يقول إنه لا يعمل على استهداف بري.. أيّ رسائل وجّهها بولس مسعد عبر النواب؟
الرئاسة ملفّ إقليمي متوتّر والدوحة لسحب ترشيح فرنجية...
يسابق الحراك الإقليمي والدولي احتمالات انفجار الوضع اللبناني الذي بات أسير التطورات الخارجية. ويتحرك الموفد القطري بدعم من اللقاء الخماسي توازياً مع مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي المتوقع عودته الى لبنان أواخر الشهر لطرح ما في جعبته من اقتراحات أو مخارج للحوار المعلق على وقع الخلافات على طريقته وبنوده. وعلى رغم تجدد الحركة الدولية، فإن لبنان ليس أولوية مطلقة أمام الملفات التي تتقدم على مستوى المنطقة، وإنما يبدو ملحقاً ومرتبطاً بتقدم الحلول الإقليمية على أكثر من جبهة والمتوقف على الخط السوري الذي يبدو أنه ذاهب الى مزيد من الاضطرابات في ظل أوضاع اقتصادية كارثية بدأت نتائجها السلبية تنعكس على لبنان مع تدفق النازحين والاهتزازات الامنية المتنقلة من الجنوب إلى الشمال والبقاع.
انعكس فشل اللقاء الخماسي في نيويورك على الداخل اللبناني، من دون أن يحدث هذا الفشل افتراقاً بين الدول الخمس، فحتى لو جاء لودريان وأعاد طرح ملف الحوار، أو تقدم الموفد القطري في مبادرته، فلن يكون ممكناً إحداث خرق حقيقي نحو الحل، ما لم تستو الأمور على أكثر من خط إقليمي لا يزال مضطرباً أو يحمل عناصر التوتر والانفجار معه. وبينما راهن البعض على إمكان التقدم في العلاقات السعودية-الإيرانية حول لبنان بعد الانفراجات في الملف اليمني، فإن الوقائع تؤكد أن لا تلاقي بين الرياض وطهران في ما يتعلق بلبنان، وأن هذا الملف يحمل الكثير من الخلافات، وإن لم تظهر في صياغة الاتفاق، ولا سيما أن لبنان بالنسبة إلى إيران يشكل خط مواجهة رئيسياً عبر "حزب الله" ولا تقدّم بالتالي تنازلات عن هذا الموقع، فيما لا يشكل بالنسبة إلى السعودية أولوية مطلقة، على الرغم من مواقفها حيال مواصفات الرئيس والإصلاحات والشأن السيادي اللبناني وآخرها موقف سفيرها في بيروت وليد بخاري، إضافة إلى ما تضمّنه بيان "الخماسية" قبل الأخير في الدوحة.
أمام هذا الواقع، تنطلق المحاولات الخارجية من مقاربة مختلفة، تتصدرها حركة الموفد القطري، فيما الحركة الفرنسية تستمر بهامش مختلف لا يتناقض بالمطلق مع وجهة "الخماسية"، لكنها لم تعد قادرة على التأثير أو إحداث خرق كبير، وذلك على الرغم من أن الفرنسيين يصرون على مقاربتهم انطلاقاً من أن الاتفاق على انتخاب الرئيس أو التسوية لا بد من أن يكون بالتوافق مع "حزب الله" الطرف المهيمن أو الأقوى في المعادلة اللبنانية الراهنة.
وإن كانت الحركة الخارجية لا تمارس ضغوطاً على الفرقاء تشكل رافعة للتسوية، فإن مقاربة الخماسية الجديدة تتقدم بمعزل عن الفرنسيين نحو العمل على تعديل موازين القوى الداخلية، انطلاقاً من طرح جديد يحمله القطريون، لتعزيز إمكان خلق تحالف موسع سياسي يخرق اصطفاف "الثنائي الشيعي" وحلفائه ويجمع تكتلات أخرى من الطوائف المختلفة، وذلك عبر طرح مرشح تسوية يتقدمه اسم قائد الجيش جوزف عون مع ضمانات لمرحلة ما بعد الرئيس إذا تم إنجاز الاستحقاق. لكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت بالتوازي مع حلحلة الملفات الإقليمية، فيما الصعوبة تكمن في أن تغيير موازين القوى غير ناضج سياسياً وشعبياً بفعل الاصطفافات القائمة في البيئات الطائفية التي تتصدرها الشيعية السياسية القادرة أكثر من الآخرين على التكتل، إضافة إلى الدور الإقليمي لـ"حزب الله". هذا الأمر يعيد الأمور الى النقطة التي انطلق منها الفرنسيون أو اصطدموا بواقعها وهي أنه لا يمكن التقدم بأي تسوية من دون تقديم أثمان لـ"حزب الله" تجعله قادراً في المرحلة اللاحقة على التحكم بالتركيبة الجديدة.
