الصحافة

حفيدة سلطان الأطرش تسأل اهل جبل العرب والسلطة: ما العمل؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في سعيها لسحب البساط من تحت أقدام المتربّصين ببلادها وبجبل العرب داخليًّا وخارجيًّا، طرحت الكاتب والباحثة د. ريم الأطرش، حفيدة الثائر العربي الكبير سلطان باشا الأطرش، مجموعة من الأسئلة الجوهرية والمفصليّة على أهلها في جبل العرب، وعلى السلطة التنفيذية، وهي لم تكتف بهذه الأسئلة، بل عرضت لمجموعة من الحلول العقلانية التي تُعيد بعض الأمل الاقتصادي لمن أفقرتهم الحرب وشرّدتهم، وبعضَ الأمل السياسي للراغبين فعلاً بطيّ صفحة الكارثة والشروع بحلٍ سياسيّ جامع. 

الرسالة الأولى الى اهل جبل العرب

رسالة مفتوحة إلى أهلي في جبل العرب،

تحية من القلب. وقفتكم الشجاعة التي تمثّل مطالب إنسانية لكل سوري وسوريّة، جميعنا يفخر ويعتزّ بها. وكذلك، فإنّ الحوار الوطني للوصول إلى حلّ سياسي، لا مفرّ منه لحماية سورية. مع ذلك، سوف أفكّر معكم بصوت عالٍ في كل المشهد، وليس فقط في ما يجري في جبل العرب. عملياً، سورية التي نعرفها لم تعدْ كما عرفناها على الخريطة وفي الواقع، فقد أضحت مقطّعة الأوصال: في شمالها الغربي وفي شمالها الشرقي وفي جزء منها في البادية (التنف)، إضافة إلى احتلال الصهاينة للجولان الحبيب. يبدو أنّ الصراع العالميّ، لإحلال نظام عالمي جديد يهتمّ بمصالحه، جارٍ على أرضنا. فموقع سورية الجيوسياسي فرض عليها، منذ ما قبل الميلاد وإلى يومنا هذا، وحتى آخر الحياة الدنيا، أن تكون مطمعاً للقاصي والداني. ونحن في جبل العرب، تاريخنا هو الوحدة التي نؤمن بها، والتي آمن بها سلطان الأطرش ورفاقه، فأصدر بيانه “إلى السلاح” في 23 آب 1925، ليقرّر فيه أنّ هدف الثورة السورية الكبرى الأول هو “وحدة البلاد الشامية”، وهدفها الثاني هو “الاستقلال”. وقد كان يوصي سياسيي هذا البلد ورؤساء جمهوريته، منذ العام 1946 وحتى رحيله في العام 1982، بأنْ “حافظوا على استقلال سورية ووحدتها”، لأنه كان يمتلك نظرة ثاقبة، يرى من خلالها الخطر الدائم المحدِق بسورية وببلاد الشام كلها. اليوم، لن ترتاح الصهيونية إلا بجعلنا شراذم في تلك البلاد الشامية. فها هو العراق قد افتتح ذلك تحت الاحتلال الأميركي، رغماً عن إرادة معظم شعبه. وها هي سورية تظهر كذلك فعلاً. وأمس، معظم كلمات رؤساء العالم، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت تتحدّث عن سورية وعن لاجئيها! نحن في جبل العرب نرفض التقسيم حتماً ولا نريده، بل إنّ تاريخنا يشهد بأننا المدافعون عن وحدة سورية وعن وحدة البلاد الشامية قاطبة، ونحن، كنا ولا نزال وسنبقى بعيدين تماماً عن هكذا مخططات شرّيرة. ثمة تساؤل أريد طرحه على أهلي في الجبل: ماذا سيكون موقف الحِراك فيما لو دفع الأمريكان بمسلّحين مدرّبين باتجاه الجبل، وفي الوقت نفسه، دَفَع الأردن بقوّات له مسلّحة، كما هدّد أحد الألوية المتقاعدين في الجيش الأردني، لتطبّق تلك القوّات، في الجنوب السوري، ما يشبه اتفاق أضنة في الشمال السوري؟! ماذا سيكون حينها موقف أهلنا الشجعان؟! هل حضّر الحِراك خطة للتصدّي لمثل هذا السيناريو التقسيمي؟ خلال ربع قرن من عملي على تحقيق أرشيف سلطان الأطرش، تبيّن لي أنه لم يكن يخطو خطوة واحدة إلا بدراسة الجغرافيا التي سيتحرّك ضمنها، وبمشورة رفاقه، إذ كان يحسب حساب أسوأ خطوة يمكن لخصمه اتّخاذها، كي يتصدّى لها، ضمن خطة عامة واضحة، هي “وحدة البلاد الشامية”. وهذا هو مبدأ الثائر، بالنسبة لسلطان الأطرش، فحِسّه سليم ونظرته ثاقبة ومستشرِفة للمستقبل! حمى الله جبل العرب وأهلي فيه. وحمى الله سورية وأهلها. وللجميع، محبتي الصادقة. د. ريم منصور سلطان الأطرش 20 أيلول 2023

