ميقاتي: تمركز الجيش في الخيام خطوة أساسية لتعزيز انتشاره جنوبا
هل يكون جوزف عون ا"لأميركيّ" مشروع تسوية؟
تختلف الآراء بشأن ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية بين من يراه مرشّحاً مستحيلاً وحلماً غير قابل للتحقيق رئاسياً، ومن يراهن على أن ترسو التسوية في نهاية المطاف على شخصية تحظى تقريباً مثله بتأييد وتقدير الجميع.
لكلّ من الوجهتين تبريراتها ومسوّغاتها، لكنّ واقع الحال بدلالاته وتراكم أحداثه يجعل الاستنتاج منذ اليوم مسألة بالغة الصعوبة. إذا كان الثنائي يعترف أنّه أساء طرح ترشيح سليمان فرنجية من حيث طريقة إعلان التأييد، والمعارضة طرحت جهاد أزعور مرشّح تحدٍّ فألغت حظوظه، فهل أسلوب إخراج ترشيح قائد الجيش يزكّي حظوظه أو يضمّ اسمه إلى الاسمين السابقين ويجعل ترشيحه غير قابل للصرف لدى القوى السياسية الأساسية؟
الحرص الأميركيّ
لم يعد خافياً حرص الأميركيين على مصير قائد الجيش العماد جوزف عون. خلال زيارته استفسر الموفد الأميركي آموس هوكستين عن مصيره وعبّر عن رغبة بلاده في التمديد لولايته في موقعه إن لم يكن ترشيحه للرئاسة ممكناً. هو نفسه سأل من التقاهم في لبنان عن الأسباب التي تمنع تعديل الدستور لأجله ولم يحظَ بالإجابة الوافية على السؤالين.
يكتفي الجانب الأميركي بدعم قائد الجيش من بعيد لبعيد، وتحديداً على رأس المؤسسة العسكرية، بالاستفسار عن مستقبل قيادة الجيش وإمكانية التمديد له وتأييد الدول التي طرحت ترشيحه في اللجنة الخماسية منذ أن كانت ثلاثية وبادرت السعودية إلى طرح اسمه. هي تدفع بقوّة باتجاه تأييد ترشيحه وبرز ذلك بوضوح مع تبنّي حزب القوات اللبنانية لترشيح جوزف عون قبل أن يتراجع عنه من أجل تأييد ميشال معوّض ثمّ جهاد أزعور.
يتجنّب كلّ طرف سياسي مقاربة هذا الترشيح بجدّية. على حدّ قول مقرّبين فإنّ الكلّ يُسمعه من اللسان حلاوة بينما يحاربون وصوله، ولا سيما الموارنة من بينهم. في واقع الحال يتعاطى هؤلاء جميعاً معه على أنّه مرشّح أميركا أو ورقتها التي تستعدّ لطرحها متى آن الأوان لذلك. "لغاية اليوم ليست المسألة مسألة أسماء المرشّحين بقدر ما هي ميعاد الرئاسة الذي لم يحن أوانه بالتوقيت الدولي الإقليمي، يضع مصدر سياسي مطّلع ترشيح جوزف عون على لائحة الترشيحات لكن ليس قبل فرنجية.
موقف الثنائيّ الشيعيّ
يتعاطى الثنائي الشيعي بحذر مع فرضية ترشيح جوزف عون. يتهرّب من الإفصاح عن قبوله الترشيح أو عدمه متحصّناً خلف تأييد فرنجية، وإلّا لكان يمكن أن يكون اسمه من بين الأسماء الأقرب إلى القبول بها.
يشيد الحزب بشخص قائد الجيش وأدائه على رأس المؤسّسة العسكرية، لكن متى كان الحديث عن احتمالات تأييد ترشيحه يكون الجواب أنّ للحزب مرشّحاً وحيداً هو سليمان فرنجية. في الكواليس وفي معرض كونه مرشّحاً يحظى بتأييد الأميركيين لن يكون جوزف عون مقبولاً للرئاسة، لكنّ الجواب يصبح صعباً متى أعلنت السعودية علانية تأييدها، وخلفها دول اللجنة الخماسية.
في تصنيف الأداء سياسياً يعتبر الثنائي أنّ المؤسسة العسكرية لم تصل إلى مستوى من التبعية للأميركيين كالذي بلغته في عهد العماد جوزف عون. يكفي تصنيف كهذا ليكون الاستنتاج أنّ ترشيحه لن يُطرح على سبيل تسوية، بل الخوف أن يتحوّل إلى مرشّح تصادم فيصبح انتخابه مستحيلاً.
