الصحافة

واشنطن لسحب التكليف من باريس وإنذار مبكر بإنهاء المساعدات للجيش

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اجتماع نصف الساعة للجنة الخماسية في مقرّ البعثة الفرنسية في نيويورك كان وقعه أقوى من أي اجتماع عُقد في قاعات وأروقة الأمم المتحدة خلال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. صحيح أن ممثلي الدول الخمس فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر لم يتوصّلوا الى اتفاق ولا حتى الى بيان مختصر بشأن لبنان، إلا أن اجتماعهم وضع حداً للمبادرة الفرنسية بعدما استنفدت مدة صلاحيتها دون التوصّل الى حل للشغور الرئاسي وما ينتج عنه من تداعيات على مؤسسات الدولة كافة. كما دفع هذا الاجتماع الى الواجهة طرحاً أميركياً – قطرياً يستعجل الحلّ الشامل ويضع له مهلاً زمنية ينتظر أن تتظهّر مع انتهاء زيارة موفد الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان المنتظر أن تكون وداعية في مطلع تشرين الأول المقبل.

وقائع الاجتماع كما روتها مصادر ديبلوماسية لـ"النهار"، تكشف مساراً جديداً رُسِم للحلّ النهائي للأزمة في لبنان، يبدأ من حيث فشلت المبادرة الفرنسية.

فمن أين بدأ الاجتماع وأين انتهى؟

بادر الجانب الفرنسي الى دعوة الدول الأربع الأخرى الشريكة في اللجنة الخماسية من أجل لبنان، الى اجتماع يُعقد على مستوى وزراء الخارجية في مقر البعثة الفرنسية في الأمم المتحدة، إلا أن تلبية الدعوة جاءت على مستوى السفراء أو ممثلين عن وزراء الخارجية. كان واضحاً أن هذه الدول أو بعضها غير راضٍ عن نتيجة المبادرة الفرنسية، ويريد وضع حدّ لتكليف استغرق وقتاً دون أي نتيجة، ففضّل وزراء خارجيتها الانصراف على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة الى اجتماعات أكثر فائدة من اجتماع متكرر لم يطرأ على ملفه أيّ تطوّر أو جديد.
حضرت عن الجانب الأميركي مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف وعن الجانب الفرنسي مديرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية آن غيغان، وحدها قطر تمثلت بوزير الدولة في الخارجية القطرية محمد الخليفي وعن كل من مصر والمملكة العربية السعودية حضر سفيرها المنتدب لدى الأمم المتحدة.

من بداية الاجتماع الخاطف، كان واضحاً أن الولايات المتحدة تريد إيصال رسالة الى فرنسا، بأن مبادرتها قد فشلت ولا بدّ من وضع حدّ لها والمهلة ليست مفتوحة ويجب ألا تكون أبعد من نهاية أيلول الجاري، وأن الشغور الرئاسي المفتوح في لبنان لا يمكن أن يستمر.

في هذا الاجتماع، عرضت ممثلة فرنسا لنتائج زيارات موفد الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان للبنان والعوائق التي اعترضت تقدّم المبادرة الفرنسية، مسمّية "حزب الله" بالاسم بأنه أحد هذه العوائق. وأشارت الى أن التقارير التي رفعها لودريان ركزت على "جوّ مسيحي عام عبّرت عنه المرجعيات المسيحية، ولا سيما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ويعتبر أن "حزب الله" يشكل خطراً على المسيحيين خصوصاً بعد الأحداث التي قام بها في المناطق المسيحية، وأن هذا الحزب الذي يشكّل هذا الخطر الوجودي على المسيحيين داخل مناطقهم لا يمكنه أن يفرض رئيساً للجمهورية". وتطرقت ممثلة فرنسا الى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي دعت الى سبعة أيام حوار تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية "والتي لم تتمّ". وقبل أن تكمل كلامها، قاطعتها بربارة ليف لتقول "إن الهدف ليس الحوار بل انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن المضيّ الى ما لا نهاية بحوار لا يفضي الى انتخاب رئيس".

هنا، بدا واضحاً أن الولايات المتحدة رفعت البطاقة الحمراء بوجه المبادرة الفرنسية وأي مبادرة تقوم على الحوار والتسويف وكسب الوقت، وأن في جعبتها بطاقة لمسار آخر نحو الحلّ.
قالت ممثلة فرنسا "إن لودريان سيزور لبنان مطلع تشرين الأول"، وقاطعتها مرة أخرى بربارة ليف لتقول: "إن هذه الزيارة في تشرين الأول يجب أن تكون الأخيرة"، بما معناه "نريد deadline للمبادرة الفرنسية كما للشغور الرئاسي في لبنان". وأكدت ليف أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكمل في مساعداتها للجيش اللبناني في غياب حل سياسي شامل ومتكامل.
السفير السعودي لم يمكث أكثر من ١٥ دقيقة في الاجتماع أكد خلالها أن المملكة العربية السعودية تحجب الآن المساعدات عن لبنان لأن الوضع السياسي المتعثّر على حاله، رابطاً هذه المساعدات بحلّ للأزمة.

أما ممثل قطر فعبّر بوضوح عن ضرورة وضع حد نهائي للشغور الرئاسي في أسرع وقت ممكن، دون أن يدعو الى وضع مهلة زمنية للمبادرة الفرنسية كما فعلت ممثلة الولايات المتحدة، بل سأل هل هناك أفق لمبادرة لودريان. وهذا السؤال لم يلق جواباً فرنسياً واضحاً بل مجرد إشارة الى أن لودريان سيزور لبنان مجدداً في تشرين الأول المقبل.

بحسب المصادر الديبلوماسية، لم يكن الجانب الفرنسي يتوقع أن يُطلب منه وضع حدّ زمني لمبادرته، ولا أن ينتهي الاجتماع الذي دعا إليه من دون بيان مشترك. فعندما طرحت ممثلة فرنسا هذا الموضوع، لم يرغب أحد من الشركاء الثلاثة الموجودين في ختام الاجتماع، لا الأميركي ولا القطري ولا المصري، في الخروج بأيّ بيان.

خلال الاجتماع الخاطف، استُعرضت أسماء المرشحين المطروحة لرئاسة الجمهورية، من بينها قائد الجيش العماد جوزف عون، لكن دون تسجيل أي مفاضلة من أي طرف لأي من الأسماء. وعند هذه النقطة تنتهي معطيات المصادر.

لكن ماذا بعد؟

الرسائل الأميركية أصبحت واضحة، وتكفي الإشارة الى أن المساعدات التي تقدّمها الولايات المتحدة لمؤسسة الجيش لا يمكن أن تستمر إن لم يكن هناك حل سياسي شامل. هذه الإشارة بحد ذاتها مهلة زمنية معطاة أميركياً لهذه المساعدات، فماذا لو كانت مرتبطة بالثقة التي توليها لشخص قائد الجيش الذي يخرج الى التقاعد مطلع العام المقبل؟

الأكيد أنها ليست مهلة حثّ بل إنذار مبكّر. ولا شك في أن الولايات المتحدة تستعجل التسوية الشاملة قبل نهاية العام الجاري وهي تندفع الى الواجهة بأجندة زمنية تبدأ من إنهاء المبادرة الفرنسية، وإعطاء التكليف لقطر بمبادرة تنهي الشغور الرئاسي قبل نهاية السنة، وتنتهي بالحل السياسي المتكامل.

"النهار"- هدى شديد

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا