سقطت التسوية... بانتظار طاولة الرياض – طهران!
كان يؤمل أن تتكلل زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة، بنجاح ولو جزئياً. فيتحرك الاستحقاق الرئاسي من خلال إنهاء الترشيحات السابقة أي سليمان فرنجية وجهاد أزعور، ويتجه الجميع صوب تسوية تقوم على انتخاب قائد الجيش جوزف عون بمروحة تفاهمات واسعة من دون أن يسير التيار الوطني الحر بالضرورة فيها. فموافقة القوى المسيحية الأخرى ومعها شخصيات مستقلة على تأييد قائد الجيش كانت كفيلة بتأمين قاعدة تأييد مسيحية واسعة جداً. يضاف الى ذلك أن ثلث أعضاء كتلة "التيار الوطني الحر" يمكن أن تمنح أصواتها لجوزف عون لأسباب عديدة، أهمها علاقاتها المتوترة مع رئيس التيار جبران باسيل.
ما حصل أن مهمة لودريان فشلت. وتقديرنا أن الرئيس نبيه بري هو من أفشل الفصل الأخير من المهمة، لأن الموفد الفرنسي كان يتحدث عن حوار سيدعو إليه تحت راية فرنسا. وكان من الممكن أن تشارك معظم الكتل البرلمانية الرئيسية في حوارات ثنائية، أو ثلاثية أو رباعية في "قصر الصنوبر". لكن رئيس مجلس النواب سارع الى الدعوة الى حواره الخاص واعداً بفتح مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. وقد تكون دعوة بري التي اشترط فيها قبول دعوته الى الحوار كي يقبل أخيراً بإحترام الدستور ويفتح مجلس النواب ويفسح المجال لانتخاب رئيس من دون ممارسة التعطيل. لكن هذا السيناريو سقط، وسقط معه الحوار، وطارت التسوية، وعاد الفرغ ليكون سيد الموقف. ومن هنا يمكن القول إن حوار لودريان أسقطه حوار بري، وإن حوار بري أسقط أيضاً التسوية، وأطال أمد التعطيل الى ما لا نهاية. وفي النتيجة أحرج الموفد الفرنسي، وبدت باريس معزولة خلال اجتماع ممثلي اللجنة الخماسية في نيويورك يوم الثلثاء الماضي.
والآن لنعد الى الأساسيات، ونختصر الموقف ليكون واضحاً: "حزب الله" والرئيس بري متمسكان بفرنجية وبحوار لا لزوم له، ولا يرضيان بأي بدائل. السياديون متمسكون بأزعور ويرون أن الحوار منافٍ للدستور. لكنهم يرتضون تسوية متوازنة لعلمهم أن الحزب المشار إليه لا يعبأ بعواقب إطالة أمد الفرغ القاتل للبنان. أما جوزف عون فمرشح جدّي ينتظر تفاهمات حوله وحظوظه كبيرة. لكن إن طال أمد الانتظار فقد تذهب الفرصة الى غير رجعة إن تبدّلت الظروف المحلية والإقليمية.
إذا سقطت التسوية وعادت الأمور الى نقطة البداية، فكل طرف سيتصلب. كما أن حوارَي لودريان وبري طُويا، وبقيت أبواب مجلس النواب موصدة بوجه الاستحقاق الرئاسي. ومن هنا فإن الملف الرئاسي اللبناني صار بحاجة الى مقاربة جديدة، لأن المقاربة التي اعتُمدت، وخصوصاً من قبل الفرنسيين أدّت الى نتائج عكسية، وبالرغم من أن الموفد الفرنسي أسرّ الى عدد من القيادات اللبنانية بأن ترشيح فرنجية لن يمرّ، ولذلك لا بد من خيار ثالث، فقد ظل بقي المسار مغلقاً، ولا سيما أن حسابات "الثنائي الشيعي" قد تكون دفعته الى مزيد من التشدّد بانتظار أن يوضع ملف لبنان على طاولة الرياض – طهران حصراً!
علي حمادة- النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|