الرسالة الثانية الى السلطة التنفيذية

رسالة مفتوحة إلى السلطة التنفيذية في الجمهورية العربية السورية   

تحيّة، وبعد، يقول الفيلسوف الفرنسي هنري بينا – رويث: ” حرية المعتقد والمساواة بين الجميع، حقوقاً وواجباتٍ، وتحقيق العدالة الاجتماعية بهدف تأمين العيش الكريم للشعب، والتطلّع للصالح العام، هو المبرِّر الوحيد لوجود الدولة”. لقد حمى الشعب السوري، منذ العام 2011، الدولة من السقوط، بمؤازرته للجيش، وهو من الشعب، وللقيادة، وذلك بالتصدّي للهجمة الاستعمارية التي كانت تهدف إلى تقويض الدولة السورية. إنّ وعي الشعب السوري وإيمانه بالدولة التي بناها بعَرَق جبينه وعمله، منذ الاستقلال إلى اليوم، هو ما دعاه للوقوف سدّاً منيعاً في وجه المؤامرة، غير المسبوقة، على دولته. ولقد صمد صموداً أسطورياً ودفع من دمه ثمناً باهظاً من دون طلب ولا تمنّن على أحد. صمود كهذا، اعترف القاصي والداني، بأسطوريته، لا يستحقّ التبديد، بل يستحقّ الاحترام والتعزيز وتأمين العيش الكريم للشعب، كي يستمرّ بالصمود. علماً أنه في المِحَن والأزمات، تقوم السلطة التنفيذية بتأمين دعم كبير كي يستمرّ الشعب بصموده لحماية الدولة. ونحن، للأسف، نرى عكس ذلك. فالدعم الذي كان يسري في أيام الرخاء، تمّ سحب معظمه في المحنة!! فوصل حال الناس إلى ما لا يستطيع بشرٌ احتماله! وهنا، علينا طرح السؤال التالي: “ما العمل؟” في ظلّ الحصار الذي تعيشه سورية، ثمة حلول ممكنة في الداخل، وقابلة للتنفيذ، فيما لو صحّ العزم وصدقت النوايا وتوفّرت الإرادة، وهي حلول ممكنة بصرف النظر عن الحصار الخارجي، سوف أقدّمها هنا، كحلول إسعافية، فلم يعدْ لدى أحد ترف الوقت، علّها تجد آذاناً صاغية:


• بيع وسائل النقل والسيارات المستخدَمة في نقل الموظفين والمدراء في المؤسسات الحكومية، في المزاد العلني، وتوظيف عائداتها لإصلاح قطاع النقل العام، الذي، بتوفّره، سيخفّف من معاناة الشعب اليومية في مشكلة التنقلات، للموظفين والعمّال والطلاب وغيرهم، على حدّ سواء: (تجربة سنغافورة مثالاً).

• ملاحقة المتهرّبين ضريبياً، كي يدفعوا ما عليهم من ضرائب متراكمة لخزينة الدولة.

• محاربة جدّية لرؤوس الفساد المستشري في مفاصل المؤسسات، وليس لصغار الفاسدين فقط، ووضع ضرائب كبيرة على ثرواتهم، تعود لصالح خزينة الدولة.

• توحيد سعر صرف العملات الصعبة، وجعل المصرف التجاري السوري هو الموكَل حصراً بصرفها.

• ضبط الأسعار في الأسواق بشكل صارم ومحاربة الاحتكار بجدّية.

• الكفّ عن تطبيق حلول مشابهة لما فرضه صندوق النقد الدولي على بلاد عربية أخرى، وهي سياسة اقتصادية أثبتت فشلها في تلك البلاد، فجعلت الأثرياء يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقراً، ومسحت تماماً الطبقة الوسطى المعوَّل عليها، عادةً، في النهضة بالمجتمعات فكرياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً. فتحويل المجتمع إلى فئتين فقط: أكثرية فقيرة وغير مستفيدة من حماية الدولة، وأقليّة جداً ثريّة ومستغِلّة، يجعل بناء وطن سليم ومعافى أمراً مستحيلاً.


كلّ ما سبق، سوف يوفّر لخزينة الدولة إمكانيات كبيرة، تجعل الحكومة قادرة على رفع رواتب الموظفين والعمّال بنسبة أكبر من 600%. أما الحلول على المدى المتوسط والطويل، فلن يستقيم لنا حال، بعد اثني عشر عاماً ويزيد على حرب طاحنة، إلا بوضع كافة الأمور الحيوية على بساط البحث، وذلك بتنظيم طاولة مستديرة لحوار وطني جدّي، نطرح فيه مشاكلنا كافةً، وهي كثيرة جداً، لكنْ، إن توفّرت الإرادة لدينا جميعاً، واستغنى المسؤولون عن “رفاهيتهم”، لينضمّوا إلى معاناة الناس، نستطيع جميعاً الخلاص من كثير مما تعاني منه البلد من صعوبات!

علينا طرح مشاكلنا على الحوار الوطني الجادّ، كي نقرّ معاً إصلاحاً سياسياً لا مفرّ منه: ومن شروط هذا الحوار، اعتراف جميع الأطراف المتحاوِرة بعضها ببعض، والالتزام بتنفيذ مخرجات هذا الحوار. مواضيع الحوار الوطني هي: تعديل الدستور لتصبح الدولة دولة مواطَنة؛ وتعديل قوانين عديدة، منها قانون الأحوال الشخصية المُجحِف بحقّ المرأة والطفل، رغم كل التعديلات الجيدة؛ ومنها أيضاً وأهمّها قانون الانتخابات الذي لم يوصِل، في الغالب، إلى البرلمان ممثّلين حقيقيين عن الناس؛ وإصلاح المناهج الدراسية كي تصبح مناهج تبني مواطناً حرّاً، فكره ناقد وبنّاء؛ ومحاربة الفساد والليبرالية الاقتصادية التي تلوي القوانين لمصالحها المتوحّشة؛ وتطوير القطاع العام لجعله ربحياً ونفعياً للعمّال، ولمحاربة الاحتكارات والخصخصة؛ وتطبيق العدالة الاجتماعية والعدالة في توزيع الثروة وتحقيق الحدّ الأدنى للأجور ووجوب تناسبها مع الغلاء، في سبيل العيش الكريم؛ والاهتمام بالتعبير الحرّ عن الرأي بأمان، وتالياً، تبييض السجون وتبيان مصير المفقودين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا