ايضاً ان "حزب الله" تخلى عن مرشحه النائب السابق سليمان فرنجية، ولكنه بات على دراية بان ايصاله الى بعبدا يتحول اكثر صعوبة، حتى لو ضمن أصوات "التيار الوطني الحر". ذلك ان من ابرز ما خلصت اليه مهمة لودريان، بعودتها الى المربع الأول للازمة، الاسقاط النهائي لمعادلة فرنجية - سلام، وادراك باريس عجزها عن تأمين مصالحها بمعادلة كهذه من دون مصالح الدول المعنية الأخرى.
بهذا المعنى، دخلت المملكة العربية السعودية على خط العودة الى لبنان وانما بشروط وآليات مختلفة تماماً عن تلك التي حكمت وجودها الدائم السابق فيه. كان ذلك واضحاً من خلال محطتين أساسيتين رسمت من خلالهما بوصلة دورها في لبنان. فالمملكة حرصت على اظهار انخراطها عبر التمديد لمفتي الجمهورية لضمان وجود مرجعية سنية، وإنْ روحية، كما حرصت على استضافة اجتماع لودريان بـ 21 نائباً سنياً في دارة السفير السعودي، على نحو يؤكد الانخراط السعودي لـ"صقل" الموقف تحت عباءة المملكة.
انهى المبعوث الفرنسي زيارته للبنان من حيث بدأها، من عين التينة، مؤكداً بذلك على مرجعية رئيس المجلس ودوره في الاستحقاق الرئاسي. في غياب رئيس الجمهورية، يصبح بري الرجل الرقم 1 في البلاد. يطلق مبادرته الحوارية التي تبناها لودريان ليفتح بها، وخلافاً لما يعتقده المعارضون له، كوة في جدار الازمة. أوساط بري تؤكد ان الحوار الذي يدعو اليه ليس للتفاوض على فرنجية، بعدما تأكد باليقين في جلسة الرابع عشر من حزيران ان أي فريق غير قادر على انتخاب الرئيس، بل للبحث في الخيارات الأخرى المطروحة. يبدو هذا الموقف متمايزاً عن موقف "حزب الله" المتمسك حتى الساعة بفرنجية، ولكنه الأكثر تعبيراًعن الواقع الذي يفهمه بري جيدا.
من هنا، تبدو خلاصات الجولة الثالثة للودريان قبل عودته القريبة الى بيروت كالآتي:
- لم تخرج باريس نهائياً من لبنان، ولودريان في صدد إعداد تقريره لرفعه الى اللجنة الخماسية التي ستنعقد مطلع الأسبوع المقبل في نيويورك على هامش الاجتماعات الأممية.
- ان مبادرة بري الحوارية لا تزال قائمة ومستمرة، وتحصد المزيد من الترحيب في ظل تجاوب النواب السنّة معها اخيراً، فيما يبقى خارج الدعوة كل من الحزبين المسيحيين، الكتائب و"القوات اللبنانية".
- ان النواب السنّة، باستثناء الذين يدورون في فلك "الحزب"، توحدوا في البيت السعودي، ولم تعد مهمة تشتيتهم سهلة كما كانت في المرحلة السابقة.
- ان الدور ال#قطري لن يضرب الدور الفرنسي وإنْ كان في مكان ما سحب البساط ذهاباً نحو محاولة او الاصح مقاربة مختلفة، قد لا تكون بعيدة عن تلك التي أدت الى اتفاق الدوحة الذي أتى بالعماد ميشال سليمان رئيساً، بعدما سقطت الحجج والذرائع امام اغراءات من نوع آخر.
- اخيراً، وربما الأهم، ان ملف الرئاسة خرج من يد اللبنانيين، ليصبح في يد التفاهمات الإقليمية والدولية.
"النهار"- سابين عويس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|