"عودة السوريين"... رئيس بلدية يتحدث عن "نوايا خبيثة" ويدعو للحذر!
هل تنجح الدوحة مدعومة من الخماسية حيث فشلت باريس؟
لم يكد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يغادر لبنان، لرفع تقريره الى مجموعة الدول الخمس، بنتيجة مشاوراته مع القوى اللبنانية حول ملف الاستحقاق الرئاسي، حتى حط المبعوث القطري جاسم بن فهد آل ثاني في بيروت تحضيراً لزيارة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي، حيث ستكون له جولة على عدد من المسؤولين يتناول فيها الوضع اللبناني من باب تذليل العقبات من أمام إنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
لن تختلف مهمة الموفد القطري، ومن بعده وزير الشؤون الخارجية عن مهمة الموفد الفرنسي، إذ هي تصب في السياق عينه وترمي الى تحقيق الهدف نفسه الرامي الى ملء الشغور في موقع الرئاسة الأولى. لكن ما يختلف في المهمة يتمثل في الأدوات والمقاربات التي تملكها الدوحة ولا تملكها باريس، إذ بات واضحاً أن الدوحة لا تنطلق من مبدأ مقايضة الرئاسة برئاسة الحكومة كما فعلت باريس ووقعت مبادرتها ضحيتها، خصوصاً بعدما تكشف وقوف فرنسا طرفاً في المبادرة لا وسيطاً محايداً. وقد كان هذا الأمر هو السبب الرئيسي وراء فشل المبادرة، رغم كل محاولات تغيير هذا الانطباع ولجوء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى تكليف ممثل شخصي له، ذي باع طويل في السياسة والديبلوماسية في لبنان والمنطقة، هو وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان.
يفتح الموفد القطري صفحة جديدة بمعطيات جديدة ستعمل عليها الدوحة، منطلقة من مجموعة من المعطيات والمؤشرات التي تدل على أن الحراك القطري، وإن لم يرق بعد الى مستوى المبادرة، في انتظار ما سيحمله وزير الخارجية، فإنه يكتسب دلالة وأهمية لا بد من أخذهما في الاعتبار بالنسبة الى بلد مثل لبنان بات شعبه معلقاً بأي خيط خلاص يمتد له من الخارج بعدما بلغ به اليأس والخيبة من قواه السياسية الداخلية حداً لا يمكن أن يفتح بارقة أمل لإنقاذ من الداخل.
أول هذه المعطيات تمثل بالتكليف الواضح لدول الخماسية لقطر بالانخراط بدور توفيقي، لا يلغي المبادرة الفرنسية ولكنه قد يتجاوزها، خصوصاً إذا ما أُخذ في الاعتبار الدور القطري في إنجاز تسوية عام ٢٠٠٨. ويعزز هذا الاعتقاد ما رشح عن التباين الحاد بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا التي تولت على مدى أشهر مهمة إنجاز الاتفاق على الرئاسة ولم تبلغ النتيجة المرجوّة، فضلاً عن أن تكليف الخماسية لقطر يعكس انسجاماً وتناغماً بين دول المحور العربي في اللجنة، المتمثلة بالمملكة العربية السعودية وقطر ومصر.
ويتمثل المعطى الثاني بالتزام قطري واضح عبّر عنه رئيس الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته على منبر الأمم المتحدة، وهو كشف فيها عن ضرورة حل مشكلة الشغور الرئاسي، وإيجاد الآليات لعدم تكراره.
في المؤشرات، لا يمكن إغفال الدور والمواكبة القطرية للملف اللبناني. فالدوحة كان لها حضور دائم في الملف اللبناني لكنه لم يرق أبداً الى حدّ منافسة المملكة أو ملء فراغها، ما يؤكد أن الدور القطري ليس في وارد أن يخرج عن السقف السعودي.
كان لافتاً أن الزيارة المرتقبة للديبلوماسي السعودي تأتي في أعقاب زيارة سابقة له في نيسان الماضي جال فيها على القيادات اللبنانية وتناولت لقاءاته ومشاوراته ملف الرئاسة. لكن لم تحصل متابعة لتلك الجولة بعدما دخلت باريس بمبادرتها على خط الوساطة. ولعل هذا ما يفسّر تريّث الدوحة في الانتقال الى الخطوة الثانية، وذلك الى حين تبيّن مصير المبادرة الفرنسية وربما إعلان موتها.
سبق زيارة لودريان الأخيرة، لقاء جمع السفير السعودي وليد بخاري بالسفير القطري الجديد سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، كان لافتاً بتوقيته ومضمونه، إذ صدر بيان عن السفارة السعودية تناول مضمون اللقاء، مؤكداً ضرورة إنجاز الملف الرئاسي اللبناني "ليعود لبنان بلداً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي".
إذن، ينطلق الملف اللبناني الى مقاربة جديدة عربية في شكلها ومختلفة في جوهرها إذ تقوم على التسويق للخيار الثالث للرئاسة من خارج الاصطفافات السياسية المتمرسة وراء مرشحين محددين.
صحيح أن الدوحة لا تخفي رعايتها لخيار قائد الجيش العماد جوزف عون، إلا أن حراكها الداخلي لن يلامس كما أفادت المعلومات، التسمية في انتظار إنجاز التفاهمات على مواصفات رئيس لا يشكل تحدّياً وقادر على الإمساك بالأولويات والتزام تنفيذ الإصلاحات وقادر على إعطاء الثقة للشركاء العرب.
سابين عويس- "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|