لا تنفي مصادر سياسية مطّلعة سعي قائد الجيش منذ فترة إلى التقرّب من الحزب سياسياً لاستمزاج موقفه وتوضيح التباسات عدّة سادت العلاقة أخيراً كانت حادثة الكحّالة الأخيرة واحدة منها. وخلال اللقاء الذي جمعه مع نائب الحزب محمد رعد تمّت مقاربة موضوع الرئاسة من دون أن ينتهي الحديث إلى أيّ موقف أبعد من بحث مصير قيادة الجيش في ظلّ الفراغ الرئاسي. في هذا اللقاء ظهر بوضوح موقف جوزف عون الذي رأى أنّ موافقة المجتمع الدولي على ترشيحه لن تجعله رئيساً إن لم يوافق الحزب. وفي العمق يعتبر قائد الجيش حسب ما ينقل زوّاره عنه أنّ رئاسته لن تكون إلا وفق تسوية توفّر له قيادة المرحلة بموافقة الجميع وضمن شروط تكفل نجاحه وإلّا فلن يقبل أن يكون رئيساً لفخامة الاسم وحسب.
لا تقتصر مشكلة الحزب تجاه جوزف عون على موقفه وحده، فحليفه التيار الوطني الحر يرفض بالمطلق هذا الترشيح ويتعاطى معه بسلبية. منذ البداية لا كيمياء تجمع رئيسه جبران باسيل بقائد الجيش، فمن لم يزكِّ وصوله إلى قيادة الجيش فحتماً لن يقبل به مرشّحاً للرئاسة. وانتخاب فرنجية أسهل على التيار من انتخاب جوزف عون. ومقولة البرنامج أهمّ من الشخص التي تسري على القبول بفرنجية لا تسري أبداً على ترشيح قائد الجيش، حسب ما تؤكّد مصادر التيار الوطني الحر. وإذا كان الحزب بوارد القبول به فسيكون أسهل له التفاهم مع القوات اللبنانية منه مع التيار.
تقول مصادر مطّلعة على موقف الحزب إنّ من السابق لأوانه حسم موضوع الرئاسة ما دام الوضع في إطار المراوحة والحوارات المفتوحة. من خلال تداول الأسماء المرشّحة يتّضح أنّ الملفّ لم تنضج معالجته خارجياً بعد. يعلّق على ما ينقل عن لسان فرنجية عن استعداده للانسحاب من أجل جوزف عون بالقول: "حديث على سبيل النكايات السياسية بينه وبين باسيل لا فعالية له. تراجع فرنجية غير مرتبط بشخصه، وحالياً لا وجود لمرشّح ثانٍ غيره، فهو وحده لا شريك له، وقائد الجيش لا فيتو عليه، لكن ليس ضمن الأولوية التي هي لفرنجية".
تتابع المصادر قولها: "انسحاب فرنجية غير وارد، واللعبة ما تزال في الخارج، والخارج غير جاهز للرئاسة بعد، وإلّا لكان انتُخب الرئيس، والتجارب أثبتت أنّ لانتخاب كلّ رئيس ظروفه وعوامل خارجية زكّت ترشيحه وفرضته. ولو كانت الدول تريد حسم الرئاسة لكان انتُخب جهاد أزعور بقوّة دفع سعودية للنواب السُّنّة".
في قراءة الحزب أنّ مسار الاتفاق على الرئيس طويل. وعلى الرغم من ذلك يرفض الحديث عن مرشّح ثالث وإن كان قائد الجيش، ويصرّ على مرشّحه إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. كلام في العلن لا يلغي أنّ كلّ الاحتمالات واردة، خاصة أنّ عقبات وصول فرنجية كثيرة.
لا يمكن للحزب أن يقبل بتسوية تبدو كأنّها تفاهم مع الأميركيين إلا إذا كانت جزءاً من تسوية أميركية إيرانية، وهذا غير حاصل حتى الآن. وإلّا صار شريكاً من خلال الموافقة على جوزف عون لأميركا دولياً وقطر إقليمياً وجعجع محلّياً. يأخذ الحزب بالاعتبار إمكانية انسحاب مفاجئ لفرنجية من المعركة، وهو ما يعني أنّه سيسرّع وتيرة التفاهم مع جبران.
ثمّة فرق بين انتخاب ميشال سليمان من خلال اتفاق الدوحة وترشيح جوزف عون، إذ كان انتخاب الأوّل بمنزلة خروج من الأزمة، بينما سيكون اختيار الثاني مؤشّراً إلى أزمة كبرى لا إلى حلّ.
يختم مراقب سياسي الجدل بالسؤال: هل يمشي الحزب الذي لا يريد خسارة فرنجية ولا جبران باسيل بخيار جوزف عون ويخسر الاثنين معاً؟ وماذا يبقى له إن فعل؟ ولمن سيبيع تنازلاً كبيراً كهذا؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|