يطرح الموفد القطري وفق ما يجري تداوله، قائد الجيش كمرشح تسوية أو إنقاذ، وهو يستند في ذلك إلى إمكان تشكل كتل سياسية حول هذا الخيار، وذلك على الرغم من الرفض الذي يعلنه التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل. ويستند القطريون في مبادرتهم غير المعلنة أو أقله من دون تسريبات إلى دعم خارجي ظهر في الخماسية بغض النظر عن المقاربة الفرنسية المختلفة. ويكشف مصدر ديبلوماسي أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم التوجه القطري من دون إعلان، وهي شددت في اجتماع الخماسية في نيويورك على ضرورة انتخاب رئيس لا يغطي "حزب الله" ولا يأتمر بقراراته أو يتماهى معها، ويضمن الاستقرار الذي تحقق بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ويمكن أن يتقدم على الحدود البرية، إضافة إلى ضمان المرحلة التي تلي الانتخاب. كذلك تحظى المبادرة القطرية بدعم سعودي غير معلن.
تبدو الحركة القطرية أقرب إلى السرية، فلا إعلان عن نتائج الاتصالات، ولا تحديد للخطوات أو اللقاءات، بعكس تحرك لودريان المعلن. ويشير المصدر الديبلوماسي إلى أن الموفد القطري يسعى في لقاءاته إلى إقناع "الثنائي الشيعي" و"حزب الله" تحديداً بالتراجع عن سليمان فرنجية مرشحاً وحيداً، أو أقله الانفتاح على اسم جوزف عون بالتوازي مع مناقشة التسوية لضمان الاستقرار للمرحلة المقبلة وتجاوز الفراغ في المؤسسات الدستورية ووضع لبنان المقبل.
المشكلة حتى الآن هي أن الداخل اللبناني عاجز عن صوغ تسوية، فيما لا اتفاق شاملاً خارجياً على حل للمعضلة اللبنانية. يتبيّن أيضاً أن لا تفاوض بين إيران والسعودية حول لبنان، وكذلك لا تفاهمات إيرانية-أميركية حول هذا البلد ولا حتى في ملفات أخرى، إن كان الملف النووي لا يزال معلقاً. وعلى هذا تصطدم الحركة القطرية الجديدة باستعصاءات تمسّك طرف الممانعة بشروطه، فإن كانت قطر توصلت الى تسوية للإفراج عن السجناء الأميركيين في طهران مقابل تحويل الستة مليارات دولار إلى الدوحة، فإن هذا الأمر لا ينسحب على لبنان. فـ"حزب الله" لا يزال على شروطه وتمسّكه بفرنجية، وهو يقدم نفسه على أنه الأقوى والقادر بتأثيره الإقليمي على فرض أي تسوية، ويستمر بمراهنته على تغييرات خارجية لدعم خياراته. لكن الحزب رغم قوته لا يستطيع غير التعطيل ولا يمكنه في ظل التوازنات الطائفية في البلد إحداث تغيير في النظام ولا الانقلاب، وهو يريد أثماناً مقابل أي تنازلات يقدّمها في المرحلة المقبلة، بما فيها إمكان الاتفاق على قائد الجيش رئيساً.
السباق الخارجي منعاً للانفجار يستمر بلا ضغوط فعلية، في انتظار تبلور توافقات إقليمية جديدة في المنطقة، يبدو أنها قطعت شوطاً مهماً في اليمن أساساً، لكنها معلقة في سوريا التي ترحّل أزماتها إلى لبنان عبر النازحين. ويبدو وفق المصدر الديبلوماسي أن لبنان سيكون أمام أسابيع حرجة، حيث الوضع مفتوح على احتمالات عدة أمنية وسياسية، لعل أبرزها تدفق السوريين الذي يشكل عامل ضغط على لبنان، خصوصاً على المسيحيين. وهناك مخاوف من تطورات أمنية واضطرابات قد يستخدمها البعض للضغط نحو انتخاب مرشح الممانعة أو الذهاب الى تفجير الساحة اللبنانية كممرّ للتسوية...
"النهار"-ابراهيم حيدر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|